مقالات متنوعة

أسماء جمعة تكتب إعادة بناء علاقة السودان بمصر

كثيرا ما توترت العلاقات بين مصر والسودان لأسباب مختلفة، وكلما حدث توتر انبرى كل من الشعبين لمناصرة دولته بالحق أو بالباطل ويصل الأمر أحيانا إلى المطالبة بقطع العلاقات، الشعب السوداني دائما هو الأكثر حماسا لقطع هذه العلاقة التي يرى أنها دائما تأتي خصما على السودان وهو غير مستفيد من مصر مثلما هي مستفيدة منه وقد تعودت أن تستغل أزماته المستمرة وحكوماته الضعيفة وأوضاعه السياسية والاقتصادية غير المستقرة لصالحها، كما أنها لا تحترم سيادته بدليل أنها احتلت أراضيه عام 1995 لمعاقبة النظام المخلوع على جريمة محاول اغتيال حسني مبارك بدلا من أن تقاضيه بالقانون، ورغم بشاعة الجرم إلا أن التعويض الذي أخذته أكبر بكثير، كما أن مصر لديها صورة نمطية عن السودان تصر على الاحتفاظ بها وترسيخها في عقول شعبها والعالم عبر إعلامها الذي يجيد الهجوم على السودان عند الضرورة ، وفي ظل كل هذا ظلت الحكومات السودانية متساهلة تعالج المشاكل مع مصر بالمجاملة لدرجة الركوع رافعة شعار الأخوة، ولذلك ظل الشعب السوداني غير مرتاح لهذه العلاقة التي أصبحت تحتاج الى إعادة بناء بشكل جديد وعلى أسس متينة.
الحقيقة تصرف مصر لم يأت من فراغ وإنما بسبب ضعف الحكومات السودانية التي تتنازل دائما عن حقوق السودان وعن مكانته بشكل مهين وترتكب أخطاء لا تغتفر فيدفع ثمنها الشعب، وهي من منحت مصر الفرصة وقدمتها لها في طبق من ذهب ومصر لن تضيعها طبعا، وكانت البداية باتفاقيات مياه النيل المجحفة التي تنازل فيها السودان عن الكثير وضحى تضحية غير مبررة لبناء السد العالي الذي خسر السودان أرضا وتاريخا وأورثه حزنا ما زال يعتصر أهل مدينة حلفا التي ضحى بها بلا مقابل للسودان، هذا غير المشاكل التي خلفتها هذه الاتفاقيات للسودان والتي سترافقه مدى الحياة إن لم يتحرك الآن ويعيد بناء علاقته مع مصر، ولكن ليس بمطالبة مصر بالتوقف عن استغلال السودان واستضعافه، ولا بمنعها من الفرص المجانية أو الرخيصة التي توفرت لها بسبب أوضاعه، وإنما يحتاج الى تحرك السودان في الاتجاه الذي يجعله دولة قوية تتعامل مع كل الدول كتفا بكتف وتعيد للوطن والشعب كرامته المهدرة، وهذا ليس من أجل مصر فقط بل وكل الدول المجاورة التي أصبحت تستضعف السودان وتحتل أراضيه وتطالبه بالسكوت.
علاقة مصر مع السودان يجب أن تعتمد على حسن الجوار واحترام الحقوق والسيادة ومراعاة المصالح المشتركة والمتبادلة، ويجب أن تتحاسب الدولتان على الصغيرة والكبيرة وتفتح الدفاتر القديمة لمناقشة كل المسكوت عنه في ظل الحكومات السابقة كما قال السيد رئيس الوزراء عند زيارته لمصر قبل أيام، وأهم مافيه احتلال مصر لمثلت لحلايب، واتفاقيات مياه النيل ثم بقية القضايا، وعلى الحكومة السودانية أن تتعامل مع مصر من منطلق أن السودان دولة عظيمة وأمامها فرص كبيرة جدا وإمكانات لإعادة بناء علاقتها على أسس جديدة ليس مع مصر بل كل دول الجوار والقارة الإفريقية والوطن العربي والخروج من ورطة سودان النظام البائد الذي جعله دولة بلا وزن.

صحيفة السوداني