أيوب صديق يكتب: أنـــا وأقوالهم عما قلتُ ( 2-3)
كنتُ أود أن يكون هذا المقال هو الثاني والأخير، في استعراضي للمقالات التي عقب أصحابها على مقالي الذي نشرته لي هذه الصحيفة الغراء بعنوان:(يسعون إلى إقصاء خصومهم من المنظمات الدولية وليذهب السودان إلى الجحيم) الذي علقتُ فيه على مقال كتبه أحد الإخوة السودانيين العاملين في إحدى المؤسسات الدولية، عن سعي الدكتور عبد الله حمدوك رئيس الوزراء، إلى إقصاء أربعة من ممثلي السودان في منظمات دولية وإقليمية من مناصبهم، تنفيذاً لأمر الحزب الشيوعي. إلا أن مقالي هذا سيكون المقال قبل الأخير، لأنني سأقف فيه بالتفنيد لمقال كتبه عني الدكتور مرتضى الغالي بعنوان (عيون في الغربة بكاية) يعقب فيه على ذلك المقال كما عقب عليه آخرون، بيد أن مرتضى الغالي لم يتناول محتويات المقال بالتفنيد وإظهار أي خطأ لي فيما كتبتُ، وإنما جعل من مقاله هجوماً شخصياً عليَّ، مستحلاً في سبيل ذلك صُراحَ كذبِ تحراه دون وازع من نفس.
كما يذكر السادةُ القراء أن ذلك المقال الذي كان مجال تعليقي على محتوياته، قال كاتبه نصاً:(كسوداني لن يهمني من يحكم السودان، وكنت أضع آمالاً عريضة على التغيير الضخم الذي حدث في السودان، وأنه سيكون مناسبة وطنية تلم الجميع لتنهض بالبلد). ثم مضى يقول:(ظللتُ منذ سنتين أتابع كلما يحدث في السودان بدقة، وكل السودان يعرف ما وصلنا إليه من ترد. ولكن أربعة حوادث لها علاقة بوجود السودان في المنظمات الدولية، مجال عملي، وفي مناصب غير مسبوقة في تاريخه، لفتت إنتباهي لقمة جليد مصيبتنا في السودان). فعدد الكاتب تلك الحوادث الأربعة المتمثلة كما ذكرتُ آنفاً،في محاولة إقصاء أربعة من مندوبي السودان من مناصبهم في المؤسسات الدولية بأمر الحزب الشيوعي .والشخصيات الأربع التي سعى الدكتور حمدوك إلى إقصائها من مناصبها هي: السيدة أميرة الفاضل، مفوضة الشؤون الإجتماعية في الاإتحاد الإفريقي،والدكتور مصطفى عثمان إسماعيل كبير مستشاري رئيس منظمة الصحة العالمية، والسيد كمال حسن على مساعد الأمين العام للجامعة العربية،وإقالة أو عدم التمديد للدكتور الدخيرى، المدير العام للمنظمة العربية للتنمية الزراعية في الجامعة العربية. وحجة الدكتور حمدوك وفريقه أن السودان ليس حريصاً على تلك المناصب!!
لقد أغضب تعليقي على ذلك المقال الدكتور مرتضى الغالي، لأنه ربما مس نفراً من قبيله، حيث بدأ مقاله قائلاً: (كتب الإعلامي أيوب صديق مقالاً طويلاً ننصح بقراءته للتسلية.. لأنه مقال سقيم وطويل.. ولكن يجب أخذ العبرة من إعلام الإنقاذ وتناغم هجماته في توقيتات بعينها من الإتباع خارج السودان وداخله..! والمقال عبارة عن مطاعن في الحكومة الإنتقالية والثورة عن (طريق لفة الكلاكلة) دفاعاً عن مصطفى عثمان إسماعيل، و(المليشياوي) كمال حسن على والسيدة التي رشحتها الإنقاذ في معقد السودان في الإتحاد الإفريقي) ثم قال إنه لم يكن هناك كاتب للمقال وإنما أنا الذي كتبته وذلك في قوله: (إنه يستقي معلوماته من (أخ سوداني خبير) ولعله يقصد نفسه! ثم يحيلنا إلى (هترشات) وحكاوي (بايرة) غير قابلة للتداول ..! منها عن موسى فكي رئيس مفوضية الإتحاد الإفريقي وهو من الجارة تشاد وننبه هنا إلى أخذ الحذر من هذا الموسى الذي استولى على إعجاب صاحب المقال وأخيه الوهمي).
أولاً فقد كذب مرضى الغالي هنا بظنه المريض بأني أنا كاتب المقال، ولم استق معلوماتي من أي شخص، فأقول له إن كاتب المقال هو(الأستاذ حامد النعيم جماع)الذي يعمل في إحدى المنظمات الدولية.وكان مقال الأستاذ جماع مبذولاً في وسائل النشر، وإطلع عليه كثير من الناس، وأنا من أولئك الذين إطلعوا عليه،وتناولتُ بالتعليق محتوياته الصادمة.وحتى لو أتطلع مرتضى عليه في أصله، لجحد ما جاء فيه وإن استيقنته نفسه كما يفعل جاحد كل حق، وذلك تصديقا لقول الله تعالى:»وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً …..(14النمل)إذ هو يستنكر استهجان كاتب المقال لسلوك ذلك النفر من الناس،الذين هم عند مرتضى فوق الحق كما يضعون هم أنفسهم في مكانة فوقه. ولم يجد ما ينفي به ذلك السلوك عن ذلك النفر، إلا بالهتر الرخيص على شخصي، وما كان هترُ القول ساند حجة لمحتج.
قال مرتضى كاذباً للمرة الثانية:(إنني جعلتُ من حمدوك رهينة لإحسان وفضائل (مندوبة التمكين) في الإتحاد الإفريقي يطلب وساطتها لتعريفه بقادة الإنقاذ ورفع جهله بعمل المنظمات الدولية) لقد كذب والله مرتضى هنا أيضاً للمرة الثالثة،إذ الذي قلتُه هو ما قاله موسى فكي لحمدوك: إنهم لم يعرفوه إلا في بيت أميرة، مستهجناً طلبه منه بعد توليه رئاسة الوزارة مباشرةً إقالتها من منصبها!! وحُق للسيد موسى فكي أن يستهجن ما طلبه منه حمدوك، حيث سأل حمدوك سؤالاً استنكارياً إن كان حقاً يعني ما يقول؟ إذ رأى السيد موسى في ذلك طلباً أبعد ما يكون عن المروءة ومسلك الكرام من الناس، دعك عن أي شيء آخر من الخُلق، إذ حمدوك وأسرته كانا صديقي أسرة للسيدة أميرة.وكذب ثم كذب مرتضى هنا للمرة الرابعة إذ قال إنني قلتُ (إن حمدوك طلب من مندوبة التمكين تعريفه بقادة الإنقاذ). والقول هنا ليس لي وإنما للسيد جماع كاتب المقال، حيث قال إن حمدوك عرف عدداً من قادة لإنقاذ في بيت السيد أميرة. وكذب مرتضى مرة أخرى هنا للمرة الخامسة، ويبدو أن الكَذبَ جِبلةٌ فيه حين قال:( ثم قال كاتب المقال إن حمدوك يجهل عمل المنظمات الدولية ويعمل طوع بنان الحزب الشيوعي) وهذا أيضاً ليس قولي وإنما هو قول كاتب المقال السيد جماع، الذي استقى من كل ما تنكبه حمدوك، من طرق لتنفيذ ما أملاه عليه الحزب الشيوعي، فوجد مبتغاه مصطدماً بقوانين تلك المنظمات ولوائحها مما أبطل سعيه، فرأى الكاتب أن حمدوك بذلك يجهل عمل المنظمات الدولية. ثم لماذا يوصي مرتضى بأخذ الحذر من الدبلوماسي التشادي موسى فكي؟ هل لأنه أبرأ ذمته ودافع عن جدارة السيدة أميرة وقال إنها أحرزت أصوات (52) دولة من (56) دولة هم جملة أعضاء الإتحاد الإفريقي؟ أم أن مرتضى يرى أن السيد موسى فكي ودول الإتحاد كلهم من فلول نظام البائد؟ وربما أن إبراء الذمة عمل نسيه مرتضى، من فرط طول عدم الممارسة منذ بلوغه سن التكليف، ولذا استنكره من السيد موسى فكي!!والآن وقد ظهر للناس كذب مرتضى، حيث بينتُ قائل كل قول من تلك الأقوال التي نسبها إلى شخصي ظلماً وجوراً وبهتاناً، فعليه إما أن يكذِّب ما قال الأستاذ جماع، ويثبت بالبينات أن كل ما ذكره من وقائع أمرٌ قطُّ لم تحدث، وإما أن يقتنع بأن ذلك فعلاً حدث، وأنه يُقر ما قام به حمدوك تنفيذاً لأوامر رهطه، ويكون دفاعه عنهم فقط بحسبان شخصياتهم وإنتمائهم السياسي ليس إلا، ولا من مخرج ثالث أمامه. أما قول مرتضى 🙁 والمقال عبارة عن مطاعن في الحكومة الإنتقالية والثورة) فأقول له إنني لم ألجأ إلى المطاعن كما توهم هو، بل قد نقدتُ صراحة في عدة مقالات، ما رأيتُه موجباً للنقد في الحكومة الإنتقالية. وإحقاقاً للحق، أقول هنا، إن حرية الكتابة التي وجدتُها أنا في هذه الصحيفة الرحبة المجال، ووجدها غيري من الكتاب في ساحة أخرى، في عهد الحكومة الإنتقالية هذه، أمرٌ لا ينكره إلا لئيم، أو من قَبيل لا يتحرج من إنكار ما لا يرغب في وجوده، إنكار ما جاء به الوحي من محكم التنزيل. ولذا لم يكن هناك داع للمطاعن كما يتوهم مرتضى. وهذه الحرية في مجال الكتابة، التي أحفظها أنا وغيري من الكتاب للحكومة الإنتقالية، أمرٌ أعلم أن مرتضى لا يرغب فيه، وهو الذي قال عنه عدد من الزملاء الذين يعرفونه أكثر مني، إنه طالب بعد الثورة بإغلاق صحف وقنوات تلفزيونية وغير ذلك من وسائل التعبير. وسأورد لاحقاً ما قاله في ذلك من يعرفونه حق المعرفة.
أقام مرتضى الغالي كل حجته المتهافتة على أساس أنني أصطنعتُ كل الذي حدث دفاعاً عن نظام الإنقاذ. وأقول له هنا ولغيره كما قلتُ من قبل، إنني لم أكن جزءً من نظام الإنقاذ في يوم من الأيام. لقد قيض اللهُ تعالى لنظام الإنقاذ السلطانَ فحكم وأنا خارج السودان، ونزع السلطان منه وأنا خارج السودان، ولم أتقلد فيه منصباً ولم أنل منه عطية من عطاياه، التي نالها كثير من الناس، الذين كانوا ينافقونه ويتزلفون لمسؤوليه، ويأكلون على كل مائدة من موائده،إلى آخر لحظة من عمره، حتى إذا سقط تخلوا عما كان عليهم من قطمير خُلق ما كان يستر من ذواتهم شيئاً، فلبسوا لبوس الثورة، وأخذوا يظهرون له العداء، واصفينه بمنكر القول ونابي الوصف، متحدثين عن معايب فيه لم يروها بالأمس عندما كانوا في حجوره. ومن أولئك الناس مرتضى الغالي،الذي كان من ربائبه. ويكفي في ذلك ما أورده عنه الصحفي المرموق الأستاذ الهندي عز الدين، صاحب صحيفة المجهر السياسي ورئيس مجلس إدارتها حيث قال فيه الآتي:(ليس غريباً على (الدكتور) مرتضى الغالي أن يطالب بإغلاق الصحف والقنوات الفضائية والإذاعات وصفحات مواقع التواصل الإجتماعي وتكميم الأفواه المخالفة(رأياً) لحكومة(قحت) الإنتقالية. فقد نشأ وترعرع في صحافة مايو الشمولية،وبدأ حياته المهنية في واحدة من صحيفتين أثنتين لا ثالثة لهما في عهد القائد الملهم والكشاف الأعظم المشير جعفر محمد نميري، فمن أين يأتي للناس مرتضى الغالي بقيم الحرية ومباديء الديمقراطية وقواعد حقوق الإنسان! حتى آخر يوم من عمر نظام الإنقاذ كان (دكتور الإعلام الشمولي) في صحافة الإنقاذ، ينشر عموده على أخيرة صحيفة يملكها السيد (صديق ودعة) الحاصل على وسام (إبن السودان البار) من الرئيس السابق المشيرعمر البشير ويقبض (على دائر المليم) راتبه الشهري من (صديق ودعه) كما كان يقبض مكافأته من مجلة الدراسات الإفريقية التي تصدر عن جامعة إفريقيا العالمية (معقل الكيزان) ويرأسها (الكوز) البروفيسور حسن مكي،فمالك أنت والثورة والثورية يا مرتضى الغالي؟ متى إعتقلك نظام الكيزان؟ متى منعك الكتابة ومنعك رئاسة التحرير متى صادر لك صحيفة من حر مالك؟) ثم يمضي الأستاذ الهندي عزالدين مخاطباً مرتضى الغالي قائلاً:( في عهد الإنقاذ كنت أنت رئيساً لتحرير صحيفة (أجراس الحرية) بموافقة جهاز الأمن والمخابرات، تسبح كل صباح بحمد الفريق أول (سلفاكير ميارديت) وتصفق للكوماندور (باقان) وترفع التمام للكومندور (عرمان)، تفرش لهم البساط الأحمر على مدرج مطار الإنفصال الأسود، تقرع الطبل مع جوقة كتاب شماليين وجنوبيين عنصريين، ركيكي اللغة بائسي المنطق، ليتحقق مطلوب المخابرات الأمريكية والبريطانية والماسونية العالمية، بفصل جنوب السودان عن شماله، وتقسيم الوطن بأيدي خونة من أبنائه قاتلهم الله أينما تولوا) ذلك ما قاله الأستاذ الهندي عز الدين من حقائق يُلقم بأحجارها الدكتور مرتضى الغالي،الذي كان من ربائب نظام الإنقاذ، ثم جحد فضله عليه، وتنكر لما أسداه إليه من معروف، و ما ذاك إلا من فعل اللئام، جالباً على نفسه مثال (أم عامر) وهي تلك الضبعُ التي ٍصارت مضرب المثل في شعر العرب حيث قال أحدهم:
ومنْ يصنع المعروفَ في غير أهله ِ
يلاقي الذي لاقـَى مجيرُ أمِّ عامر ِ
أدام لها حينَ استجارتْ بقـــــــربهِ
طعاماً وألبانَ اللـــقاحِ الدرائـــــــر ِ
وسمـَّـنها حتى إذا مـــــا تكاملــــتْ
فـَـرَتـْهُ بأنيابٍ لهــا وأظافــــــــــرِ
فقلْ لذوي المعروفِ هذا جزاءُ منْ
بدا يصنعُ المعروفَ في غير شــاكرِ
(( يواصل هذا الموضوع في المقال المقبل إن شاء الله))
صحيفة الانتباهة