مقالات متنوعة

محمد عبدالقادر يكتب السيسي في الخرطوم ..( كفاية اللراح)!!


في العام 2015 اجريت حوارا مع فخامة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي نشر في صحيفة الراي العام التي كنت اراس تحريرها انذاك.
كان الحوار سانحة للتعرف عن قرب على الطريقة التي يفكر بها المشير السيسي في التعامل مع السودان، لم يكن هنالك ترتيب مسبق لاستنطاق الرئيس المصري لكن اللحظة فرضت نفسها عندما استبقاني عقب لقاء رافقت فيه وفدا رسميا ليجيب على اسئلتي التي دلقتها على فخامته ساخنة في ذلكم اليوم حول تعقيدات جدية تعتور مسار العلاقات بين الخرطوم والقاهرة.
فاجاني السيسي بالقول وهو يرد على استفساراتي بشأن رؤيته لمستقبل العلاقات في ظل تطورات وتعقيدات عديدة بقوله: (انا لازم ارد على كل اسئلتك لانها مهمة جدا )، قالها وهو يشير إلى رجل البرتكول الذي جاء ينبهه لانتهاء زمن اللقاء ويذكره بموعد اخر ، أن انصرف و( خلينا على راحتنا) فكانت قصة الحوار.
الواقع أن هواجس القاهرة كانت عالية تجاه الخرطوم في ذلك الوقت مع حمولات المخاوف من ما تسميه مصر بالإسلام السياسي ، كما أن السودان كان ينافح على خطوط حلايب لاسترداد حقه في الأرض ومازال ، في تلكم الأيام لخص الدبلوماسي والسياسي المصري الدكتور مصطفى الفقي طبيعة العلاقات المتارجحة بعبارة مازالت ترن في اذني ، (السودان ومصر .. اما حبايب واما حلايب).
وللحق فانني لمست في افادات المشير السيسي انذاك صدقا كبيرا ورغبة أكيدة في بناء علاقات استراتيجية تتأسس على روابط الجغرافيا وحقائق التاريخ ، اذكر انني اخترت عبارة ( كفاية اللراح)، عنوانا للحوار فقد نطقها السيسي بأسى حارق وهو يتحدث عن حلمه بعلاقات مع السودان لا تتأرجح ولا تنتكس او تتراجع.
اذكر أن اذان الظهر قطع حواري مع السيسى الذي صمت حتى اكتمل نداء الصلاة حاسرا راسه في خشوع بائن ليؤكد لي وبصدق تلكم اللحظة المباركة أن العلاقات بين مصر والسودان لن تتراجع في عهده إلى الوراء، وأنه لا مجال للاختلاف خاصة وأن ما يجمع بين البلدين من مصالح مشتركة أكبر من الخلافات والتقلبات العارضة وأنه ( بالتعاون يمكن مواجهة وتجاوز التحديات سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو أمنية أو ثقافية).
أبرز ما قاله المشير السيسي في ذلكم الحوار (أن مسيرة الاتفاقيات المشتركة بين البلدين ليست كافية إذا ما قورنت بما يربطهما من علاقات تاريخية ومصالح مشتركة) ..
عن لي أن اكتب عن هذا الحوار وفخامة الرئيس السيسي يحل ضيفا كريما على بلادنا اليوم، لنساله ابتداء عن صحة وعافية العلاقات وفق ما أعلن من تصريحات انذاك، بالتأكيد حدثت تطورات وانتكاسات لا تتناسب واستراتيجيتها بين البلدين.
يزور السيسي الخرطوم اليوم وملف سد النهضة ملتهبا لكن لا اعتقد انه هدف الزيارة الأوحد مع وجود ملفات مثل تطوير وتعزيز العلاقات الثنائية والأوضاع في المنطقة والإقليم وليبيا على وجه التحديد إلى جانب أمن البحر الأحمر والتطورات السياسية في السودان .
الواقع أن السيسي سيزور الخرطوم واريحيته أكثر طلاقة بعد التغيير الذي شهدته البلاد ، ابتعد شبح الهواجس المصرية عن طريق العلاقات الثنائية، سيحل الرجل ضيفا والاسلاميون الذين طالما حاربهم في السجون ، والقوى المدنية التي قادت التفيير علي خط الوفاء مع حلفاء مصر على الصعيدين الإقليمي والدولي، اذن فالوضع يبدو مختلفا عن زيارات السيسي السابقة.
قد تبدو هذه الظروف ملائمة لانجاح زيارة ترقبناها طويلاً نظراً لأهمية مصر التي نعلم ، ولكن بالرغم من ذلك ستنهض اسئلة عديدة في مواجهة الزيارة ذات صلة بالخريطة المصرية للاتحاد الأفريقي التي ضمت حلايب ومستقبل العلاقات بين البلدين على ضوء كثير من المستجدات ابرزها تطورات سد النهضة والأوضاع على الحدود مع الجارة إثيوبيا .
نتمني أن تفضي الزيارة إلى تحقيق التكامل المنتظر بين الشعبين السوداني والمصري وأن تؤسس لقاعدة ومشروعات استراتيجية تحصنها من امزجة الحاكمين والخلافات العابرة وأن تنتهي بتفاهمات تحقق الأمن في وادي النيل وكل الإقليم وتدفع بمرحلة الانتقال التي يعايشها السودان، نستقبل المشير السيسي ونذكره بعبارته (كفاية اللراح) وهو يزور الخرطوم اليوم فمرحباً به.

صحيفة السوداني