تحقيقات وتقارير

الصراعات القبلية فى دارفور … الحريق مستمر !!

أصبح السلاح إحدى لغات التفاهم بدارفور بعد أن ساد منطق القوة وتلاشت قوة المنطق بسبب نشاط الحركات المسلحة المتعددة بتعدد الأثنيات – بجانب سهولة الحصول على السلاح المتدفق للأقليم للإضطرابات والتوترات الأمنية للدول المتاخمة مع حدود دارفور وترتب ذلك على تداعيات خطيرة بالتهاب جذوة الصراعات القبلية لأبسط الأسباب .. أكثر من منبر وضع مشكلة الصراعات القبلية بدارفور على طاولة التطبيب ولكن لم تجد توصياتها أرضاً لإنزالها حسب بعض المتحدثين فى ورشة مركز دراسات المجتمع بديوان الحكم الإتحادى الإثنين الماضى التى جاءت بعنوان ،، الصراعات بين قبائل دارفور وآليات الصلح القبلى – قدمت خلالها أوراق أبرزت أسباب النزاعات القبلية وعوامل تزايد وتيرتها فى الـ «3» سنوات الأخيرة : وتحديد مواضع الجرح فيها لعلاجها حيث جاءت ورقة فؤاد عيد بعنوان « النزاعات القبلية وآليات الصلح القبلى» وقف خلالها على التركيبة القبلية بدارفور وتطور النزاعات الفردية إلى صراعات قبلية. وقد ساعد على إرتفاع وتيرتها سهولة الحصول على السلاح الذى بات يتدفق بشكل كبير عبر الحدود من تشاد وأفريقيا الوسطى.
وقال فؤاد بأن الإدارة الأهلية كانت حاجزاً منيعاً يحول دون تفاقم النزاعات القبلية وتسيطر على المشكلة القبلية، فجاء حل الإدارة الأهلية فى مطلع السبعينيات مما أدى إلى إنفلات عقد الأمن وضياع هيبة القانون، وقد وظف هذا الإختلال توظيفاً سياسياً عندما إستخدمه البعض أداة من أدوات الصراع على السلطة على المستويين المحلى والمركزى. وطرحت الورقة جملة من الحلول، وأوجزت فى إيجاد آليات لفض النزاعات واقتلاع جذورها من خلال تحقيق التوازن المطلوب التى يكفلها العرف والسوالف القبلية – وإعادة الإدارة الأهلية بقانون يحدد سلطاتها وصلاحياتها ودعمها بالمعينات اللازمة. ودعم الأجهزة الأمنية لتمكينها من إحتواء النزاعات بالسرعة والكفاءة لتقليل الإفرازات. فيما جاءت ورقة الأستاذ داؤود محمد جبير الأستاذ بجامعة الخرطوم بعنوان «الصراع العربى – العربى بجنوب دارفور» الذى طفا على السطح بصورة جاهرة فى العام 2006م بين قبائل الهبانية – والرزيقات – والفلاتة والسلامات تطرق خلالها إلى حداثة الصراع العربى – العربى ومسبباتها حيث أن هذه النزاعات قديمة قدم المنطقة بدارفور، ولكن الجديد فى تجدد مسبباتها – أهمها الإضطرابات الأمنية ومساهمة الحركات المسلحة فى حصول القبائل على السلاح بسهولة. وغياب هيبة الدولة الذى ساعد فى تسارع وتيرة الصراعات. وقدمت الورقة عدداً من الحلول. أولها فرض هيبة الدولة وتقنين حمل السلاح تمهيداً لجمعه والعمل على تنمية المنطقة ومراجعة بناء الإدارات الأهلية. وفى مداخلة لرئيس إتحاد رعاة السودان د. آدم دروسة حذر فيها من سقوط المجتمع السودانى في الهاوية بعد إنحداره لعدة أسباب منها ميول المجتمع نحو القبلية وخروجه من الإطار التقليدى الذى كان يتمثل فى ولائه للحزب أو الفكر. وأضاف بأن إجتياز هذه المرحلة يستدعى فعالية المشاركة الرسمية والشعبية. خاصة بمناطق التماس بين القبائل التى يمكنها أن تكون نقطة إلتقاء حميدة .. أو نقطة صراع خبيث، ويجب أن تولى الدولة رعاية خاصة لهذه المناطق . ودعا إلى إنشاء نقاط لإحتياطى مركزى فى مناطق الصراعات مدّرب على إطفاء النزاعات القبلية . وطالب أجهزة الإعلام معالجتها بصورة إيجابية والتوقف عن صب الزيت على النار، وقال دروسة بأن دولة تشاد لها المصلحة فى تأجيج الصراعات فى أقليم دارفور لضمان إستمرارية النظام هناك. لأن إستقرار دارفور يعنى حصول المعارضة التشادية على أرض خصبة للإستيلاء على السلطة .
فيما تحدث الفريق شرطة الطيب عبد الرحمن مختار عن أن أسباب إستمرارية النزاعات القبلية فى دارفور ترجع إلى عدم الجدية فى إنزال توصيات مؤتمرات الصلح إلى أرض الواقع بجانب هشاشتها. وأضاف بأن المؤتمرات والإتفاقات التى عقدت ليست إلا مضيعة للوقت وإهداراً للمال لأنها كانت تفتقر الأساسيات التى تتمثل فى تكوين لجان تسبقه جولة الإتفاقات مثل لجان تهدئة الخواطر وتقصى الحقائق ومعاقبة الجناة ولجنة أجاويد وتسوية التعويضات . فضلاً عن أن التوصيات التى خرج بها أكثر من «150» مؤتمراً وورشة ولقاءات لم تُنفذ منها توصية واحدة.

نبيل صالح :الراي العام