عثمان ميرغني يكتب عجز القادرين على التمام

عثمان ميرغني
عجز القادرين على التمام
تحكي الطرفة المعروفة أن رئيس دولة قليلة السكان زار دولة الصين، وفي سياق العبارات الدبلوماسية المتبادلة عادة بين الرؤساء سأله الرئيس الصيني كم عدد سكان دولتكم. رد عليه رئيس الدولة الزائر أنهم ربع مليون.. فقال له الرئيس الصيني (طيب ما كان تجيبهم معاك؟).. ويقصد طبعاً المقارنة بعدد سكان الصين الذي يتاخم المليار والنصف.
عند زيارتي لولاية البحر الأحمر (الخميس- الأحد) الماضي.. سألت الوالي المهنس عبد الله شنقراي، كم عدد سكان مدينة بورتسودان، قال لي 800 ألف، في الحال تذكرت أحياء مثل أم بده، والحاج يوسف والكلاكلات فهي تمثل الصين في النكتة سالفة الذكر.
مجموع سكان ولاية البحر الأحمر مترامية الأطراف هم أقل من سكان أحد أحياء العاصمة الخرطوم.. لكن في المقابل فإن موارد ولاية البحر الأحمر تكفي السودان كاملاً وبعض الدول المجاورة.. قلة في السكان و تخمة في الموارد.. ومع ذلك فهذه الولاية يعاني سكانها من الفقر المدقع وفي أدب يشتكون بمرارة أن المركز يأكل خيراتهم ويترك لهم الفتات..
الوالي في حديثه أمام منتدى “كباية شاي” كرر ذلك أكثر من مرة، أن الولاية كأني بها لسان حالها (رب إني لما أنزلت إليّ من خير فقير).. ففيها هيئة الموانيء البحرية شريان الحياة للسودان والذي عبره تمر كل تجارة السودان تقريباً من الصادر والوارد. لكن مدينة بورتسودان نفسها التي تمر بها هذه الخيرات في أحيانٍ كثيرة تنتظر من المركز أن يجود عليها بما هو أصلاً يمر عبر يديها.
ولاية البحر الأحمر أنعم الله عليها بالإطلالة الساحلية التي تضم كل الموانيء البحرية السودانية، و أنعم عليها بالمعادن من الحديد إلى الذهب وما بينهما والثروة الحيوانية والسمكية وفوق كل هذا الزراعة، أكثر من مليون فدان صالحة للزراعة.. و أنعم عليها بالسياحة..
بعض الحضور في المنتدى حرضوا الوالي على انتزاع ما يرونه حق الولاية في المركز، و في سياق التحريض قال أحدهم ( أقلع لينا حقنا ونحن نقف خلفك ونترس ليك الولاية) أو هكذا كان المعنى!
والحقيقة لا الوالي في حاجة لـ”القلع” ولا الولاية في حاجة لـ”التتريس” ففي بلادنا ما يكفي من “المقالعات” التي ما أنتجت سوى قلع ثيابنا الوطنية أمام العالم.
إنتاج الحلول الحكيمة واحد من أهم سمات الدولة الراشدة.. وفي تقديري الحلول هنا ليست سهلة بل سهلة جداً بشرط الخروج من المسلمات المزمنة..
نواصل..
15
صحيفة السوداني






