محجوب مدني محجوب يكتب: اتفاق إعلان المبادئ بين الحلو والحكومة… نظرة مختلفة
تنقسم القوى السياسية بين مؤيد، ومعارض في الاتفاق الذي تم بين رئيس المجلس السيادي الفريق عبد الفتاح البرهان مع عبد العزيز الحلو رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان قطاع الشمال.
الحديث هنا عن المعارضين للاتفاق حيث أوردوا عدم قبولهم لهذا الاتفاق؛ لأنه مؤيد لمبدأ فصل الدين عن الدولة.
بتتبع هذه المعضلة (مفهوم فصل الدين عن الدولة) خلال تاريخ السودان الحديث دائما ما نجدها بين معارض لها من قبل الحكومة، ومؤيد يحمل السلاح ضد الحكومة.
وبهذه الطريقة التي استمرت لعقود، ولفترات، وحقب مختلفة من تاريخ السودان حيث أنها ظلت عقبة، ولم تحتمل احتمالا ثالثا، فهي إما القبول بها أو الرفض.
فلماذا لا يتم تبني موقف ثالث لهذه المعضلة؟ والحديث هنا للذين يرفضون المبدا جملة، وتفصيلا خصوصا حينما يوردون بأن السودان بلد مسلم، وأغلبية سكانه يرفضون مبدأ فصل الدين عن الدولة.
لماذا لا يسعون هؤلاء؛ لتثبيت رفض هذا المبدأ من خلال المجالس التشريعية، والتصويت عليه من داخل قبة البرلمان؟
فقد ثبت بالتجربة أن الحرب، وقوة السلطة لم تحققا تثبيت مبدأ واحد من المبادئ المرفوعة.
والسؤال:
إذا ترشح رئيس للسودان وسط مناخ بعيد من السلاح، والحروب فمن الذي سيفوز؟
هل سيفوز صاحب النظرة العلمانية؟
أم سيفوز صاحب النظرة التي تجمع بين الدين والدولة؟
فإن كان سيفوز العلماني، فمعنى ذلك أن فرضية غالبية أهل السودان يرفضون الحكم العلماني غير صحيحة.
وإن كان سيفوز من يجمع بين الدين، والدولة فلماذا لا ينتظر لتثبيت ما يقتنع به من خلال الوسائل السلمية والتشريعية؟
وإن تم اتكشاف أن هؤلاء الذين ينادون بحكم علماني لا يخضعون لأي تشريع، ولأي تصويت يرجح كفة من يعارضهم، فإن كان هذا الافتراض صحيحا، فإنه لا يقف عند حد التشريعات بل سيتجاوزها إلى كل مفاصل الحكم الأخرى بدءا من تعيين الرئيس، ومرورا بتعيين الوزراء، والمسؤولين وغيرها من الحقائب الخاصة بالحكومة، والتي تحتاج إلى اقتراع وتصويت.
وبالتالي فلن ينهار هذا المبدأ فقط، وإنما ستنهار جميع مفاصل الدولة.
وحينئذ فسوف لن يقف معترضا هذا المفهوم وحده، وإنما سيكون الاعتراض على جميع مفاصل الدولة.
جملة القول بما أننا جربنا رفضنا لمبدأ علمانية الدولة بالقوة، وبفرض السلاح، ولم نفلح، بحيث ظلت العقبة قائمة مع حفاظها على كل تبعاتها المؤلمة التي ظلت تنخر في هذا الوطن.
لكل هذا لماذا لا نجرب رفضنا لهذا المبدأ من خلال تعبئة القوى السياسية، والمجتمعية؛ ليكون رفضنا لقيمنا، ومعتقداتنا مؤسسا على تشريعات، ونظم، وقوانين.
ولنحقق بذلك هدفين الأول ترسيخ مبدأ الجمع بين الدين والدولة من ناحية شرعية وقانونية، والثاني إيقاف دماء الحروب التي تتخذ من هذا الصراع ذريعة لها.
إن كان اتفاق إعلان المبادئ الذي تم مؤخرا بين البرهان والحلو يدعم إجماع القوى المتفرقة تحت مظلة سياسية واحدة تدعم السلم، وتدعم الوحدة الوطنية مع تحريك الملفات المختلف حولها حتى تتأسس المجالس التشريعية لهو مكسب لهذا المواطن المغلوب على أمره الذي وقع فريسة صراعات سياسية لم يحصد منها سوى التشريد، و الجوع، والجهل، والمرض.
ولمن همه الإسلام فدونه الحكومات الغربية، فهي ما فتئت تحارب المساجد، وتحارب الحجاب إلى أن اضطرت نتيجة للمطالبات المدنية، وإصرار الجاليات المسلمة على أقليتها بتثبيت هذا الحق، والاعتراف به.
العجيب في المفهوم الذي يسيطر على من يدافع عن حقوق الله، وعن شرائعه لا يوجد نبي واحد ليستشهد به، وليتخذ قدوة في كونه اتخذ العنف والقوة لترسيخ مبدأ من مبادئ الله.
صحيفة الانتباهة