رسالة الى أم سماح
بادئ ذي بدء أرسل اليك أحر التعازي في ابنتك الشهيدة سماح ..رحمة الله تغشاها ..لا شئ أصعب من ألم الثكل ..الا العيش مع قاتل فلذة كبدك ..لا شئ أوجع من الثكل ..الا رؤية قاتل طفلك وهو يتجول بحرية أمام ناظريك ..رحم الله سماح ..لكني أكتب اليك هذه الرسالة بعد ان بلغت بي الحيرة مبلغاً ..وسؤال يتردد في خاطري لم أستطع ان أجد له اجابة شافية.
ما الذي كان يدور في خلدك عندما آثرت الصمت ؟
هل كنت تعتقدين انك ستنقذين ما يمكن انقاذه ؟
هل كنت تأملين في توبة زوجك بعد ان قتل ابنته بدم بارد وذهب ليقول انها كانت تلعب بالمسدس فقتلت نفسها ؟
هل تعلمين ان فكرة وجود المسدس في مكان يسهل تلاعب الأطفال به ..هو في حد ذاته مشكلة ؟ (ان كنت لا تدري فتلك مصيبة ..وان كنت تدري فالمصيبة اعظم) ..ان موت سماح حتى لو كان بطريقة الكذبة (الفطيرة ) التي تم نسجها على عجل ..سيكون عبارة عن اهمال من الوالدين ربما يرقى الى القتل الخطأ.
الذئاب البشرية التي تعيش بيننا ..لن يوقفها التستر عليها ..رجل سمحت له نفسه بأن يقتل ابنته بثلاث طلقات ويرديها قتيلة ..كيف يمكن التعايش معه بعد ذلك ؟ هل تعتقدين انه سيتعظ؟ كيف تأمنين على نفسك وعلى بقية أولادك ؟ ان كان منه او من أخيه الذي لم يدخر وسعاً في مساندته حتى وصل مرحلة الكذب في محضر الشرطة الرسمي.
ما الذي يدور في خلد النساء اللاتي يتسترن على جرائم أزواجهن ضد أطفالهن؟ عنف أو تحرش ..او استعباد وسخرة .!!.ما الذي تريده الأمهات من السكوت ؟؟ لملمة القصة والخوف من الفضيحة ؟ ..إخراس ألسنة الناس ؟؟ ..لا أحد يخرج من هذه المناطق المظلمة سالماً ..ان لم يمت الطفل ..سيكبر بعاهات نفسية ويصير اما نسخة من أبيه ..او أضل سبيلا ..
مفترق الطرق يلوح من أول ملاحظة على سلوك الطفل ..اي متحرش او متنمر بأطفاله..هناك احتمالان لا ثالث لهما.. اما الأم تلاحظ وتتجاهل ..او انها تعترض ويتم اسكاتها بالضرب أو التهديد .. ..هل يجب ان يصل الأمر مرحلة القتل ؟؟ان كان الخوف من انتقامه ..هناك جهات كثيرة يمكن اللجوء اليها عن طريق الهاتف والابلاغ عن التحرش او العنف ..لا تصمتي ..عند أول ملاحظة ارفعي صوتك بكلمة (لا) ..عالية ..تصم الآذان وتخترق الجدران ..(لا.) .. عالية ..لوقف كل الانتهاكات التي تحدث داخل البيوت ..خلف تلك الأبواب التي تنام بأعين مفتوحة خوفاً من أقرب الاقربين.
لهفي عليك ياسماح ..رحلت صغيرة ..لم يفرح قلبك الغض باعلان النتائج ..بدخول الجامعة ..بالزواج ..لم تسعدي برؤية ابتسامة اول طفل ..بالسفر حول العالم ..كل هذه الاحلام قضى عليها ..وحش كاسر متستر بلقب أب ..إنا لله وإنا اليه راجعون.
***********
ناهد قرناص.. صحيفة الجريدة