مقالات متنوعة

زين العابدين صالح عبد الرحمن يكتب: السلوك الخطأ هو الخطر علي الديمقراطية

أن السلطة دائما تكشف زيف الشعارات، و تمتحن قناعات القيادات السياسية. و الديمقراطية لا ترسخ في المجتمع عبر الشعارات و الهتافات، بل عبر الممارسات المتواصلة و المتراكمة، و الديمقراطية تقوم علي ثلاث ركائز أساسية عبر عنها شعار الثورة ” حرية – سلام و عدالة” و إذا غاب أحد أضلاع المثلث تمثل إشارة أن الإنهيار قادم إذا لم يتدركه القوم. و أيضا الديمقراطية لا تطالب الشخص أن يقدم مبررات كثيرة لكي يصدع بكلمة الحق، بل عليه أن يقدم نقده للخطأ دون أي مسوغات أخرى يعتقد تؤثر علي موقفه السياسي. إذا كانت القيادات السياسية التي يقع عليها عبء عملية التحول الديمقراطي في البلاد، قد عجزت أن تنقد العمل الخطأ، تكون غير جديرة بهذه القيادة، و يكون وجودها في السلطة فقط من أجل مصالح حزبية ضيقة، أو من أجل منافع خاصة.
أن العمل الذي قامت به الشرطة بضرب مجموعة إسلامية بالبمبان، و هم حضور لإفطار رمضاني، هي خطأ بكل المقايس، و ليس لها علاقة بالديمقراطية، إذا كان هو قرار صادر من النائب العام أو غيره. و معلوم أن الشرطة لا تقوم بذلك إلا بقرار من أمين النيابة المصاحب لها، و هذا لا يتحرك إلا من السلطة التنفيذية الممثلة في ” والي ولاية الخرطوم أو لجنة إزالة التمكين” و بالتالي هو قرار سياسي في المقام الأول. و لا اعتقد أن يكون صادر من رئيس الوزراء، فالرجل نختلف معه في بطء عمله و فشل في إيجاد حل لأزمات البلاد، و أيضا عمله الذي بدون رؤية محددة و مشروع سياسي، لكنه لا يقدم على مثل هذا العمل، لأنه دائما يحاول البعد عن الصدام مع الشارع، و لا يريد الدخول في مشاكسات سياسية. و تأكيدا لذلك تغريدة إبراهيم الشيخ القيادي في المؤتمر السوداني و وزير الصناعة حيث قال في تصريح نشرته جريدة ” الجريدة” ساءني كثيرا ما شهدته من اطلاق البمبان على شباب الكيزان و هم صائمون و قبل دقائق من موعد الأفطار” فإذا كان القرار صادر من رئيس الوزراء لا يغرد الشيخ، لأنه سوف يكون جزء من القرار، و تغريدته بمثابة نفي عن مجلس الوزراء بطريق غير مباشر. و لا اعتقد أن يكون القرار صادر من مجموعة العسكريين في السلطة لأنها غير معنية بذلك. و أيضا ليست الجبهة الثورية، بالذي كتبه ياسر عرمان يقول ” فأولوياتنا تتمثل في تفكيك نظام المؤتمر الوطني بلا رحمة و في إطار دولة القانون و أن نترك لهم إفطار رمضان برحمة فهم في الإفطار أعينهم و قلوبهم لا تتجه بخشية و خشوع إلي رب العالمين” فالجهة التي أصدرت قرار فض الإفطار بالبمبان هي لجنة إزالة التمكين.
الغريب في الأمر؛ أن هذه اللجنة كان من المفترض أن تتعامل بحكمة و رجاحة عقل، لكنها منذ شهرها الأول تعاملت مع القضية كأنها صراع طلابي، و بالتالي استخدمت المنصات لتصفية حسابات، و ليست عادلة تقتضيها عملية التحول الديمقراطي في البلاد. أن الذين يريدون أن تنجح عملية التحول الديمقراطي في البلاد يجب أن يكونوا حريصين أن ينشروا ثقافة الديمقراطية التي ترسيخ قيمها في المجتمع، و ليس أعطاء هذه المنصة طابع الانتقام و التشفي. المطلوب هو بالفعل إرجاع كل حقوق الشعب السوداني و محاكمة المفسدين و كل الذين استغلوا وظائفهم للمنافع الخاصة، وفقا للقانون و عدم الدخول في مهاترات، كالتي نسمعها من اتهامات يرسلها بعض أعضائها في الندوات العامة، لبعض الاشخاص بأنهم فتحوا بلاغات و يتضح ليس هناك بلاغات مفتوحة. أو الدخول في استفزازات مع الذين يتم مصادرتهم، فالسلوك الذي نشاهده و نسمعه من بعض أعضاء هذه اللجنة إذا كان في منابر مصادراتها، أو في الندوات، سلوك بعض أفرادها يجل الشخص يحدد من الذي يمكن أن يكون قد أصدر قرارا بضرب أفطار صائمين بالبمبان.
أن هذا العمل يخالف نصوص الوثيقة الدستورية في حق المواطنين في التجمع. و هناك محاولة لشيطنة قرار إزالة التمكين الخاص بنظام الإنقاذ، حيث الحزب الممنوع من النشاط السياسي هو حزب المؤتمر الوطني. و معلوم أن الإسلاميين مجموعات مختلفة هناك المؤتمر الشعبي و هناك الأخوان و هم مجموعات عديدة، و جماعة انصار السنة أيضا مجموعات و حزب التحرير الاسلامي و المجموعات الصوفية و غيرها. لكن هناك البعض الذين يريدون أن يجعلوهم جميعا في سلة واحدة، رغم الاختلافات بينهم، هذه الشيطنة ليست في مصلحة الديمقراطية. خاصة بعض الأحزاب تريد هذا الخلط و تشجعه، و هي أحزاب ليس لها قواعد، و مرجعياتها الفكرية غير موائمة للعملية الديمقراطية، هؤلاء بعضهم وصل للسلطة و يريدون أن تمتد الفترة الانتقالية لأنهم لا يستطيعون أن ينافسوا في الانتخابات ما بعد الفترة الانتقالية. لذلك هم الذين يحاولون أن تفشل الفترة الانتقالية. نسأل الله حسن البصيرة.

صحيفة الانتباهة