محمد عبد الماجد

محمد عبد الماجد يكتب: السودان جميل بدون كيزان

(1)
في كل انحاء العالم عندما تحدث (ثورة) ويسقط نظام الحكم تحدث ازمات اقتصادية قاحلة وتنعدم بعض السلع الضرورية ويحصل شح فيها، يؤدي الى النهب والسلب والتفلتات الامنية والغلاء.
ما بالكم اذا حدثت الثورة في السودان واحتفظت برأس النظام في مكان آمن!! بعد زوال نظام قمعي وفاسد كان يسيطر على كل مفاصل الدولة ويسلح انصاره ويهدد بكتائب الظل، وحمل الناس (بقجهم) على رؤوسهم اذا سقط نظامهم، ليكون مصير السودان مثل مصير ليبيا وسوريا واليمن.
التركيبة السودانية تركيبة (قبلية) لعب فيها النظام البائد وجعلها قابلة للانفجار في أي لحظة في ظل تجييش الشعب وتحويل القبائل الى حركات مسلحة.
هذه التوليفة السودانية المعقدة التعامل معها بعد ثورة كانت تحمل شعار (الحل في البل) و (أي كوز ندوسو دوس) امر غاية من الصعوبة بعد ان تم تحويل (اموال) البلاد وخيراتها الى تركيا وماليزيا ودول الخليج.
الطبيعي بعد سقوط نظام الانقاذ ومع جائحة كورونا التي ادخلت دول في حجم امريكا وفرنسا وايطاليا وانجلترا في دائرة المعاناة والعوز ان تحدث تفلتات امنية وجوع وأزمات ومعاناة في بلد نهبت ثروتها وبيعت حتى متاحفها التاريخية وشرد كوادرها وخبراتها العلمية – المقارنة بين ما يحدث الآن وما كان يتوقع ان يحدث (ان يحمل الناس بقجهم فوق رؤوسهم) لا بد من انه يصب في صالح الثورة، ويؤكد ان البلاد تجاوزت مطبات خطيرة.
فساد الانقاذ لم يكن في البنوك والذهب والنفط الاقتصاد– فساد الانقاذ كان في القوات النظامية وفي الاراضي وفي الصحة وفي التعليم وفي العلاقات الخارجية وفي الدين وفي اخلاقيات وسلوك الناس.
لولا ان اصل السوداني (جميل) وطبعه التسامح والسلام والمودة لحدث ما لا يمكن ان يتخيله احد.
هذه البلاد حفظها تمسك اهلها بالدين وحبهم للمصطفى عليه الصلاة والسلام وايمانهم بنيل وامدرمان وهلال ومريخ ووردي واحد.
(2)
هؤلاء الكيزان اوحوا الى شيوخهم في حالات الجدب والجفاء والتصحر والوباء ان المسؤول من هذا هو (الشعب) الذي افسد في الارض وعاقبه الله بهذه الابتلاءات.
عندما يحدث خير ورخاء فهو منهم ومن قياداتهم السياسية ومن صلاح الراعي والمسؤول.
بعد الانقاذ هطلت الامطار وفاض النيل ووصلت السيول لأراضي كان يميتها العطش (30) عاماً.
اذكرهم عندما كان يتأخر الخريف وتمسك السماء بركاتها عن الارض كانوا يصلون برموزهم وانصارهم صلاة الاستسقاء – لا تستجيب لهم السماء إلا بالقليل من الامطار تسمى (رشوشة) اذا جاءت نهاراً و(نقناقة) اذا جاءت ليلاً – وكان يعتبرون ذلك صلاحاً منهم واستجابة للمولى عز وجل لدعواتهم.
الآن تهطل الامطار وتتدفق المياه ويفيض النيل على كل الاراضي وصلاً وخيراً.
جاء شهر رمضان ومع كل هذه المعاناة والغلاء – اختفت الصفوف وعاد (الخبز) يعرض في المحلات التجارية في ليالي الخرطوم وامسياتها وحدثت رحمة من الله استقرار في التيار الكهربائي وفي البنزين والجاز والجازولين.
(3)
لو كان نظام الانقاذ يحكم البلاد حتى الآن لجعلوا من (الكورونا) تجارة رائجة لها يتكسبون منها بما يشاءون استغلالاً للهلع والخوف الذي يسببه فيروس كورونا.
لو كان البشير رئيساً لاصبحت حدود السودان (قري) شمالاً وغرباً غابة السنط التي تقع على ضفاف النيل الابيض وجنوبا جبل اولياء وشرقاً الحاج يوسف.
كان هذا سوف يكون كل السودان.
كوبري الحديد الذي يربط بين الخرطوم وام درمان لو كان علي عثمان محمد طه في السلطة كان باعوه (خردة) – لم تسلم منه (صامولة) واحدة على طريقة النقل النهري وسودانير وخط هيثرو.
ترخيص السيارة كان سوف يكون بالنص معهم– والدخول لجامعة الخرطوم كان سوف يكون خصاصة لهم.
لو كانوا يحكمون السودان كان سوف يتم بيع مطار الخرطوم القديم والجديد والاكتفاء بالنوايا والخرط التي رسمت للبديل.
مستشفى الخرطوم كان سوف يتحول الى منتجع سياحي لمامون حميدة، وتلفزيون السودان كان سوف يصبح (مول) لليسع صاحب الالف دكان في السوق العربي.
نهر النيل كان سوف يتم خصخصته ليصبح (مياه صحية) تباع بالقارورات على شاكلة (سوبا) و (صافية).
الحريات الصحفية كانت سوف تضيق حتى تصل لمرحلة منع الرسائل الهاتفية ذات الطابع السياسي بين الناس. وربما يمنع السلام والتحايا.
جزمة البشير كانت سوف تتضخم ليصبح تحتها المحكمة الجنائية والاتحاد الافريقي وجامعة الدول العربية وكل دول الجوار… (البركاوي) كان سوف يصرف للجميع وليس للسفيرة البريطانية وحدها.
دار الرياضة امدرمان كان سوف يتحول الى مغسلة عربات بينما يتحول المسرح القومي امدرمان الى (مزرعة دواجن) لاحد كوادر الحزب الحاكم.
الهلال تلقائياً سوف يلعب في (الثانية) ويصبح نادي المريخ فريق كرة سلة فقط… وتصير اغنية عثمان حسين (كيف لا اعشق جمالك) اعلان لمرقة دجاج!!
(4)
بغم /
كل ما جاء ذكره في الفقرات السابقة كان سوف يأتي تحت شعار (هي لله …هي لله).
وانا حصل قبل كدا كضبت عليكم؟

صحيفة الانتباهة