طب وصحة

هل يمكن أن يصبح فيروس كورونا المستجد المسبب لمرض كوفيد-19 فيروسا موسميا شائعا تماما مثل الزكام؟


هل يمكن أن يصبح فيروس كورونا المستجد المسبب لمرض كوفيد-19 فيروسا موسميا شائعا تماما مثل الزكام؟ وهل بات تطوير عقار يؤخذ عن طريق الفم قريبا؟ وهل الكمامات آمنة للاستخدام أثناء ممارسة التمارين الرياضية المكثفة؟ الأجوبة هنا. نبدأ من فرنسا حيث أعلن عالم الفيروسات وعضو المجلس العلمي الفرنسي برونو لينا على موقع “فرانس إنفو” (France Info) أن مناعة “ما بعد العدوى وما بعد التطعيم” بدأت في التأثير على مسار انتشار فيروس كوفيد-19، موضحا أن الفيروس في حاجة إلى التكيف والتطور حتى يواصل الاستمرار في الانتشار. ويرى برونو لينا أن ظهور سلالات جديدة قد يكون دليلا على أن “الفيروس أنهى تطوره، وأننا نقترب الآن من مرحلة نهاية الجائحة والدخول في مرحلة الانتشار الضيق للفيروس”.

وفي هذا التقرير الذي نشرته صحيفة “لوفيغارو” (Le Figaro) الفرنسية، نقلت لورا أندريو عن عالم الفيروسات أن بلوغ “كوفيد-19 أقصى إمكاناته التطورية يعني أنه سيصبح من الفيروسات الموسمية التي ستسبب نزلات البرد أو الالتهابات غير الشديدة”.

فهل يمكن أن يصبح كوفيد-19 فيروسا موسميا شائعا تماما مثل الزكام؟ وذكر ميرداد كازانجي عالم الفيروسات ومدير معهد باستور في غيانا، أن “الفيروسات من نوع الحمض النووي الريبوزي مثل فيروس كورونا أو الإيدز أو الأنفلونزا، لديها القدرة على التحور بشكل كبير. ولكن بعد مرور أكثر من عام على ظهور الفيروس، وبعد إصابة أكثر من مئة مليون شخص به لم نسجل سوى 3 سلالات متحورة جديدة، مما يعني أن قدرته على التطور منخفضة. لهذا السبب، يمكن التفاؤل بأن الفيروس سيفقد قدرته على التطور بمرور الوقت”.

مع ذلك، يرى عالم الأوبئة أنطوان فلاهو من معهد الصحة العالمية بجامعة جنيف أنه من المبكر التنبؤ بأي شيء فيما يتعلق بتطور هذا الوباء، وهو يعمل مع فريقه على تقديم توقعات يومية حول كوفيد-19 في سائر العالم لمدة لا تتجاوز 7 أيام، نظرا لغياب نموذج يسمح بتوفير توقعات موثوقة طويلة الأجل اليوم. ووفقا لفلاهو، فإن الفرضية التي قدمها برونو لينا تعد من بين السيناريوهات المحتملة.

من جهته، يرى مدير الأبحاث في معهد الصحة والبحوث الطبية بفرنسا كامي لوشت أن هذه الفرضية تخضع لعدة شروط، “فإذا أطلقنا حملة تلقيح جيدة وفعالة للغاية تمنع انتقال الفيروس، لا الأشكال الحادة منه فقط، وإذا تم تطعيم شريحة كبيرة من السكان، قد لا يعود الفيروس مرة أخرى بالقوة نفسها. لكن في الوقت الحالي ليس لدينا بيانات كافية لمعرفة ما إذا كانت هذه اللقاحات فعالة لوقف انتشار الفيروس ومنع انتقاله”.

وذكر الأستاذ في علم الأوبئة وتطور الأمراض المعدية بجامعة مونبلييه (University of Montpellier) الفرنسية ميرتشا سوفونيا أن “دراسة حديثة أظهرت أنه من الممكن أن يصبح كوفيد-19 مرضا متوطنا له تأثير أقل على الصحة إذا لم تتجاوز المتغيرات الجديدة المناعة”. وبحسب موقع الجزيرة نت ،أشار الباحث الأميركي كريستوفر جيه إل موراي من جامعة واشنطن، في مقال له، إلى أنه من غير الواضح ما إذا كان فيروس كوفيد-19 سيصبح مرضا موسميا مزمنا. هذا إلى جانب وجود شكوك كبيرة بشأن احتمال ظهور ومدى تواتر سلالات جديدة، وانخفاض فعالية اللقاحات في مواجهتها، والمسألة الحاسمة المتمثلة في المناعة المتقاطعة والسلوكيات البشرية الآمنة.

ومن الضروري الاستعداد لهذا الاحتمال لأن تحوّل كوفيد-19 إلى فيروس موسمي يتطلب تغيير النظام الصحي وتعديلا ثقافيا عميقا لحياة الأشخاص المعرضين لخطر كبير خلال فصل الشتاء. هل بات تطوير عقار يؤخذ عن طريق الفم قريبا؟ ننتقل إلى ألمانيا حيث أعلنت شركة الأدوية الألمانية العملاقة “ميرك” (Merck) والمختبر الأميركي ريدجباك بايو (Ridgeback Bio) إحراز تقدم في تطوير دواء مضاد لكوفيد-19 يؤخذ عن طريق الفم، وقد أظهر العقار الذي ما زال قيد التجربة آثارا إيجابية في تخفيف الحمولة الفيروسية، وفقا لما نشر موقع دويتشه فيلله. واسم العقار “مولنوبيرافير” (molnupiravir)، وخلال اجتماع السبت الماضي مع متخصصين في الأمراض المعدية، أشار مطورو الدواء إلى أن العقار قلل إلى حد كبير من الحمولة الفيروسية لدى المرضى بعد 5 أيام من العلاج.

وفي هذا السياق قالت ويندي بينتر كبيرة مسؤولي الأدوية في ريدجباك بايو، في بيان، إن: هناك حاجة للعلاجات المضادة لـ”سارس-كوف-2″ (الاسم العلمي لفيروس كورونا) لم تتم تلبيتها. هذه النتائج الأولية تشجعنا.

وعن ويليام فيشر، وهو أحد مديري الدراسة وأستاذ الطب في جامعة كارولينا الشمالية (The University of North Carolina) أن “نتائج الدراسة، التي تتمثل في انخفاض سريع في الحمل الفيروسي لدى الأفراد المصابين بكوفيد-19 في المرحلة الأولية الذين تلقوا عقار مولنوبيرافير، تعد واعدة”. ويضيف فيشر “إذا وقع تعزيز النتائج عن طريق إجراء دراسات إضافية، فقد يكون لذلك تأثيرات مهمة على مستوى الصحة العامة، لا سيما في ظل استمرار الفيروس في الانتشار والتطور في جميع أنحاء العالم”.

كما تعمل ميرك على علاج يسمى “إم كاي-711” (MK-711). وقالت المجموعة نهاية يناير/كانون الثاني الماضي إن النتائج الأولى للتجارب السريرية تظهر انخفاضا بأكثر من 50% في خطر الوفاة أو فشل الجهاز التنفسي لدى المرضى في المستشفيات المصابين بأشكال متوسطة إلى شديدة من فيروس كورونا المستجد.

هل الكمامات آمنة للاستخدام أثناء ممارسة التمارين الرياضية المكثفة؟ تشير نتائج أولية لأبحاث إلى أنه يمكن ارتداء أقنعة الوجه بأمان أثناء ممارسة التمارين الرياضية المكثفة، حيث يمكنها أن تقلل من خطر انتشار كوفيد-19 في الصالات الرياضية الداخلية. وقالت الكاتبة فيبي ويستون، في تقرير، إن علماء من مركز مونزينو لأمراض القلب في ميلانو وجامعة ميلانو اختبروا معدل التنفس ومعدل ضربات القلب وضغط الدم ومستويات الأكسجين لستة نساء ورجال على دراجات رياضية، بعضهم يرتدي أقنعة الوجه والبعض الآخر لا يرتديها.

ووفقا لورقة البحث المنشورة في “المجلة الأوروبية للجهاز التنفسي”، قلل ارتداء قناع الوجه من قدرة المشاركين على أداء التمارين القوية بنحو 10%، حيث من المرجح أنهم وجدوا صعوبة طفيفة في التنفس من خلاله. في هذا الصدد، قال الدكتور ماسيمو مابيلي، طبيب القلب في مركز مونزينو لأمراض القلب، “يعد هذا الانخفاض متواضعا، والأهم من ذلك أنه لا يشير إلى وجود خطر على الأشخاص الأصحاء الذين يمارسون التمارين الرياضية أثناء ارتداء قناع الوجه حتى عندما يتدربون بأقصى طاقتهم. وبينما ننتظر تلقيح المزيد من الأشخاص ضد فيروس كوفيد-19، يمكن أن يكون لهذه النتيجة آثار عملية في الحياة اليومية على غرار جعل فتح صالات الرياضية الداخلية أكثر أمانا”.

ونقل الكاتب ما جاء على لسان العلماء الذين أفادوا بأنه ينبغي إجراء المزيد من الأبحاث لمعرفة ما إذا كان الأمر نفسه ينطبق على الأشخاص الذين يعانون من أمراض القلب أو الرئة. وفي الواقع قام المتطوعون، المكونون من أفراد أصحاء يبلغ متوسط سنهم الأربعين، بثلاث جولات من التمارين، واحدة دون قناع وجه، والأخرى بقناع جراحي يستخدم مرة واحدة، والجولة الأخيرة بقناع “إف إف بي2” (FFB2).

وقال الباحثون إن قناع “إف إف بي2” الأكثر سمكا أدى إلى انخفاض بنسبة 10% في ذروة امتصاص الأكسجين، بالتالي كان للقناع الجراحي تأثير أقل بشكل هامشي. ويدرس الباحثون ما إذا كان ارتداء قناع الوجه يؤثر على قدرة الأشخاص على القيام بالأنشطة اليومية مثل الأعمال المنزلية أو صعود السلالم، حيث يفحصون الأشخاص الأصحاء، بالإضافة إلى الأشخاص الذين يعانون من أمراض القلب والرئة. وقال البروفيسور سام بيات، العالم الفسيولوجي من المستشفى الجامعي في غرونوبل (Grenoble)، والذي لم يشارك في البحث، “على الرغم من أن هذه النتائج أولية وتحتاج إلى تأكيد مع مجموعات أكبر من الناس، فإنه يبدو أنها تشير إلى أنه يمكن ارتداء أقنعة الوجه بأمان أثناء ممارسة الرياضات الداخلية وأنشطة اللياقة البدنية، مع وجود تأثير مقبول على الأداء”.

الخرطوم(كوش نيوز)