جاليتنا في السلطنة
دعاني بعض الإخوة الأعزاء في لجنة التسيير التي حلت مكان مجلس الجالية السودانية بالسلطنة بعد ثورة ديسمبر المجيدة للإنضمام، أو على الأقل التشاور مع بعض الزملاء الإعلاميين السودانيين في السلطنة فيما يخص الهيئة الاستشارية التي تخطط اللجنة لتشكيلها.
. وقد اعتذرت لهؤلاء الإخوة بسبب كثرة المشاغل وضيق الوقت.
. لكن الواقع أن هناك سبباً آخر يمنعني من الإنضمام لمثل هذه الهيئة.
. ففكرة لجنة التسسير تقوم على تكوين هيئة استشارية من مختلف المهن لتقديم المشورة والدراسات والتواصل مع الجهات المعنية في الوطن لخدمة قضايا الجالية السودانية حسب ما جاء في تعميمهم.
. ولأن هناك صراعاً لاح في الأفق بين لجنة التسيير الحالية التي تضم معظم الأعضاء السابقين في مجلس الجالية المحلول، ومجموعة أخرى أسمت نفسها شباب من أجل الجالية (شال) ، فالرأي عندي كصحفي مستقل هو ألا أميل لإحدى المجموعتين.
. لجنة التسيير الحالية تمثل عملياً مجلس الجالية المحلول، وقد خبرها السودانيون هنا وعرفوا أفرادها وما يقومون به.
. والمجموعة الجديدة (شال) قدمت نفسها كبديل محتمل في حالة إجراء انتخابات بعد تجاوز جائحة الكورونا بإذن الكريم.
. ويبدو لي كمراقب للأحداث أن الصراع بلغ أشده بين المجموعتين وجرت محاولات للتوصل لحل وفاقي.
. والواقع أن شال تشكلت بسبب ملاحظات سالبة يرونها في لجنة التسيير.
. على المستوى الشخصي لا أميل نحو الحلول الوفاقية في مثل هذه الصراعات المشروعة.
، وطالما أن كل طرف يزعم أن همه الأول والأخير هو خدمة قضايا الجالية السودانية، وليس هناك هماً شخصياً فالأجدى من وجهة نظري هو أن يتبارى الطرفان ويقدم كلٌ برنامجه وطرق حلوله لمشاكل الجالية الكثيرة، ومن ثم يتركا الخيار للقواعد لإختيار من يرون أنه الاصلح والأقدر علي خدمة هذه الجالية.
. ولا أفهم لماذا نلجأ كسودانيين دائماً لما نسميه بالحل الوفاقي وهو في الحقيقة ليس كذلك، بل هي لملمة للأشياء لن يستفيد منها أفراد الجالية العاديين شيئاً.
. المهم في الأمر أن يكون التنافس شريفاً، وأن يعتمد كل طرف على اقناع القاعدة ببرامجه الجادة لحل المشاكل العديدة.
. أقول ذلك بإفتراض أن مجموعة لجنة التسيير الحالية ترغب في خوض الانتخابات متى ما تيسر أمرها.
. وهو ما يبدو مؤكداَ من واقع تحركاتهم ورغبتهم في تشكيل الهيئة الاستشارية موضوع هذا المقال، في الوقت الذي يفترض أن ينصب فيه تفكيرهم على كيفية التجهيز لإنتخابات شفافة ومنظمة بشكل يليق بحجم الجالية ومستوى تعليم وتأهيل أفرادها.
. ولكي يكون الصراع مفيداً والتنافس شريفاً، ويُمنح السودانيون هنا الفرصة الكاملة للتقييم وتحديد اختياراتهم بشكل مستقل يتلاءم مع روح الثورة التي انتظمت البلاد أتوقع أن تتجاوز لجنة التسيير بعض ما ورد في بيان سابق لها.
. فقد أصدرت اللجنة بياناً قبل فترة صورت فيه الأمر وكأنه محاولة تفتيت من المجموعة الأخرى.
. وجاء في ذلك البيان عبارة لم ترق لي إطلاقاً كمراقب مستقل للأوضاع.
. مفاد تلك الجملة أن المجموعة الجديدة (شال) تتصرف بطريقة تتقاطع مع القوانين العمانية.
. وجميعنا كسودانيين استضافهم هذا البلد بكل ترحاب ولم يروا من أهله وقيادته أي تدخل في شئون بلدنا الداخلية كما تفعل بلدان أخرى، لا يمكن أن يخطر ببال أي منا أن يعض اليد التي امتدت له.
. وقد عُرفنا كسودانيين تاريخياً بإحترام الآخرين حتى وإن لم يحترموننا، فما بالك بالعمانيين الذين يكنون لبلدنا وإنسانه كل احترام وتقدير ولم نجد منهم طوال فترة إقامتنا بينهم سوى حُسن الضيافة.
. لن يُضار العمانيون شيئاً من صراع سامٍ وممارسة ديمقراطية يسودها الإحترام المتبادل طالما أنها تتم داخل البيتين السودانيين (السفارة ونادي الجالية).
. كما أتوقع من المجموعة الثانية (شال) أن لا تفكر في الأمر كمناكفة أو خلافات شخصية.
. فإن اجتهد كل طرف وأطلع أفراد الجالية على برامجه الجادة وحلوله للمشاكل الذي يعاني منها كل سوداني في السلطنة، فيما يتعلق بتعليم الأبناء والتسهيلات والخدمات المختلفة التي يتوقعها أي سوداني في أرض المهجر من حكومة وطنه، سيكون ذلك أفيد لنا كسودانيين مقيمين في السلطنة.
. فثمة عقبات كبيرة ما تزال تؤرق المضاجع، منها على سبيل المثال أن تحويلاتنا ما زالت تتم عبر صرافات الويسترن يونيون التي يذيق موظفو الوكالات العاملة معها في السودان أهلنا الويل عند توجههم إليهم لإستلام المبالغ المحولة.
يحدث ذلك معنا هنا في الوقت الذي تتم فيه حالياً التحويلات للسودان من معظم بلدان العالم عبر البنوك، والسبب هو التقاعس الشديد في مخاطبة البنك المركزي والجهات المعنية بالتحولات التي تمت فيما يتصل بتعاملات السودان المالية العالمية بعد الثورة.
صحيفة التحرير