أسماء جمعة تكتب تحسن في خطاب القوات المسلحة
تلاحظ منذ مدة تغيير واضح في خطاب قادة الجيش، إذ أصبحوا يتحدثون عن دور الجيش في حماية الدولة وحماية المرحلة الانتقالية حتى الوصول إلى الديمقراطية وبناء الدولة المدني، وغيرها من أحاديث تخدم التحول عكستها تصريحات القائد الأعلى للقوات الشعب المسلحة ورئيس المجلس السيادي عبد الفتاح البرهان في مناسبات عدة،وكذلك تصريحات الفريق ياسر العطا عضو مجلس السيادة وآخرين، لا أدرى هل الأمر نابع عن قناعة أم هو مسايرة للمرحلة،ولكن في كل الأحوال ليس هناك مفر من تغيير الخطاب والفعل أيضاً ، لسببين الأول لا يمكن لهذه البلد أن تتقدم قيد أنملة ما لم يلتزم الجيش بواجباته الأساسية ويتوقف عن التدخل في السياسة إلا بالقدر الذي يعيد الأمور إلى نصابها، والثاني لم يعد هناك فرصة للجيش ليتراجع بسبب رغبة الشعب في التحول التي يدعمها كل العالم.
عضو مجلس السيادة الفريق ركن ياسر العطا في مخاطبة له بالشمالية، قال إن القوات المسلحة تمثل نموذجاً متفرداً لقومية البلاد، ودعا للمحافظة على هذه القيمة التي من دونها سينهار السودان وتتشقق قبائله، ويتشتت شعبه أفراداً وجماعات، وانتقد تكوين بعض الكيانات القبلية، وقال إنها دعوات عنصرية بغيضة، وهم كقادة قوات مسلحة لا يعرفون كياناً ولا يعترفون بالكيانات القبلية، وهي فتنة يجب أن تخمد، وأن الإدارة الأهلية هي لإصلاح ذات البين والجودية، أما السياسة والحكم فلها الأحزاب ومن أراد أن يكون سياسياً يذهب وينضم لحزب سياسي، وقال المكون العسكري بمجلس السيادة ووزير الدفاع ليسوا سياسيين.
في الحقيقة شهادة العطا للجيش مجروحة وكلنا شهود على قواتنا المسلحة وندعو لها بالصلاح ونشجعها على التغيير ،أما بالنسبة للسودان فهو انهار بالفعل وتشتت شعبه أفراد وجماعات وتشققت قبائله، وما كان لهذه الكيانات أن تتشكل إن كان القوات المسلحة كما قال، والمطلوب منها الآن الاعتراف بأن النظام المخلوع أدخلها في ورطة تاريخية، وهي الآن أمام محك التغيير، إذ عليها إعادة بناء نفسها على أسس تمكنها من أن تكون نموذجاً متفرداً للقومية،وهذا حلم كل الشعب السوداني فقد افتقدها طويلاً وما زال يفتقدها حتى اليوم .
القوات المسلحة هي الكابح الذي يمنع وقوع أي فوضى سياسية يفكر فيها تجار السلطة الذين يسلكون إليها الطريق الأسهل والأقرب عبرها هي نفسها رغم أنه الأعلى تكلفة على البلد والشعب.
بلاشك لا يمكننا أن نقول إن القوات المسلحة صححت مسارها من خلال الكلام فقط،وهو وحده لا يطمئن لانه مرحلة أولى تعكس حالة تغير في القناعات ربما ، ولكن يجب أن يتبعها فعل على أرض الواقع وفي أسرع وقت، والآن أمام القوات المسلحة فرصة تاريخيةلبناء نفسها حتى يطابق الكلام الفعل حينها فقط يمكن لنا أن نطمئن على مستقبل السودان والتحول الديمقراطي.
صحيفة السوداني