مقالات متنوعة

السياسة و.. تضليل التحليل !


تحليل سياسي : محمد لطيف
( تحتفل اثيوبيا اليوم بالذكرى العاشرة لوضع حجر الأساس لسد النهضة في 2 ابريل 2011، تحت اسم سد الألفية ومن قبل مشروع إكس وسد الحدود.
أراد زيناوى أن يصبح زعيماً مثل جمال عبد الناصر بمشروع السد العالى، والذى لم يقبل إلا بزيادة السعة من 11.1 إلى 74 مليار متر مكعب، واستطاع أن يجمع القوميات الاثيوبية الثمانين المتناحرة حول هذا المشروع على أنه سوف ينهض باثيوبيا وينتشلها من الفقر والظلام، وقد أقام من من قبله مشروعى تاكيزي 2009 وتانا-بليس 2010 ولم يحققا الهدف نظراً لصغر حجمهما.
استجاب الشعب الاثيوبى لنداءات الحكومة الاثيوبية للتكاتف وشراء السندات لبناء سد النهضة في مواجهة التحديات الخارجية والمقصود بها مصر ونجح إلى حد كبير في تعبئة الداخل الاثيوبي ضد مصر، أملاً في وصول المياه النقية من السد إلى جموع الشعب بعد انتهاء موسم الأمطار، وزيادة الاستثمارات الزراعية المروية وبالتالي تحسن الأحوال المعيشية، وكذلك إنارة المنازل من كهرباء السد حيث أن أكثر من 60% يعيشون بدون كهرباء، هكذا يحلم الاثيوبيون بغد مشرق مع افتتاح مشروع سد النهضة، إلا أن الحقيقة المؤلمة التى لايعرفها إلا القليل من المتخصصين الاثيوبيين وهى ..
لن تصل مياه سد النهضة إلى الشعب الاثيوبى نظراً لأن السد يقع على الحدود السودانية عند منسوب منخفض 500 متر فوق سطح البحر بينما يعيش معظم الاثيوبيون على ارتفاعات أكثر من 2000 متر مثل أديس أبابا العاصمة 2500 متر
نظراً لطبيعة اثيوبيا الجيولوجية أيضاً فان معظم المناطق حول سد النهضة جبلية لاتصلح للزراعة بالرى ولكن بالأمطار، ولذلك طمعت الحكومة الاثيوبية مؤخرا في أراضى الفشقة السودانية لري حوالى مليون فدان.
تنتج اثيوبيا من الكهرباء حوالى 4000 ميجاوات، ويبلغ عدد سكانها 110 مليون نسمة، ولا تكفي هذه الكمية إلا لحوالى 13 مليون نسمة فقط (12% من الشعب) ومع ذلك تصدر اثيوبيا حاليا حوالى 500 ميجاوات للخارج وتترك غالبية الشعب بدون كهرباء، وأعلنت أنها سوف تصدر كهرباء سد النهضة إلى الدول المجاورة بما فيها مصر إن احتاجت بأسعار مخفضة، وهذا صحيح إلى حد كبير لأن اثيوبيا ليس لديها شبكة نقل كهرباء داخلية والتي يصعب عملها للتكلفة الهائلة وصعوبة المناطق الجبلية التى ليس بها طرق لنقل الأبراج وشدة الفيضانات السنوية التى تقتلع الجبال.
الخلاصة أن السد مشروع سياسى بالدرجة الأولى لتحقيق أحلام زيناوى السياسية والزعامة الأفريقية وكتلتة الحاكمة، رحل زيناوى أغسطس 2012 وأكمل نائبه ديسالين ثم أبى أحمد في مارس 2018، سوف يعي الشعب الاثيوبي حقيقة بيع الأوهام له بعد افتتاح السد وعدم تحقيق أي من الأماني التي يتطلع إليها، حينئذ ستكون نهاية أي حكومة في ذلك الوقت مع اندلاع ثورة الشعب الاثيوبي )
التحليل أعلاه .. ورقم إعتماده على قدر لا بأس به من الحقائق التاريخية .. والمعلومات الآنية .. إلا أنه استبطن للأسف رؤية سياسية تعبر بجلاء عن موقف مناوئ لنظام الحكم القائم في إثيوبيا .. يكفي قوله إن مشروع سد النهضة قد نجح في توحيد ثمانين قومية اثيوبية .. ساهم كل فرد فيها بما يستطيع في تمويل السد .. وهذه حقيقة عاشها العالم ورآها رأي العين .. ثم ينتهي التحليل إلى أن كل هذه الشعوب الإثيوبية مغيبة عن الحقيقة .. وستكتشف هذه الحقيقة عند تشغيل السد .. ذلك أن السؤال المنطقي الوحيد هو أنه إذا كان الكاتب قد اكتشف الحقيقة منذ الآن .. فما الذي يمنع ملايين الإثيوبيين من اكتشاف هذه الحقيقة إلا بعد اكتمال السد ..؟!
تصحيح واعتذار :-
فى تحليلنا بالأمس بعنوان شيطنة الإمارات .. ورد اسم الراحل صلاح عبد الرحمن علي طه له الرحمة .. والصحيح أن المعني هو البروفيسور فيصل عبد الرحمن على طه أستاذ القانون الدولي وخبير الحدود .. مد الله في أيامه ونفع البلاد والعباد بعلمه .. وعذرا لكل من أشكلنا عليه الأمر ..

محمد لطيف.. صحيفة السوداني