مقالات متنوعة

سليمان الماحي يكتب: حوافز المغتربين.. بلا طعم ورائحة

أخيراً تذكرت حكومة الفترة الإنتقالية برئاسة د. عبدالله حمدوك أبناء الوطن المغتربين عبر إصدارها ما قالت أنها مجموعة من الحوافز التشجيعية استجابةً لمطالب ظل ينادي بها المغتربون أنفسهم لسنوات عديدة وقد تضمنت مزايا تدعم استقرارهم عند العودة النهائية للوطن وتحقق طموحات أسرهم وتمسح عنهم مصاعب الإغتراب وتزيل ما لحق بهم من مظالم الحكومات المتعاقبة بينما حكومة الفترة الإنتقالية مقعدها من وراء حوافزها فتح شهية المغتربين لتحويل مدخراتهم بعيداً عن السوق السوداء وتلك محاولة لو نجحت وجاءت بمدخرات المغتربين التي تساوي مليارات الدولارات إلى بنك السودان فإن الإقتصاد الوطني يكون قد تماثل العافية من متاعبه المزمنة الشائكة التي ما أنفكت تلازمه سنين عددا ومن أبرز الأعراض تدهور العملة الوطنية ( الجنيه ) مقابل الدولار الأمريكي وما تبع ذلك من ظاهرة الغلاء وشح الإمكانيات وإنعدام الخدمات الضرورية . وقبل ذلك كان المغتربون العاملون بالخارج على موعد مع العديد من الإجراءات التي فرضها نظام مايو بغية جذب مدخراتهم القليلة أصلاً إلى داخل الوطن عبر البنوك الرسمية ففي البدء تم الإعلان عن ( ضريبة المغتربين ) في عام 1981 م و من بعد ذلك وتحديداً في عام 1986م وجد المغتربون أنفسهم يتعاملون مع ( المساهمة الوطنية الإلزامية ) وأما في عام 1993م فقد أصدرت الحكومة قانون (رعاية شؤون السودانيين العاملين بالخارج ) و في عام1998م صدر قانون ( تنظيم شؤون السودانيين العاملين بالخارج ) وهو القانون الذي ضاعف من السيطرة على مدخرات المغتربين ومنعها من المرور عبر السوق السوداء عندما ربط تأشيرة الخروج من الوطن وأيضاً تجديد جواز السفر بسداد المغترب للإلتزامات الضريبية والرسوم . صحيح أن المغتربين السودانيين الذين غادروا وطنهم يوماً مجبرين بظروف تتراوح بين الأسرية و الإقتصادية والسياسية ولكن الصحيح أيضاً هو أينما حط هؤلاء رحلهم خارج السودان فهم يتأبطون هموم وطنهم وإحتياجات أهلهم وتعكس سيرة إغترابهم تعاملهم المسؤول مع تلك كدين واجب السداد سيما المصاعب المتعلقة بالإقتصاد ولم تمنعهم عن ذلك مشاغلهم الشخصية المثقلة بكثير من الهموم والطموحات الشخصية والمسؤوليات الأسرية . ومن الواضح أن المغترب السوداني لا يزال مشحوناً بعدم الثقة تجاه كل ما يرد إليه من الحكومة وبخاصة ما يتعلق بالحوافز التشجيعه كالتي أعلنت عنها حكومة الفترة الإنتقالية مؤخراً لإنقاذ الإقتصاد وعدم الثقة مرده إلى التجارب السابقة التي كانت جميعها فاشلة بل بعضها كان ضرباً من الغش الذي وقع فيه العديد من المغتربين عندما باعت لهم الدولة أراض سكنية أو مشاريع استثمارية إذ أتضح لهم فيما بعد هي مجرد حوافز وهمية لا وجود لها ولا أمل في الاستفادة منها على الأقل في القريب العاجل ويأتي قرار تحويل مدخرات المغتربين عبر البنوك الرسمية وما صاحبها من إخفاق في تعامل البنوك مع تحويلات المغتربين دليلاً مقنعاً على ما يتعرض له المغترب من المعاناة نتيجة قرارات الحكومة . والمطلوب زرع الثقة في نفوس المغتربين عبر توفير جملة إغراءات مقنعة تبدأ بأسعار مجزية لتحويل المدخرات و سهولة سحبها ويضاف إلى ذلك منح حوافز مغرية مثل أراض سكنية وتجارية بنفس الأسعار المحلية ويضاف إلى ذلك كل ما يحتاج إليه المغترب مثل إدخال سيارة ومعدات صناعية وسكينة تكون معفاة بنسبة 100% من الرسوم الجمركية .

صحيفة الانتباهة