أحمد يوسف التاي يكتب: هل سمعت بهذا يا حمدوك؟
(1)
إذا أرخيتَ سمعك للمارة، وإذا خرجت من المسجد بعد صلاةٍ، وإذا غشيتَ مجلساً في الحي ، وإذا غدوت من أهلك لبعض أعمالك لا شك أنك ستسمع قصصاً وروايات عن حالات السطو والنهب والسرقة في الطرقات والأسواق والمنازل … قصصاً ما سمعنا بها إلا في أفلام الرعب و»الآكشن» من تلك التي تجعلك تتسمر في مقامك من سوء ما فيها…
الآن في الخرطوم لا حديث في تلك المجالس إلا تداوُل حكايات الجرائم والسطو والنهب التي تصاعدت بصورة لم يسبق لها مثيل في ظل غياب تام للدولة وسيادة القانون وهيبة السلطة، بينما يتناقر ويتنافر رجال الدولة بحديث المحاصصات وقسمة «السحت» ومستحقات ومخصصات لا يؤدون حقها..
(2)
صفحات القضايا والحوادث بالصحف اليومية ومحاضر الشرطة كلها تنبيك عن شرٍّ مستطير يوشك أن يأخذ بتلابيب الجميع على نحو يجعلك تضع يدك على قلبك حتى يعود أبناؤك من مدارسهم فلا تأمن عليهم طريقهم إلى المدرسة والعودة منها، وإذا أصبحت وأنت آمنٌ في سربك فلا تأمن ما يخبئه القدر لك ولأسرتك في المساء… الآن وبكل صراحة قد انعدم الأمنُ والأمان ولعله أمر مقصود ومدبرٌ له ، حتى يُساق الناسُ مرغمين إلى الاحتماء بمن يمتلك القوة والسطوة ويؤمن الناس في منازلهم وأماكن عملهم ومدارس أبنائهم، وإلا فكيف تعجز الدولة عن توفير الأمن لمواطنيها فما وظيفة الدولةُ إذن إن لم تطعم شعبها من جوعٍ وتؤمنه من خوف ، وكيف تستحق هذه الدولة استحقاقات الضرائب والرسوم، وكيف تسمي نفسها دولة وتصرف على وزرائها وقادة جندها وشرطتها الرواتب من دافع الضريبة الذي تضعه الدولة فريسة لقطاع الطرق واللصوص من فرط إهمالها وتفريطها وغفلتها، بالله عليكم كيف استوفى هؤلاء رواتبهم ودافع رواتبهم لا يأمن على نفسه ولا أهله …
(3)
لا مِراءَ عندي ولا جِدال في أن ما اغرى اللصوص «الصغار» و»الكبار» إلا غياب سيادة القانون وهيبة الدولة وهو غياب استطال ليله الحالك على النحو الذي دفع البعض في مواقع التواصل الاجتماعي إلى مطالبة الدولة بالتصريح للمواطنين بحمل السلاح بكل أنواعه لحماية أنفسهم وأهليهم طالما أن الدولة بدت أمام أنظارهم عاجزةً مشلولةً في ظل السيول العارمة من حوادث السطو والقتل وترويع الآمنين في منازلهم…
(4)
من أهم وظائف الدولة هي توفير الأمن والأمان لمواطنيها ، فالأمن مقدمٌ على غيره من وظائف الدولة وإذا هي عجزت عنه فهي على ما سواه أعجزُ… الأمن مُقدمٌ حتى على توفير الخبز، وعلى الحريات وعلى جميع الخدمات من صحة وتعليم وكهرباء وماء…
وفوق كل هذا فإن المطلوب هو إلغاء القانون الإنجليزي الهندي المعمول به الآن والذي يحمي اللصوص ويحفزهم على السرقة والسطو على منازل الآمنين، فإذا ظفرت بالمجرم فلا تأذيه ولا تبسط إليه يدك بسوء حتى يخرج من بيتك إلى قسم الشرطة، وبعدها الله أعلم بما يحدث له هناك.. .. اللهم هذا قسمي فيما أملك..
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق انه يراك في كل حين.
صحيفة الانتباهة