مقالات متنوعة

سيناريوهات خفض الديون


(1)
على الرغم من صدور العديد من البيانات الرسمية من قبل مجموعة البنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، ووزارة الخزانة الأمريكية بشأن تسوية متأخرات الفوائد الجزائية المتراكمة على السودان بسبب عدم تسديده أصل الدين والفوائد التعاقدية للبنك الدولي، إلا أن حالة واسعة من البلبلة وسوء الفهم للخطوة لا تزال سائدة وسط الرأي العام، ليست فقط بسبب اللغة الفنية المعقدة المستخدمة في هذه البيانات، بل أيضا بسبب خلط المسؤولين بسوء استخدامهم للمصطلحات.
(2)
ولعل هذا التخليط في الساحة السودانية بخصوص هذه التطورات وما يترتب عليها من خطوات وجدول زمني، حدا بصندوق النقد الدولي إلى نشر وثيقتين في صفحته الخاصة بالسودان في اليومين الماضيين بغرض توضيح الحقائق وفك طلاسم الجدل المثار، وتصويب ما ورد على لسان المسؤولين السودانيين، حملة الوثيقة الأولى عنوان “رسائل رئيسية حول السودان – المبادرة المعزّزة للدول الفقيرة المثقلة بالديون”، أما الوثيقة الثانية فحملت عنوان “أسئلة رئيسية حول السودان”، تضمن تقديم أجوية عن أهم الأسئلة المطروحة بشأن الخطوات التالية التي تلي معالجة متأخرات السودان للبنك الدولي.
(3)
ومن أهم إفادات الصندوق أنه في حال استمر السودان بنجاح في تنفيذ الإصلاحات الرئيسية، فإنه سيكون بوسعه الوصول إلى نقطة القرار بحلول يونيو 2021، وإلى نقطة الإنجاز في يونيو 2024، ولذلك سيكون من المهم إحراز تقدم مستدام خلال الأشهر المقبلة. ويقدم الصندوق والبنك الدولي تخفيفا مؤقتا لأعباء الديون في المرحلة الأولى، ثم يحصل البلد المستفيد على تخفيف كامل لهذه الأعباء عند الوفاء بالتزاماته، وذلك وفق خطوتين تعرف الأولى بنقطة اتخاذ القرار، والثانية بنقطة الإنجاز، ولكل واحدة منهم معايير محددة.
(4)
في الخطوة الأولى: نقطة اتخاذ القرار – يجب على البلد العضو استيفاء اربعة شروط حتى يُنظَر في طلبه الحصول على مساعدات من خلال مبادرة “هيبك”.
الخطوة الثانية: نقطة الإنجاز – للحصول على تخفيض كامل ونهائي للدين القائم، يجب على البلد العضو أن يحقق ثلاثة شروط.
من أجل أن يصل السودان إلى نقطة القرار، وهي الخطوة الرسمية الأولى، سيحتاج السودان إلى اتخاذ الخطوات التالية:
1-اعتماد استراتيجية للحد من الفقر.
2-إنشاء سجل حافل لمدة ستة أشهر من الأداء المرضي في إطار برنامج مراقبة الموظفين لجودة شريحة الائتمان العليا؛
3- وضع خطة وتحديد الموارد اللازمة لسداد المتأخرات لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومصرف التنمية الأفريقي – وبالتالي استعادة أهلية السودان للاقتراض من هذه المؤسسات.
4- إكمال عملية تسوية الديون الخارجية ، مع توضيح الديون المستحقة على السودان لمن وبأي شروط، وتلقي ضمانات تمويل من هؤلاء الدائنين لتوفير تخفيف عبء الديون بشروط مماثلة عند نقطة الإنجاز.
أما الخطوة الثانية: نقطة الإنجاز – للحصول على تخفيض كامل ونهائي للدين القائم، فإنه يجب على البلد العضو أن:
1) ينشئ سجل أداء إيجابيا آخر من خلال برامج مدعمة بقروض من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.
2) ينفذ الإصلاحات الأساسية المتفق عليها عند نقطة اتخاذ القرار تنفيذا مرضيا.
3) يعتمد تقريرا لاستراتيجية الحد من الفقر وينفذه لمدة عام واحد على الأقل.
(5)
وبشأن تركيبة ديون السودان تتكون في الغالب من متأخرات طويلة الأمد والتي تراكمت بمرور الوقت، وتبلغ أكثر من 150 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي وحوالى 9 أضعاف (~ 9000 في المائة) من الصادرات، ولذلك لا يمكن تحملها، والهدف خفض عبء ديون الدولة المؤهلة إلى 150 في المائة من الصادرات من أجل مواءمتها مع قدرتها على السداد.
وحسب الصندوق فإن تركيبة ديون السودان تشير إلى أنه مدين لدائنين متعددي الأطراف بنسبة (11 في المائة) ، ودائنين ثنائيين من نادي باريس وغير تابعين لنادي باريس (77 في المائة ، مقسومون بالتساوي أي 38 في المائة لكل منهما) والدائنون التجاريون (12 في المائة).
وأنه في إطار “هيبيك”، يُتوقع من جميع الدائنين أن يشاركوا في عبء تخفيف الديون من خلال توفير معاملة قابلة للمقارنة. وتعني إمكانية مقارنة المعاملة أن السودان يجب ألا يقبل شروطًا أقل تفضيلًا من أي دائن واحد من غيره؛ وبعبارة أخرى ، يجب على جميع الدائنين تطبيق “عامل الخفض المشترك” بالتساوي على أرصدة ديونهم المستحقة عند تقديم التخفيف.
(6)
ورداً على سؤال إن كان سيوفر الإعفاء من الديون موارد جديدة للسودان؟أجاب الصندوق بـ “لا “، قائلاً إن تخفيف أعباء الديون يهدف إلى رفع مستوى وجدول السداد للديون التي لدى السودان حاليًا إلى مستوى يمكن تحمله، مع مدفوعات خدمة الدين التي تتفق مع قدرة السودان المحدودة على السداد عند نقطة القرار، سينخفض مخزون ديون السودان ، لكن من المرجح أن تزيد مدفوعات خدمة الدين مع استئناف السودان مدفوعات خدمة الدين. ونواصل بإذن الله

خالد التيجاني – صحيفة السوداني