مقالات متنوعة

زيارة واحدة لا تكفي!!

في الزيارة المفاجئة لوزير مجلس الوزراء ووزير الداخلية لمطار الخرطوم تبادل مدير طيران بدر ومدير جمارك المطار الاتهامات بشأن تهريب الذهب ، فيما تعرف الزائرون على مواطن الخلل من الناحية التأمينية والتفاصيل الدقيقة لكيفية التهريب.
المستغرب له في هذه الزيارة تأكيدها لمدى زيف التصريحات السابقة والتطمينات المبثوثة بأن هناك جهودا بذلت لمكافحة التهريب ، وأن الحكومة أحكمت قبضتها على المطار ، وشاهد العدل على ذلك أن الطيران الناقل وسلطات الجمارك تتبادلا مثل هذه الاتهامات مما يشير إلى أن هناك ميوعة وتلاعب وصل لدرجة اطمئنان أصحاب العقول المريضة والمخربين والمنتمين لهذه المؤسسات لقيادة تخريب الاقتصاد الوطني بأيديهم.
إذا صحت هذه الاتهامات من المفترض تشكيل لجنة تحقيق للكشف عن الفساد والثغرات التي جعلت مثل هذه الممارسات ممكنة ، وإلا ما فائدة هذا الجيش الجرار من الأجهزة الأمنية وأهم سلعة إيرادية لخزينة البلاد تذهب لصالح الأفراد وليس للوطن.
وفي المقابل ليس كل الذهب يهرب عبر مطار الخرطوم ، فالتلاعب يبدأ من مناطق الانتاج ويتسامع الناس ان الانتاج المعلن من هذه الشركات ليس هو الحقيقي ، فيما يجد المستثمرون من شركات بعض الاجهزة النظامية في الذهب الطريق أمامهم سالكاً لفعل ما يريدون بإنتاجهم وهكذا تتوسع دائرة التهريب براً وجواً وربما بحراً.
يجب أن تقوم الداخلية بالتنسيق مع الجهات النظيرة بمتابعة التهريب من الانتاج وحتى التصدير لأن التلاعب في مناطق الانتاج هو البؤرة الأولى للتهريب .
صحيح أن اتساع رقعة تهريب الذهب تعود إلى ما يتمتع به السودان من حدود برية مفتوحة مع العديد من الدول غير الحدود البحرية، حيث تمارس شبكات التهريب نشاطاً واسعاً لتهريب مختلف السلع إلى دول الجوار، ومن أهمها الذهب نظراً لارتفاع أسعاره خارجياً مقارنة بداخل البلاد، ما صعّب من مهمة مكافحة التهريب بالطرق الأمنية والحراسات أو بوجود قوات أمنية على الحدود ، ولكن هذا لا يجعل تجارة تهريب الذهب تزدهر بهذه الصورة لولا التماطل والتساهل في اتخاذ اجراءات صارمة في مواجهة المهربين خاصة وأنهم في عهد النظام البائد كانوا محميين بأمر نافذين في السلطة رسخوا لهذا النوع من التجارة الفاسدة.
وعود على بدء زيارة وزير مجلس الوزراء ووزير الداخلية أكدت أنه لا توجد أي رقابة في المطار ما أغرى المهربين في مواصلة التخريب الاقتصادي غير آبهين بالنتائج ، ويبقى السؤال هل يكتفي الوزراء بالزيارة والسماع لتبادل الاتهامات أم ستكون هناك اجراءات جديدة من شأنها أن تعيد الامور إلى نصابها في مطار الخرطوم وجبل عامر وكل رقعة تنتج الذهب في السودان؟.

أشرف عبد العزيز
صحيفة الجريدة