اسماء جمعة تكتب مناوي حاكمًا لدارفور.. عايرة وأدوها سوط
كان رأيي دائمًا هو ألا يتولى قادة حركات دارفور أي مناصب في الدولة، وبدلًا من ذلك يكرسوا جهدهم في العمل مع المجتمع من أجل رتق نسيجه الاجتماعي وتحقيق العدالة والمصالحات وبناء السلام وإحداث تغيير جذري عميق يسهم في تحريكه ودفعه نحو العمل والإنتاج وغيره، وتشجيعه على ممارسة المناشط الرياضية والثقافية والفنية التي توفر بيئة التعايش وتنسيه الصراعات، أما المناصب السياسة فيتولاها غير القادة من أهل الخبرة والتأهيل والقبول على أن يعمل القادة على دعمهم، هذا هو التفكيرالمنطقي والمستقيم والطبيعي لمن يناضل من أجل مجتمعه ويريد أن يرفع عنه النظام والتهميش.
قادة حركات دارفور دائمًا يثبتون أنهم طلاب سلطة وثروة فقط ولا يظهرون اهتمامًا يذكر بشيء غيرهما،فمثلًا منذ أن وصلوا إلى الخرطوم بعد توقيع السلام إياه قبل سبعةأشهر،لم يكلفوا أنفسهم زيارة دارفور وتفقدها لمعرفة حالها بعد الحرب، ولم نسمعهم يتحدثون عن خطة أو رؤية واضحة للعبور بها، وليس لديهم تواصل مع أهلها ويخافون التواصل المباشر معهم، فهم يعلمون أنهم ارتكبوا في حقهم فظائع لا تغتفر.
قبل يومين أصدر رئيس مجلس الوزراء عبدالله حمدوك، قرارًا قضى بتعيين مني أركو مناوي حاكماً لإقليم دارفور بناءً على اتفاقية سلام السودان بين الحكومة الانتقالية، وأطراف العملية السلمية،وحقيقة هي صفعة قوية لدارفور، وكما يقال (عايرة وأدوها صوت) فالمنصب لا علاقة له بسلام دارفور بل سيفجر الموقف وهو تهور من رئيس الوزراء ستكون له عواقب وخيمة.
في اعتقادي تعيين مني حاكمًا لإقليم دارفور غير موفق فهو غير مؤهل له، وتجربته السياسية ضعيفة، فهي لم تتجاوز عمله في حركات ضعيفة سياسيًا وعنصرية كثيرة الصراعات والانشقاقات ومريضة، والأهم من هذا هو ليس محل اتفاق بين أهل دارفور حتى يكون منسقًا جيدًا بين الولاة وهذه هي المهمة الوحيدة التي يمكن أن يقوم بها حاكم إقليم عبارة عن ولايات، ولا أدري كيف سيتعامل مع الرفض الذي سيواجهه.
وما يجب ذكره هو أن هذا المناوي نفسه اتسخت أياديه من قبل بالاتفاق مع النظام المخلوع حين باع كل الحركات وجاء رئيسًا للسلطة الإقليمة وبعد أن كادت مدة المنصب أن تنتهي خرج متزرعًا بعدم جدية النظام وعاد للحرب، وهو الآن دون خجل يسعى لمنصب أكبر منه بكثير بدعم من الحركات التي تسيطر عليها إثنيته.
تعيين مني حاكمًا لدارفور في هذا الوقت الذي يحلم فيه مواطنوها بالشفافية والعدالة والأخذ برأيهم يعتبر استخفافًا بهم، فكل السودان ينتظر مؤتمر الحكم ليقرر مصيره بشكل علمي إلا دارفور تحكم بمزاج الحركات المختل، ويُعيّن لها حاكم دون مواصفات وشروط لماذا، وقد أوجدوا نصًا في الاتفاق يفرض سياسة الأمر الواقع، يقول يمكن أن تتحول دارفور إلى إقليم دون انتظار لمؤتمر نظام الحكم الذي اقترب موعده، لماذا انتظروا حتى هذا الوقت؟، وهذا دليل آخر يثبت تهافت قادة الحركات نحو المناصب؟ ولكن السؤال لماذا تستجيب لهم الحكومة بهذه الطريقة؟.
عمومًا تعيين مني حاكمًا لدارفور خطأ كبير ترتكبه الحكومة قد يشعل الإقليم من جديد، وهذا ليس رأييأنا وحدي بل رأي الكثير من المحللين والسياسين والمهتمين والرأي العام،وأعتقدأنكم قد لاحظتم العدد الكبير من المقالات التي انتشرت في وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي تشرح وتنصح، نتمنىأن تقرأها الحكومة جيدًا وألا تكون كالنظام المخلوع في قوة الرأس.
عمومًا نحن في عهد جديد تحقق بفضل ثورة الشعب ولا يجب السكوت على الخطأ ولابد من مقاومة تعيين مني بشتى الطرق والوسائل السلمية فالحق يعلى ولا يعلى عليه، هناك مهام أخرى تناسبه يجب أن يكلف بها.
صحيفة السوداني