مقالات متنوعة

أحمد يوسف التاي يكتب: المؤامرة على محمية الدندر


(1)
في عهد النظام المخلوع مرت محمية الدندر القومية بمؤامرات كثيرة تستهدف القضاء عليها وتحويلها إلى مشاريع زراعية يتم «رميها» لمستثمرين على شاكلة عقد الـ «99» عاماً، لكن بفضل الوقفة الصلبة لبعض قيادات إدارة الحياة البرية فشلت تلك المؤامرة ولولاهم لكانت أرض المحمية ذات الخصوبة العالية مُخصصة فقط لإنتاج «البرسيم» المطلوب في دول المستثمرين… أذكر وقفة جمال البلة مدير محمية الدندر وقتها في وجه تمدد المتعافي في المحمية والذي منحته حكومة «عقار» آنذاك التصديق الذي أسند إليه ظهره وتوغل إلى داخل المحمية… نجحت إدارة المحمية في ردع المزارعين الذين تسللوا إلى الحظيرة ( حدود 1935 ـ الامتداد) وإرجاعهم من حيث أتوا، ونجحت في كبح جماح المتعافي، لكن قبل انتهاء المواجهة تم نقل مدير المحمية جمال البلة إلى الخرطوم… الآن بعد الثورة وصعود مالك عقار إلى قمة السلطة الانتقالية سال لُعاب التجار والمستثمرين والسماسرة وبعض المزارعين مجدداً وانفتحت شهيتهم على المحمية، وإني أرى أن المؤامرة التي ظننا أنها قد فشلت واُخمدت نيرانها قد أطلت برأسها من جديد، فأين أنت يا مدير عام الحياة البرية، وأين أنت يا مدير محمية الدندر الحالي..
(2)
في العام 2012 تسربت معلومات تفيد بأن والي سنار الأسبق أحمد عباس اقترح إزالة أشجار محمية الدندر الاتحادية والاستفادة منها في عمل (كمائن فحم) تمهيداً لجعلها أرضاً زراعية يتم تقسيمها للمزارعين، وفي الحال تصدينا لهذا المقترح بأسنة أقلام حادة حتى وقفنا مع الوالي على أبواب المحاكم، وحينما عجز عن مواجهتنا في المحاكم أصدر فتواه السياسية الشهيرة بإهدار دمنا (هؤلاء الصحافيين الثلاثة لا يستحقون حق الحياة) …
في ذلك التوقيت أيضاً انعقدت ورشة بسنجة لتطوير المحمية كادت أن تتحول إلى مسمار أخير يُدق على نعشها بسبب التراخي والتواطؤ مع متآمرين كل مبتغاهم هو تقسيم المحمية إلى أراضي زراعية، وأذكر وقتها أن مسؤولاً كبيراً في ولاية سنار كان من أشد الداعمين لفكرة القضاء على المحمية قال ساخراً: (هي كلها فيها أربعة قرود عاملين ليها قومة وقعدة لي شنو)…
(3)
لا أريد أن أطيل الحديث عن ميزات محمية الدندر التي تجعلها الأكبر والأعظم في أفريقيا، وثاني أكبر وأعظم محمية في العالم فتلك معلومات مبذولة في الشبكة العنكبوتية، لكن ما أوده هو لفت انتباه رئيس الوزراء، ورئيس مجلس السيادة وأعضاء المجلس أجمعين، ووزير الداخلية إلى هذه المؤامرة القديمة المتجددة والتي بدأت بـ(فرية) استعادة «الامتداد» ثم التوغل إلى داخل المحمية والزحف عليها عاماً بعد عام، فالتفريط في محمية الدندر القومية أخطر وأقبح مما كان من تفريط في مؤسسات الدولة الاقتصادية والاستراتيجية العملاقة مجتمعة والتي نبكي عليها الآن مثل الناقل الوطني، وخط هيثرو والاتصالات…الخ… انتبهوا أيها السادة قبل أن تقع الفأس في الرأس..… اللهم هذا قسمي فيما أملك…
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق أنه يراك في كل حين.

صحيفة الانتباهة