أسماء جمعة تكتب تحرَّكْ بسرعة يا وزير الصناعة
في عهد النظام المخلوع ظلَّ ﺍﺗﺤﺎﺩ ﺍﻟﻐﺮﻑ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ والخبراء والعلماء وحتى المواطنين ينبهون باستمرار ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻧﺸﺎﻁ ﺍﻟﻘﻄﺎﻉ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﺳﻴﺘﻮﻗﻒ ﺑﺴﺒﺐ ﺳﻴﺎﺳﺎته ﺍﻟﻤﻌﻮﻗﺔ ﻟﺘﻄﻮﺭﻩ، فالقطاع ﻟﻢ ﻳﻌﺪ ﻗﺎﺩﺭﺍً ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ تلك ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺎﺕ، ﻭﻟﻜنه ﺗﺠﺎﻫل ﺍﻷﻣﺮ، ﻭﺑﺎﻟﻔﻌﻞ بدأ النشاط الاقتصادي يتراجع منذ مطلع التسعينيات ثم انهار في السنوات العشر الأخيرة تماماً فقد ﺗﻮﻗﻒت ﻣﺌﺎﺕ ﺍﻟﻤﺼﺎﻧﻊ ﻭﺧﺮﺟت ﻋﻦ ﺩﺍﺋﺮﺓ ﺍﻹﻧﺘﺎﺝ كلياً، وهذا أدى إلى تشريد آلاف العمال وتحولهم إلى العطالة والأعمال الهامشية، فلحقوا بالذين تشردوا من القطاعات الأخرى.
الآن وقد سقط ذلك النظام اللعين وجاءت حكومة الثورة، السؤال الذي يفرض نفسه ماذا فعلت بتلك السياسات وأين سياساتها الجديدة وقد مرت سنتان على سقوط ذلك النظام عدو الصناعة، ولم نرَ تغييراً يذكر بل زاد الأمر سوءاً، مع أنَّ جزءاَ كبيراَ من تلك السياسات تعالجها القرارات والقوانين ولا تحتاج إلى دراسة ولا خطة ولا لجان تقوم وتقعد، ولا أدري ماذا ينتظر وزير الصناعة الذي جئ به فزع، فهو لم يعالج حتى مشكلة الضرائب والجبايات التي قيل إنها تبلغ حوالي 20 رسماً تستهلك حوالي نصف قيمة الإنتاج، وهذا يؤدي إلى ارتفاع أسعار المنتجات ويتحمل التكلفة المواطن المسكين وحده .
هناك عشرات الدراسات والبحوث التي ناقشت مشاكل الصناعة وقدمت الحلول الناجعة، ما على السيد وزير الصناعة إلا أن يقوم بتطبيقها ويصدر القرارات والقوانين وشروط الدخول إلى هذا العالم، ثم متابعة تنفيذها بدقة وصرامة ومتابعة المصانع للتأكد من أنها تلتزم بالمعايير الفنية فهي من طول الإهمال أصبحت تعاني الفوضى،هذا بالإضافة إلى فتح أبواب الاستثمار في المجالات الصناعية المختلفة، فهناك الكثير من المواطنين جهزوا مشاريعهم منذ زمن وفي انتظار الحكومة .
لقد تأخرت وزارة الصناعة جداً في اتخاذ خطوات عملية لتحريك عجلة الصناعة، والآن مضى على تعيين الوزير أكثر من شهرين أي أن المائة يوم الأولى التي تكشف عن قوة أداء المسؤول شارفت على الانتهاء، ولم نرَ شيئاً غير تصريحات تعيد كلاماً مستهلكاً منذ عهد النظام المخلوع، وآخر معروف وزيارات ولقاءات إعلامية لا تسمن ولا تغني من جوع، ولا أعتقد أنه وجد الوزارة على الزيرو حتى يبدأ منه، فلابد أن هناك خطوات شرع فيها سلفه حسب خطة الحكومة الانتقالية ويفترض أنها الآن توتي أكلها .
في إحدى اللقاءات الصحفية قال إبراهيم الشيخ إنه يشعر بمعاناة المواطنين ولكن يطلب منهم الصبر، ونحن نقول له لا مجال للصبر وليس هناك ما يستحق الصبر أصلاً فإنعاش، الصناعة يحتاج أولاً إلى قرارات شجاعة تعالج الأخطاء المقصودة التي ارتكبها النظام المخلوع وبسرعة، وإن تمت هذه الخطوة يكون نصف المشوار قد انتهى ويتبقى المشوار الصعب والذي يحتاج إلى صبر وهو تأسيس البنية التحتية، وهذا أيضاً لم يعد صعباً مع التكنولوجيا الحديثة وإذا التزم الناس بالنزاهة والشفافية وقوة الإرادة .
نقول للسيد وزير الصناعة تحرَّكْ بسرعة وفكر خارج الصندوق فليس هناك ما يستدعي التأخير لإنعاش القطاع الصناعي، إلا إذا كنت تفكر بعقلية كوادر النظام المخلوع وحينها إذا انتظرنا 30 سنة سنكون من الخاسرين.
صحيفة السوداني