مقالات متنوعة

(الحلا بله)!!

قضية مثول المطلوبين للمحكمة الجنائية بلاهاي كانت وما زالت مؤثرة على العملية السياسية في السودان ، ففي السابق كانت الانقاذ أسيرة لها خاصة بعد أن سيطر البشير على البلاد حتى أصبح ركيزة الحزب والنظام فالجميع يدين له بالولاء التام وحتى الخلافات والمنافسات بين القيادات تتم بمعزل عنه وتقرباً اليه فهو استطاع خلال عقدين من الزمان ان يسيطر على مفاصل الدولة والجيش والحزب ومع ذلك قالها في العام 2015 (كفاية حكم) فسارع الانتهازيون حوله ولوحوا له بالفزاعة (الجنائية ياعمك) فأصر على الترشح ناسفاً الحوار الوطني ليجدد ذات الموقف بعيد العام 2020 لتبدأ حملته الانتخابية غير آبه بغليان الشارع رافضاً كل النصائح بالتنازل عن العرش ليختم حكمه بأن يودع في السجن المركزي لتزور مدعية المحكمة الجنائية الخرطوم وتفتح لها أبواب القصر مشرعة بالرغم من قطع رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان بعدم تسليم البشير ليصبح ذلك ممكناً بعد توقيع الحكومة اتفاقاً مع الحركات المسلحة في جوبا.
يتواصل حضور المحكمة الجنائية في العملية السياسية السودانية بعد أن سلم كوشيب نفسه طوعاً لتبدأ المحكمة جلساتها الأولية معه قبل أن توجه له الاتهام، وفي المقابل يتوقع المراقبون أن افادات كوشيب سيكون لها ما بعدها وربما تسهم في (جرجرة) كثير من الذين ارتكبوا جرائم حرب وهم جزء من السلطة الآن.
وتتواصل الاحداث عاصفة بالانقلاب الأخير في المواقف لدى قيادات المؤتمر الوطني وعدول أحدهم بل رأسهم المثول أمام المحكمة ، وذلك باعلان رئيس المؤتمر الوطني المحلول احمد هرون عدم ممانعته المثول أمام المحكمة الجنائية بعد أن شكك في القضاء الداخلي رافضاً الادلاء بأي أقوال أمام محكمة شكلت للنظر في الجرائم والانتهاكات التي حدثت في دارفور في عهد الانقاذ.
ولم يكتف هرون بالتشكيك فقط بل أورد في بيان له أن المسؤوليات بشأن الجرائم ستطال حتى القادة الميدانيين ، وفي ذلك اشارة واضحة بأن ماتم يمكن ان يقع تحت دائرة الاشتراك الجنائي وهذا يعني أن الرجل اعتمد نظرية (علي وعلى أعدائي).
من المؤكد أن وفد الجنائية الذي يزور الخرطوم والتقى بوزيرة الخارجية مريم الصادق في اطار الترتيب لزيارة المدعية فاتو بنسودا التقط رسالة هرون خاصة وأن الرجل ترجمها باللغة الانجليزية ووزعها على نطاق واسع إيذاناً ببدء المعركة بينه وبين خصومه الذين حددهم في رسالته.
هذه المرة (الكلام دخل الحوش) هل تتجاهل المحكمة مطالبة أحد المطلوبين المثول أمامها؟ وهل تغض بنسودا النظر عن هرون وتذهب إلى دارفور قبل أن تعرج إلى سجن كوبر ؟ وماذا عن الحكومة خاصة المكون العسكري هل يتمسك بعدم التسليم ؟ كثيرة هي الأسئلة التي ترفع عقيرتها خاصة بعد تلويح أسر شهداء مجزرة فض الاعتصام اللجوء إلى المحكمة الجنائية ..(ما قلنا ليكم الجنائية ما زالت مؤثرة في السياسة السودانية)!!
***********

صحيفة الجريدة