يوسف السندي يكتب ماذا ينتظرنا لبناء الأمة السودانية الواحدة؟
ينتظرنا في السودان انجاز مهام رفيعة في الطريق نحو إرساء دعائم الديمقراطية وبناء دولة الشعب والحقوق، على رأس هذه المهام كتابة واجازة دستور دائم للبلاد عبر إجماع وطني حقيقي، ليكون الدستور هو القانون الهادي للجميع والفصل بينهم. ينتظرنا كذلك ان نوائم القوانين مع المواثيق الدولية بما فيها البيان الدولي لحقوق الإنسان، ولا يعني ذلك بأي حال التنازل عن سيادتنا وقوانيننا التي تنبع من هويتنا. كما ينتظرنا تأسيس قانون للأحزاب السياسية، قانون جيد للأحزاب السياسية يعني فضاء سياسي معافى، والديمقراطية لا تنمو في الفضاء السياسي الملوث. يلزمنا ايضا وضع قانون انتخابات وقبل ذلك إكمال السلام وإجراء التعداد السكاني، وتلزمنا قوانين آخر كثيرة كقانون الأمن الوطني وغيره.
يلزمنا أن نحدد اي نظام حكم نريد، رئاسي ام برلماني ام خليط، ادعم بشدة النظام الجمهوري الرئاسي الفيدرالي، على الطريقة الامريكية، فهو ينتخب الرئيس مباشرة من الشعب، ويخول له صلاحيات واسعة يحتاجها من اجل اتخاذ القرارات بالسرعة اللازمة وإظهار القوة والحسم وبناء رمز الدولة الذي ينشر الهيبة والاحترام لمؤسسة الدولة، فالنظام البرلماني اقل مباشرة وسرعة وهيبة في هذا الاطار. يحكم رئيس الجمهورية من العاصمة مع وجود ست او سبع أقاليم في كل أنحاء السودان ( الاقليم الشمالي، الشرقي، الوسط، كردفان، دارفور، العاصمة) مع تمتع هذه الأقاليم بنص الدستور بصلاحيات فيدرالية واسعة بما في ذلك التشريع الخاص بالإقليم.
المجتمع الديمقراطي الذي نسعي جميعا كابناء امة واحدة لبنائه لا يرضى بالتمييز، الحقوق والحريات يجب ان تتاح للجميع بلا اي تمييز، وعلى اساس واحد هو المواطنة، هذا أمر لا يجب أن يناقش مرتين، لا تمييز على اساس اللون او الدين او الجنس، كل مواطن له كامل الحق في كل شيء كما للمواطن الاخر، هذا المفهوم يجب أن ندافع عنه جميعا ويجب أن يقسم كل رئيس جمهورية عند انتخابه على حماية هذا المفهوم والدفاع عنه ولو تطلب ان يضحي بحياته، فهذا المفهوم هو الترجمة الصحيحة لمعنى للامة الواحدة، ولا يعني هذا المفهوم إلغاء الهوية الخاصة بكل الشعوب المختلفة ثقافيا او دينيا أو اثنيا داخل الأمة الواحدة، فالسودان امة واحدة ولكن شعبه متنوع، ثراءه في تنوعه، هذا التنوع لا يجب أن يستخدم سببا للاستعلاء او القهر او التمييز ضد الاخر، ويجب أن تتم حماية هذا من قبل الدستور والقانون بصورة واضحة لا لبس فيها.
الدولة في العصر الحديث لها وظائف أهم من الاطعام والعلاج، فالإنسان كان قادرا على اطعام نفسه وعلاجها قبل أن يكتشف الدولة والإدارة والنظم الحديثة، بل حتى قبل أن يتعلم الكتابة، لذلك مهمة الدولة الأولى والتي ولدت معها يوم ظهرت في تاريخ غابر هي توفير النظام وسن القوانين والتشريعات المنظمة لحياة الناس والمجتمع، الناس قادرون على اطعام أنفسهم وعلاجها وتعليمها ماداموا يعيشون في امان ويكسبون طعامهم حسب القانون العادل الذي لا يظلم احدا، توفير الامن والامان وحكم القانون للشعب هو الوظيفة الأهم للدولة، اذا أحسنت الدولة إنجاز ذلك، فإن الشعوب قادرة بقوة الحاجة والطبيعة والعلم على اطعام نفسها واطعام الفقراء والعاجزين واطعام الحكومة نفسها.
صحيفة السوداني