مقالات متنوعة

أحمد يوسف التاي يكتب: فضيل يُمثلني


(1)
يتردد إسفيرياً وعلى نطاق واسع أن أحد أعضاء لجنة تفكيك نظام يونيو المُباد كشف عن إجراءات قانونية تم اتخاذها في مواجهة الكوميدي السوداني عبد الله عبد السلام الشهير بـ»فضيل» بسبب ما قام به من عمل درامي ناقد لاتفاقية «سيداو» باعتبار أن ذلك العمل يسيء إلى الحكومة… ولو صحّ أن اللجنة المشار إليها اتخذت هذه الإجراءات في مواجهة النجم الكوميدي فضيل تكون قد ارتكبت خطأً فادحاً يُضاف إلى أخطائها الأخرى التي أشرتُ إليها من قبل واعتبرتها إساءة لثورة الوعي والاستنارة التي تفجرت ضد الظلم والطغيان السلطوي والديكتاتورية والكبت… فما الذي يبرر فتح بلاغ في مواجهة الفنان «فضيل»، هل لأنه انتقد «سيداو» في قالب كوميدي ساخر؟ أم لأن المقطع الدرامي الذي انتشر بين مواقع التواصل الاجتماعي أقلق مضجع المروجين لـ «سيداو» ودهاقنتها ؟ أم لأن الأغلبية تفاعلت بإعجاب مع هذا المقطع الذي يتولى مهمة الشرح لبعض بنود (سيداو) بلغة بسيطة يفهمها كل الناس وبدون «رتوش» وعلى «بلاطة»… صحيح قد نختلف أو نتفق مع «فضيل» في طريقة توصيل المعلومة للمتلقي عن البنود المتحفظ عليها، وقد نختلف كلنا في فهم البنود مثار الجدل لما بها من أوجه غموض تحتمل كل وجوه التفسير لكن يظل كل الاختلاف محل تقديرنا واحترامنا… لكن ومع كل ذلك يصبح العمل الكوميدي الناقد الذي قام به «فضيل» هو «رأي»، وتفسير وشرح لفهم توصل إليه واعتقد به، ويشاركه في هذا الفهم أغلبية معتبرة، فهل هذا يستوجب ملاحقته جنائياً والتضييق عليه وإرهابه بالبلاغات…
هذه والله وصمة عار ونقطة سوداء في ثوب الثورة الأبيض الذي يرتديه ديكتاتوريون وشموليون لا يعرفون قيمة حرية الإعلام والفن والإبداع وفي هذا إساءة بالغة لثورة الوعي والسِّلْم المتحضرة…
(2)
لا مِراءَ ولا جدال في أن هناك بنوداً بالاتفاقية تتعارض مع شريعة الإسلام ومنهاجه الحنيف، وهذه ليست محل مغالطات ومزايدات، ومن حق أي مسلم غيور على دينه أن يعترض على ما يراه مناقضاً لعقيدته في «سيداو» أو غيرها ، وإذا كان لهذه «السيداو» أنصار يدافعون عنها بالباطل ويروجون لبعض أباطيلها، فلشريعة الإسلام أيضاً أنصار يدافعون عنها بالقلم وبالصوت وبـ»الكوميديا والتمثيل» فلماذا تنكرون عليهم الدفاع عمّا يؤمنون به، احترموا معتقداتهم فقط من باب حرية الاعتقاد والرأي، فلماذا الإرهاب وملاحقة أصحاب الرأي بالنيابات والبلاغات والتخويف والترهيب، فما ذاك إلا اسلوب القلة صاحبة العقلية الشمولية التي امتلكت السلطة والنفوذ وتريد أن تفرض رؤيتها وأجندتها على الأغلبية…
(3)
المرأة في الإسلام والله معززة ومكرمة، وما حصلت عليه المرأة في الإسلام من احترام وتكريم يتلاءم مع طبيعتها لم تحصل عليه امرأة في أي ديانة سماوية أو عُرف أوغيرهما، والذي يقول بغير ذلك يجهل الكثير عن شريعة الإسلام..… أعود وأقول إن فضيل لم يرتكب جرماً وما قام به من عمل كوميدي يدخل في باب الرأي وحرية التعبير عما يعتقد به الشخص، وأن أية إجراءات في مواجهته فتلك والله سُبة عظيمة، ورِدة خائبة وخيانة للثورة لطلما تربعت الحرية أعلى سلالم شعاراتها …اللهم هذا قسمي فيما أملك…
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق أنه يراك في كل حين.

صحيفة الانتباهة