أحمد يوسف التاي يكتب: حول اتفاق «البرهان ـ الحلو»
ما زال الاتفاق الإطاري بين البرهان والحلو يثير ردود فعل واسعة النطاق والكل يحاول توظيفه واستخدامه لمواجهة خصومه السياسيين… أهل اليسار وأنصار العلمانية يعتبرونه انتصاراً لرغباتهم دون اعتبار للأغلبية وكأن ما تم هو اتفاقٌ نهائي لا رجعة فيه وهذه مزايدات فقط، والواقع غير ذلك تماماً…. والتيارات الإسلامية تعتبر تلك التفاهمات ردة وكفراً وحرباً لاستئصال الدين الإسلامي من الحياة العامة، وهذه أيضاً مزايدة ليس إلا، والواقع أيضاً غير ذلك تماماً… هناك ثلاثة أمور مهمة للغاية يجب الوقوف عندها بشيء من الروية والموضوعية….
الأول: أن ما تم بين البرهان والحلو هو اتفاق إطاري كأساس للتفاوض حول قضايا محددة قابلة للنقاش، بمعنى أن الأمر مجرد بنود للحوار فقط على أن يتفاوض الطرفان حول كذا وكذا ، وقد حدث هذا الأمر بين مفوض «نظام» المؤتمر الوطني علي الحاج وممثل حركة قرنق في مطلع التسعينات، فقد رأى قرنق فصل الدين لأجل الوحدة، ورفض النظام آنذاك مبدأ فصل الدين عن الدولة في العام 1994 ثم عاد وقبل به في العام 1997 كأساس للتفاوض، وأذكر في ذلك الوقت أن قيادات الحركة الاسلامية بالبرلمان صعقت بهذا الاتفاق الذي تقاطع بشكل حاد من شعاراتها المرفوعة ولكنها كتمت الأمر وأحنت الرؤوس لعاصفة الضغوط التي كانت تهب عليها من الخارج.
والأمر الثاني: أنه لا أحد يستطيع استئصال الإسلام من حياة الأغلبية المسلمة في السودان ، وأن أي محاولة للتقليل من شأن العقيدة الإسلامية سترتد على نحور أصحابها وتنقلب عليهم بالبوار..
والأمر الثالث: أنه ليس بإمكان أي فئة قليلة فرض رغباتها على الأغلبية المسلمة وليس بمقدورها محاربة الدين الإسلامي وتقليل تأثيره على حياة الناس، فالإسلام في السودان عميق الجذور ثابت البنيان…
ما زلتُ أقول ليست هناك مشكلة في ماتم التوصل إليه بين رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان وقائد الحركة الشعبية عبد العزيز الحلو ، طالما كان الأمر إعلان مبادئ وأساساً للتفاوض قابل للأخذ والرد، ولم يكن اتفاقاً نهائياً ملزماً.. و طالما أن الأمر كله حتى الآن مجرد تحديد لأجندة التفاوض ليس إلا…
أعود وأقول إن أكبر مشكلة اراها في ما حدث حتى الآن هو تفكير الحلو في فرض رؤيته الخاصة ورغباته على الجميع ورهن السلام بهذه الرغبات الشخصية التي تتعارض مع كل المبادئ الديمقراطية والإنسانية …
على المستوى الشخصي لم أنزعج لقبول الحكومة التفاوض حول عدم تبني الدولة لدين بعينه أو هوية أو ثقافة بعينها طالما أن الأمر أجندة للتفاوض سيغلب فيها المنطق والحجة الرغبات التي لا تقف على ساقين حينما يحين التفاوض وتفاصيله فالمنطق بكل معطياته يقول إن مجموعة الحلو الصغيرة ستجد صعوبة بالغة ومستحيلة في أن تنال مبتغاها على طاولة التفاوض إذ ليس بإمكانها فرض رؤيتها على أكثر من 96% من سكان البلاد، ولكن لا بأس من أن يتم التفاوض معها على ما أرادت أن تُناقش فيه وتحاور حوله لإبداء حسن النية…اللهم هذا قسمي فيما أملك…
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك الله فيك وثق أنه يراك في كل حين.
صحيفة الانتباهة