الصادق المقلي يكتب: هل هى لعنة الثلاثين عاما.. رئيس مخلوع و اخر مقتول… تشاد.. على موعد مع صيف ساخن
بقلم : السفير الصادق المقلي
اتخذت الحكومة الانتقالية موقفا حصيفا.. عليها ان تلعب نفس الدور التى لعبته حكومة جنوب السودان فى التوسط بين المجلس العسكري الانتقالي.. رغم اننى لا أعتقد ان متمردى تشاد سوف يعترفون به.. و هو ما ظهر فى رد فعلهم الذى رفضوا فيه تشكيل المجلس.. و قالوا…. ان النظام فى تشاد ليس ملكيا.. فى اشارة الى تولى نجل دبى رئاسة المجلس.. اى يرفضون هذا السيناريو الشبيه فى الكونغو الديمقراطية عند مقتل كابيلا الاب الذى ورث الحكم من بعده…آسف للاستطراد… اقصد فى ظل هذا الاستقطاب الحاد..لماذا لا يلعب السودان دور الوسيط كما فعلت حكومة جنوب السودان….. اتفاق جوبا…. سيما و ان الكثير من القيادات الأمنية و العسكرية و حتى القبلية لها علاقات مع رصفاءها فى تشاد.. و لا ننسى ان نظام الانقاذ لعب دورا محوريا فى وصول دبى للسلطة فى انجمينا… و لذلك هناك الكثير من ممن هم فى السلطة او الاجهزة الامنية او الجماعات القبلية ممن يمكن لهم لعب هذا الدور.. خاصة عندما يتازم الوضع… و هو امر غير مستبعد في تشاد.. و لا شك ان سيولة الوضع في تشاد سيكون لها تداعياتها على السودان.. خاصة تدفق اللاجئين في حالة… لا قدر الله.. نشوب حرب أهلية هناك.. و ايضا تداعياتها الجيوسياسية سيما و ان فرنسا.. لا يهمها من يحكم.. بقدر ما يهمما استقرار الأوضاع في تشاد و استمرار من يحكم هناك فى مواصلة جهود دبى مع فرنسا في مواجهة الحركات الجهادية و ما تسميه بالإرهاب فى الساحل و الصحراء خاصة بوكو حرام.. و استقرار المنطقة و مكافحة الاتجار بالبشر و الهجرة غير الشرعية.و هذا ما ظهر فى تصريحى الرئيس ماكرون و وزيرة الجيوش الفرنسية فى رد فعلهم عن الأحداث في تشاد . كما قلت سابقا ان العسكر جانبهم التوفيق في اخراج هذا السيناريو الذى هو اشبه بسيناريو اللجنة الأمنية في السودان.. حيث تولى السلطة الصف الأول من القوات النظامية… و لعل أكبر خطا هو تولى نجل دبى للرئاسة.. الامر الذى من شأنه ان يصب المزيد من الزيت على نار الوضع المتازم في تشاد.. و سوف تواجهه الكثير من التحديات.. و لن تعترف الحركات المسلحة و لا المعارضة المدنية بهذا السيناريو الذى لا اعتقد انه سيعمر الا على لهيب حرب أهلية… لا اعتقد ان الجبهة الثورية و التى تغلب عليها قبيلة الزغاوة… حتى و لو تولت حكم إقليم دارفور… ستنتهج نفس سياسة ما حدث ابان الإنقاذ فى مساندة دبى… بل اعتقد انه من الأفضل ان تلعب كما ذكرت آنفا دور الوسيط.. سيما و ان لها تداخلا قبليا مع زغاوة تشاد الذين مكنهم دبى فى مفاصل السلطة في تشاد… ان تلعب دور الوسيط فى جلب الفرقاء… العسكر و الحركات المسلحة الى طاولة المفاوضات و التوصل الى وفاق يجنب البلاد الحروب الأهلية التي ستقضي دون شك.. فى هذا البلد الهش.. على الأخضر و اليابس …
الكثير من الأسئلة مطروحة حول ملابسات مقتل الرئيس و مستقل الوضوح السياسي في تشاد.. لكن اذا القينا نطرة على المشهد الراهن… فهو يبدو و كانه إنقلاب قصر أشبه لانقلاب اللجنة الأمنية.. و لم يحالفه التوفيق فى إخراج المسرحية كما فعل ابن عوف و صحبه فى اللجنة الأمنية.. فذهبوا جميعا بعد ما انكشف المستور… و هذا تقريبا يشبه ما حدث حاليا في تشاد.. ما حدث أيضا انقلاب قصر بامتياز… لان فيه تقويض الدستور الذى ينص على تولى رئيس البرلمان الرئاسة فى حالة وفاة الرئيس.. لكن عسكر تشاد.. قوضوا الدستور و نصبوا أنفسهم حكاما… قلت ان المسرحية جانبها التوفيق لان العسكر بدلا من تولى ضباط من الصفوف الخلفية لقيادة الانقلاب.. ولوا امرهم لنجل الرئيس المقتول إدريس دبى.. و هو جنرال اعتقد فى السابعة و العشرين من عمره. عينه والد مديرا للاستخبارات العسكرية و اعتقد ايضا تولى منصب رئاسة الحرس الجمهوري… و قد كان مرد ذلك ان دبى لم تكن له ثقة فى كبار الضباط حتى من منسوبى قبيلته… و هذا السناريو يشبه الى حد كبير سيناريو الجنرال ابن عوف الذى لم تمتد رئاسته لاكثر من ٤٨ ساعة و بعد ذلك حدث ما حدث… و فى اعتقادى ان هذا السناريو الذى هو ايضا سيئ الاخراج سوف تكون له عواقب وخيمة على صعيد الامن و الاستقرار السياسي في تشاد… سيما و ان البلاد التى كانت تحكم بقبضة من حديد و نظام انتخابى وهمى و انتخابات يتهمها معارضو دبى بالتزوير على المستوى الرئاسي و البرلمانى.. فضلا عن ان التنظيمات المعارضة التى قاطعت الانتخابات الرئاسية الأخيرة و التى فاز فيها دبى بحوالى ٨٠ في المائة من الأصوات لعهدة سادسة.. بعد ثلاثين عاما من الحكم .. الا انه قتل بعد ثلاثين ساعة من اعلان فوزه رسمياً….!! فضلا عن تقدم الحركات المسلحة و اهمها جبهة الوفاق نحو العاصمة انجمينا و شعورها حاليا بالنصر اثر مقتل دبى… فباالتاكيد هى و التنظيمات السياسية المعارضة لا يمكن ان تقف مكتوفة الأيدي ازاء ما تراه نوعا من توريث الحكم فى بلادها…نعم الوضع تلفه حاليا الكثير من الضبابية و مفتوح لكل السنيوراهات.. لكن اعتقد ان تشاد موعودة بصيف ساخن… ما لم تحدث معجزة خلال الأيام المقبلة و يمد العسكر ايديهم للمعارضة المسلحة و المدينة و يحدث سينامى اخر يمهد للاستقرار السياسي في البلاد.. و الا فان نذر الحرب الأهلية تلوح فى البلاد اذا لم يحكم عسكر تشاد العقول… فرنسا التى كان دبى حليفا قويا لها ربما تلعب دورا في هذا الصدد خاصة و ان رد الفعل الرسمى
صحيح هو نعى دبى و وصفه.. ( بالصديق الشجاع).. و فى ظل الاهتمام المتزايد لفرنسا لمجريات الأحداث في الساحل و فى لييبا التى كانت ملاذا للمعارضة المسلحة التشادية فضلا عن وجودها العسكري فى المنطقة للتصدي للتنظيمات الجهادية و على راسها بوكو حرام.. فضلا عن التنسيق مع تشاد. النيجر و افريقيا الوسطى.. لمحاربة ما تسميه بالتطرف الاسلامى و الاتجار بالبشر.. لذلك فرنسا لم تعلن تأييدها للمجلس العسكري الانتقالي فى انجمينا و انما اكتفت بإعلان حرصها و متابعتها لاستتباب الاستقرار في تشاد… على كل كما ذكرت آنفا الموقف مفتوح لكل السينيوراهات… و الايام المقبلة حبلى بالجديد المثير…
فرنسا لا يهمها من يجلس على سدة الحكم في تشاد.. حتى و لو كان الشيطان… لذا كانت دائما تعين دبى عسكريا فبى في كافة المواجهات العسكرية التى تعرض لها نظامه… بيد انها تلوذ بالصمت امام كافة احتجاجات المعارضة ازاء تزوير الانتخابات الرئاسية و غيرها كما لا تابه بتنديد العالم الحر بانتهاكات حقوق الإنسان في تشاد…
لا يهمها ذلك بقدر ما يهمها الدور الذى تلعبه دول النفوذ الفرنسي فى الساحل و الصحراء على التصدي لما تصفهم بالجماعات الجهادية و الإرهابية.
صحيفة الانتباهة