لا بديل غير الشفافية
اشرف عبد العزيز
عاود الجنيه رحلة التراجع امام سلة العملات الأجنبية بعد نحو شهرين من التحسن في أعقاب تخفيض الحكومة الانتقالية قيمة الجنيه إلى نحو 7 أضعاف.
والخميس جرى تداول بيع الدولار في السوق الموازي بـ 390 جنيها مقابل 387 جنيها للشراء فيما سجل سعر البيع للريال السعودي 104جنيهات والشراء 103جنيهات بينما بلغ سعر البيع للدرهم الاماراتي 105جنيهات والشراء 104جنيهات وسجل سعر البيع لليورو 465 جنيها والشراء 460 جنيها.
وفي المقابل حدد بنك السودان المركزي سعر الشراء للدولار بـ 381.7671 والبيع 383.6759.وارجع المتعاملون الارتفاع المفاجئ لزيادة الطلب على العملات الأجنبية مقابل شح المعروض وحذروا من أن الأسواق الموازية تشهد ارتفاعا في الطلب ما ادى الى زيادة أسعار العملات بالرغم من نشاط تحويلات المغتربين عبر القنوات المصرفية.
في الأثناء حذرت مصادر مصرفية من توسع أنشطة الأسواق الموازية مع وجود بَوادر لنقص السيولة في البنوك.
في مهاد القرار شكك بعض المراقبين فيه واعتبروا أن ما يحدث ليس تعويما، أو تحريرا كاملا لسعر الصرف، ونصحوا الحكومة الاكتفاء بسياسة سعر الصرف المرن المدار ولكن الحكومة قبلت بابتزازات صندوق النقد الدولي ومضت في انفاذ سياساتها الاقتصادية غير آبهة بالتداعيات.
من الواضح أن الحكومة لم تجد خياراً غير المغامرة فغامرت بتحريك سعر الصرف على أن تمضي قدماً في رفع الدعم عن السلع الاستهلاكية ، ومن حسن الصدف أن الشعب السوداني صبر على قراراتها بل تدافع (المغتربين) من أجل دعم الوطن وأرسلوا تحويلاتهم عبر البنوك وتحمل ذويهم بطء الاجراءات وتخلف الأنظمة البنكية .
في المقابل الحكومة نفسها وقفت عن الشراء من السوق الأسود ولكن لم ترد لخزينتها عملات صعبة تغطي احتياجات البلاد ، وبدلاً من أن تكون شفافة وتوضح ذلك للمواطنين ، أخفت حقيقة الأوضاع لتنفجر الأزمات وتصل مداها بالقطوعات المستمرة للكهرباء والندرة في الأدوية المنقذة للحياة وغيرها من الاحتياجات ، والآن بعد شهرين هاهي تعود مرة أخرى للسوق الموازي لتغطية حاجتها وهذا يعني انهزام مشروعها لأنها من الصعب أن تجاري السوق الموازي.
الحل بالطبع بالنسبة للحكومة كما قال وزير المالية د.جبريل إبراهيم هو قرارات مؤلمة جديدة ، وبالواضح زيادات في المحروقات والسكر والدقيق وغيرها من السلع التي تدعي الحكومة أنها ما زالت تدعمها .
قبل أيام زارت وزيرة الخارجية د.مريم الصادق الأمارات بغرض بحث متبقي القرض الأماراتي وسمعنا عن ودائع وغيرها فلماذا تزداد الأوضاع سوءً؟ ، صحيح أن الفاتورة الباهظة تعود للتركة الثقيلة التي خلفتها سياسات النظام البائد الخرقاء إزاء الاقتصاد بتضييع الموارد في الحروب وشراء ذمم البارونات السياسية لكن هذا لا يعفي حكومة الثورة من ايجاد حلول ، وقبلها تنوير الشعب السوداني بحقيقة الأوضاع ، وإذا سلمت (الجرة) في كل مرة قد لا تسلم ولا بديل غير الشفافية.
صحيفة الجريدة