التاج بشير الجعفري يكتب: محمية الدندر القومية والتحديات الماثلة!!
استغربت ايما استغراب من تلك المحاولات لبعض المزارعين وتهافتهم للاعتداء والتوسع داخل الأراضي الواقعة داخل محمية الدندر القومية، لا شيء إلا امعانا في المصلحة الشخصية الضيقة التي لا تعي ولا تدرك أهمية الحفاظ على الموارد الطبيعية النادرة في عالم أصبح جل الحديث فيه عن مشاكل البيئة والتغير المناخي وإرتفاع درجة حرارة الأرض وغيرها من ما تسبب فيه بنو البشر، فضلا عن الدول، بالسياسات الخاطئة تجاه البيئة والطبيعة وعدم الاستغلال الأمثل للموارد الطبيعية والمحافظة على استدامتها.
وعلى الرغم من قلة عدد المحميات الطبيعية في العالم الا أن الكثيرون لا يزالوا غير مدركين أهمية محمية الدندر الطبيعية كمورد اقتصادي نادر بالإمكان أن يدر موارد مالية معتبرة إن أحسنت الدولة إدارته ووضعت الخطط اللازمة لتأهيله وتطويره بالشكل المطلوب كما هو الحال في المحميات الأخرى المنتشرة في دول القارة السمراء والعالم.
يضاف لذلك، الأهمية القصوى لمحمية الدندر الطبيعية في إحداث التوازن المطلوب في البيئة والمناخ – من خلال البيئة الطبيعية المتنوعة التي تشكلها – والذي سيساهم بدوره في استدامة وتعزيز هطول الأمطار.
اما أولئك الذين يستميتون من أجل استباحة اراضي محمية الدندر والتغول عليها بالزراعة وغيرها، فهم لا يدركون أهمية التوازن البيئي والحفاظ على الطبيعة من أجل الحياة، ولأجل ذلك ينبغي عليهم أن يعلموا ان ما ينوون الإقدام عليه يمثل خطرا وعملا هداما ستكون نتائجه كارثية على البيئة والمناخ ليس في السودان فحسب بل في كل الإقليم وقد يتعداه لمناطق أخرى من العالم، هذا بالإضافة لتدمير المسطحات المائية الطبيعية (المعروفة محليا بالفروش) الممتدة داخل المحمية والتي تشكل منظرا طبيعيا لا مثيل له، يضاف لذلك تشريد ما تحويه المحمية من انواع مختلفة من الحيوانات والزواحف والطيور والبرمائيات وتدمير الأشجار والنباتات وهذه لعمري خسارة فادحة لا ينبغي السماح بحدوثها من أجل اطماع حفنة من المزارعين الذين لا يرون إلا مصالحهم الشخصية الضيقة.
ولذلك أقول ان على الدولة، ممثلة في أجهزتها المختصة، التصدي بحزم لمحاولات التعدي على أراضي محمية الدندر وذلك بإصدار قرار ملزم يقطع الطريق أمام هؤلاء النفر ويمنعهم من القيام بمثل هذه المحاولات مستقبلا، فمسلسل التعدي من قبل المزارعين على محمية الدندر القومية لم يبدأ بهذه المحاولة بل سبقتها أخرى إبان فترة الديمقراطية الثالثة 1986 – 1989 والتي يعود الفضل في إيقافها لعضو البرلمان عن الدائرة ١١٣ الدندر حينها، الدكتور منصور يوسف العجب، الذي بذل مجهودا جبارا في التصدي لتعديات المزارعين ومن كان يقف وراءهم في ذلك الوقت ونجح في إيقاف مخطط التعدي من كبار المزارعين على أراضي المحمية كما إستطاع إستعادة الأراضي التي تغولت عليها المشاريع الزراعية حينها.
أيضا شهدت فترة حكم الإنقاذ جولة أخرى من التعدي بالزراعة في أراضي المحمية من شقيق أحد وزراء الزراعة، والآن تود حفنة من المزارعين تكرار نفس السيناريو والمحاولات اليائسة فما اشبه الليلة بالبارحة!!
يقيني انه لإيقاف هذه التعديات الغير مبررة ينبغي أن تحدد وزارة الزراعة والجهات المعنية المناطق المخصصة للزراعة الآلية وكذلك القرى المحيطة لتكون بعيدة عن هذه المحمية باعتبارها ارثا قوميا وموردا اقتصاديا هاما لا يمكن التفريط فيه من أجل مصالح شخصية ضيقة؛ فالأراضي الزراعية الخصبة متوفرة (على قفا من يشيل) فليذهب من أراد الزراعة من هؤلاء لفلاحتها، اما أراضي الحزام الواقي للمحمية فيجب ان تكون بعيدة عن هذه المساومات.
نناشد الجهات المختصة بسرعة التحرك واستصدار قرار يوقف هذه التعديات المدمرة لإمكانيات وموارد البلاد في وقت يعاني فيه العالم من شح كبير في الموارد الطبيعة وتسعى كل الدول بكل ما تملك للمحافظة على استدامة مواردها الاقتصادية وتنويع مصادر دخلها؛ بينما نرى غيابا تاما لمثل هذه السياسات الرشيدة لدى المخططين وصانعي القرار لدينا.
eltag.elgafari@gmail.com
صحيفة الانتباهة