بعد عامين للثورة.. في انتظار التغيير ؟!!
لم يتوقع أكثر المتشائمين أن تتردى الأوضاع بالبلاد إلى ماهي عليه الآن؛ من بؤس ومعاناة بعد مرور عامين من التغيير الذي نشدناه أملاً فأوسعنا ألماً.
السادس من ابريل تمنيناه يوماً وطنياً تتجدد فيه انتصارات الثورة عبر تحقيق وعودها للناس بالحرية والسلام والعدالة والرفاهية والنماء لشعب قدم أروع الأمثال في إحداث التغيير أملاً في غد مشرق يتجاوز فيه عنت الحياة ومشقة المعايش وضنك الواقع، تمنينا عودته عاماً بعد عام لجرد الحساب والوقوف على مستوى تنفيذ ما بشرتنا به الثورة وهي تعدنا بحياة الشهد وتجاوز الأزمات وخفض الأسعار وتحسين الخدمات وإخراج البلاد من ضيق إلى فرج وعدنا به القادمون الجدد ، لكنهم وما أن تسنموا مهام الحكم حتى نكروا وتنكروا لكل الوعود.
خلال العامين الماضيين زادت أسعار الوقود المعدوم لا (المدعوم) بنسبة (500%) ( ومازالت الحسابة بتحسب)، وارتفعت أسعار الكهرباء بأكثر من 500%، ووصل سعر الرغيفة الواحدة (ان وجدت ) إلى ثلاثين جنيهاً بدلاً عن جنيه واحد قبل التغيير ، وارتفع معدل التضخم بنسبة 320%، وزاد سعر الدولار الجمركي حتى وصل إلى 28 جنيها فاشتعلت على أثره البضائع والأسعار .
خلال العامين الماضيين استمرت صفوف الباحثين عن الجازولين والبنزين والغاز والرغيف ، وباتت الافران أشبه بمسارح العمليات، حيث سجلت معاركها سقوط عدد من القتلى، منذ أن جاءت حكومة الثورة عز الحصول علي أن الغاز في الخرطوم والولايات، حتى وصل سعر تعبئة الاسطوانة إلى ثلاثة آلاف ونصف بالسوق الأسودَ ، بينما بلغ سعرها ثلاثين ألف جنبه، أما خدمة الكهرباء فحدث ولا حرج، اذا أصبحت تسوء يوماً بعد يوم، حتى سجلت قطوعاتها (16) ساعة خلال اليوم، وتتأزم على اثرها بالطبع خدمات المياه.
خلال العامين الماضيين انفلتت الأسعار في الأسواق ووصل جوال السكر إلى 15 ألف من (3600) وبلغ سعر (جركانة الزيت) أربعة لتر أربعة آلاف جنيه من (450) جنيهاً وسجل سعر( كيس لبن البودرة) أربعة آلاف ونص من 80 ألف جنيه، وقفز سعر رطل الحليب من عشرة إلى 100 جنيه.
خلال العامين الماضيين اشتعلت الحرائق في الولايات واقتتل الناس مع غياب الأمن وانشغال السلطة المركزية بملفات انصرافية، وضعف حكومات الولايات، ولم تكن أحداث الجنينة المؤسفة التي سقط فيها 45 قتيلاً إلا حلقة في سلسلة حرائق شملت العديد من المدن في جميع أنحاء السودان، الأوضاع الأمنية في الخرطوم لم تكن أفضل من الولايات إذ تفشت جرائم القتل والسلب والنهب ومازال استمرار الجرائم يثير قلق المواطنين، دون ان تكون هنالك إجابات لكثير من الأسئلة المعلقة في أفق الواقع الأمني المؤسف.
خلال العامين الماضيين ألقت عدد من المستشفيات وعز الحصول علي الدواء الذي ارتفع سعره الي اكثر من1000%، ومات الناس في السيارات الخاصة بفعل الأزمات في الاكسجين ومراكز الطوارئ والعزل، وأسهمت في الصفوف في انتشار الكورونا التي حصدت الأرواح حصدا، ومنذ حدوث التغيير توقفت الدراسة لاكثر من عام ظل خلالها ابناؤنا في المنازل يدفعون من أعمارهم ثمن عدم الاستقرار وضعف أجهزة الدولة ..
خلال عامين مازالت قضية العدالة تثير جدلا واسعا ومخاوف عديدة بفعل ثغرات وانتهاكات جعلتها بعيدة المنال في ظل وجود متهمين مازالوا في السجون دون محاكمات، ومع الحديث المتطاول عن لجنة إزالة التمكين وما ظل يلازم عملها من تحفظات وانتقادات من أطراف داخل تحالف قوى الحرية والتغيير وتشكيلات المنظومة الحاكمة.
لن نبخس الدولة اجتهادها في ملفي العلاقات الخارجية والسلام الذي تمنيناه يعم ربوع الوطن وإن يحقق الاستقرار المأمول ، لكنا نهمس في أذن حكومتنا إلى أن ما تحقق من تقدم في هذين الملفين لم ينعكس حتى الآن استقراراً ورفاهية ونماء على حياة الناس، لم نستشعر حتى الآن نتائج التطبيع مع اسرائيل ولا إنهاء العقوبات ورفع اسم السودان عن لائحة الإرهاب .
نتمنى أن تعيد الحكومة ترتيب اولوياتها بالقدر الذي يجعلنا نستقبل يوم التغيير بثقة في الحاضر وتفاؤل بالقادم ، وأن تولي اهتماما اكبر لأوضاع الناس وحياتهم المعيشية فإنهم مازالوا يتساءلون في كل يوم عن التغيير ووعود القادمين الجدد.
محمد عبد القادر – صحيفة اليوم التالي