عبد الله مسار يكتب.. سد النهضة (٣)
كتبنا في مقالين سابقين عن سد النهضة، موقعه وسعته والغرض منه، وقلنا إنّه يقع في منطقة بني شنقول على حدود السودان، وقلنا إن سعته 74 مليار متر مكعب، وتُملأ على مراحل، المرحلة الأولى حوالى خمسة مليارات متر مكعب تمت في عام 2020م، وأمامنا المرحلة الثانية في يوليو 2021 وهي حوالي خمسة عشر مليار متر مكعب، وقلنا إن ارض السد رخوة وهي منطقة أخاديد، وقلنا إن السد مُعرّضٌ أن تصاب قاعدته بالتشقق أو أن ينهار بفعل الحرارة، وقلنا إن السد حال انهياره يُعرِّض السودان للغرق، حيث تتدفق المياه على ارتفاع ثلاثين متراً وتنشر المياه على جانبي النهر في طول مياه وخمسين كيلو متراً على الجانبين، وقلنا حال القفل يتأثر السودان ومصر من نقص المياه.
هنا نتحدث عن ماذا يحدث حال فشلت المحادثات بين مصر والسودان من جهة، وإثيوبيا من جهة أخرى ورفضت إثيوبيا الموافقة على جدولة ملء السد على مراحل واصرت على الملء في يوليو المقبل دون موافقة السودان ومصر.
الخيارات أمام السودان ومصر محدودة جداً وهي:
١/ رفع الأمر إلى مجلس الأمن باعتبار أن القضية تؤثر على الأمن والسلم الدوليين، وطلب وقف الملء إلا بالاتفاق بين الأطراف، وهنا يستعمل المجلس صلاحياته ويصر على اتفاق الأطراف ثم الملء.
٢/ الشكوى إلى محكمة العدل الدولية ضد إثيوبيا، باعتبار أن النزاع، نزاع دول وهي جهة اختصاص، ويطلب منها إيقاف الملء وتفعيل قوانين المياه العابرة للدول، وقد يأخذ التقاضي مرحلة طويلة وخاصة إذا لم تتخذ المحكمة قرار الإيقاف العاجل ويستمر التقاضي حتى يُفصل في القضية.
٣/ هنا الخيار الصعب وهو ضرب السد من قِبل مصر والسودان وهذا يحتاج لحسابات كثيرة، أولها تعبئة وتهيئة الشارع السوداني والمصري لظروف ما بعد ذلك وخاصة قد يؤدي الأمر إلى حرب شاملة، كما يجب أن تستعد الحكومتان لهذا الواقع الحديد، وخاصة حكومة السودان وهي متعاطفة مع إثيوبيا، قد تعمل بمبدأ مكرهاً أخاك لا بطل ثم تفريق مياه بحيرة الروصيرص في وقت مبكر، حيث إن سعة البحيرة خمسة مليارات متر مكعب والمياه المخزنة الآن في بحيرة سد النهضة حوالي خمسة مليارات متر مكعب، لتستوعب المياه المتدفقة من بحيرة سد النهضة أيضاً مطلوب عمل سياسي ودبلوماسي من مصر والسودان للحصول على تأييد دول العالم وخاصة الدول الدائمة العضوية أمريكا وفرنسا وروسيا وبريطانيا والصين، ومن المعلوم أن هذه الدول حتى الآن تقف في صف مصر والسودان وخاصة بعد تصريح الرئيس السابق ترمب حول أن مصر لا خيار لها غير ضرب السد، لأن الأمر حياة أو موت، كما تحتاج مصر والسودان على تأييد الدول المؤثرة في افريقيا على رأس ذلك جنوب أفريقيا.
ثم تحتاج دولتا مصر والسودان لخطة عسكرية محكمة تعتمد على الطيران في ضرب السد، وهي تجهيزات كثيرة أدرى بها العسكريون مع مراجعة موقف بعض الدول التي تقف مع إثيوبيا وخاصة إسرائيل والإمارات المتحدة، لأن أمر السد فيه جوانب سياسية وهو ورقة ضد على مصر وخنق لها من قبل اسرائيل في أعالي السد.
ايضاً يحتاج أمر ضرب السد الى وقت مبكر لا يتجاوز نهاية مايو حتى لا تهطل الأمطار في الهضبة الإثيوبية.
عليه، أعتقد أن إثيوبيا ان تتراجع من قرار الملء الأحادي للسد، ولكن إثيوبيا تواجة ضغطا داخليا شديدا بتنفيذ ملء السد في الموعد المحدد له، خاصة وان آبي أحمد رئيس وزراء إثيوبيا في أضعف حالاته والمشاكل الداخلية تمسك بتلابيبه وخاصة قضية شعب التقراي وأيضاً الضغط الشديد على إرتيريا من مجلس الأمن لتسحب قواتها من إثيوبيا، كذلك الأمر يحتاج لتأمينات عسكرية قوية لسدود السودان ومصر وخاصة السد العالي والأماكن المهمة والاستراتيجية، والاستعداد لحرب طويلة الأمد، وكذلك انتشار قوات كبيرة في الحدود السودانية الإثيوبية.
عليه، أعتقد أن خيار ضرب السد وارد بعد فشل مُحادثات كينشاسا، وأعتقد ان المناورات التي تمت في مرحلة من مراحل الاستعداد والتنسيق لهذا الغرض أيضاً تسربت بعض المعلومات عن الخطة. (ب)
نأمل أن تحل القضية بالمفاوضات وسلمياً رغم ضيق الوقت، ولكن حال اصرار اثيوبيا على الملء دون موافقة السودان ومصر، الخيار الثاني أعتقد انه راجح لأن ملء السودان دون موافقة السودان ومصر هو خيار موت، ولذلك ستعمل الدولتان بمبدأ من لم يمت بالسيف مات بغيره.
تعدّدت الأسباب والموت واحد.
تحياتي
صحيفة الصيحة