مقالات متنوعة

أحمد يوسف التاي يكتب: حتى أنت يا البشير

(1)

حالةالبؤسوالتدهورالذيوصلناإليهاجعلتحتىالمخلوعالبشيريسخرويتهكممنسوءالأوضاعويشمتويتندرمنالأحوالالتيوصلناإليها… وليت شخصاً غير البشير يفعل هذا لكان أخف وطأة وأقلُّ إيلاماً… نعم حتى البشير الذي لم تشهد بلادنا فساداً مثلما حدث في سنوات حكمه العجاف، حتى البشير الذي مزّق البلاد وقطع أوصالها وأهدر كرامتها ومرمط سمعتها وأحالها إلى دمار يستعصي الآن إصلاحه … دمار يحتاج إلى معجزة وقدرات استثنائية لإزالة التشوهات ومعالجة حجم التدهور والدمار الشامل…. كنتُ أظن أن رئيساً مخلوعاً مثل البشير بعد الفضائح التي ظهرت في محاكمته يخفض رأسه وصوته ويتوارى خجلاً ،لكنه لم يفعل بل سخر من الأوضاع الحالية وبشر بسقوط الحكومة الانتقالية، فعل ذلك ليس لأنه (عينو) قوية ولا يخجل ولا يستحي ، بل لأن عجز الحكام الذين جاءوا على رأس سلطة الثورة وامتطوا صهوة جوادها بغير حق وبلا كسب هو الذي أغراه وأزاح عنه الحرج وجعله في وضع يرى فيه نفسه هو الأفضل منهم لأنهم عجزوا عن وقف التدهور الذي أسس له البشير بل وسعوا رتقه وقنواته وموارده كأنهم كانوا معه في تنافس على تدمير البلاد وإذلال شعبها وإهدار كرامته…

(2)

لو أن حكومة الثورة أوقفت تدهور الأوضاع الاقتصادية التي تسبب فيها البشير وأدت إلى سقوطه، ولو قليلاً، ولو أنها كبحت جماح الدولار ولو قليلاً، ولو أنها خففت وطأة غلاء المعيشة وتصاعد الأسعار ولو قليلاً، ولو أنها أوقفت انفلات الأسواق ومنافذ التهريب ومضاربات الذهب والدولار وشتى ضروب الفوضى ولو قليلاً، ولو أنها أنهت أزمات الدقيق والوقود ولو قليلاً ، ولو أنها أحكمت سيطرتها على التفلتات الأمنية ولو قليلاً ، ولو أنها تجاوزت خلافاتها وصراعاتها على المواقع والمناصب والمحاصصات ولو قليلاً… لو أنها فعلتْ لما سلَّ شخص مثل البشير لسانه عليها وتهكم وسخر منها، ولكن ضعفها وهوانها وفشلها هو ما أغرى البشير بالتندر والسخرية….

حكومة الثورة بفشلها الظاهر وعجزها القاتل هي التي منحت البشير (قوة العين)، وجعلته يتبختر بالزي القومي كـ «بطل» وليس رئيس مخلوع «متهم « اتسم عهده بالفساد والقتل والسحل والإبادة والظلم والتجبر ، وبدلاً من أن يطأطئ رأسه خجلاً يرفع هامته عالية مباهياً ينتظر سقوط حكومة الثورة التي «جوعت» الشعب و»أذلته» وزادت معاناته.. يفعل البشير كل ذلك لأنه يرى أن حكام اليوم ليسوا أفضل منه وفشلوا فيما فشل فيه وخاضوا كالذي خاض، وساروا على نهجه العقيم ..

(3)

تطاول البشير على الثورة وشماتته وسخريته وتهكمه على الحال الذي وصلنا إليه للأسف هو معيار حقيقي لقياس درجة البؤس التي وصلت إليها أوضاعنا، فإذا كان شخص مثل البشير يفعل هذا بلا خجل فما عسى الآخرين أن يقولوا ويفعلوا، لقد هانت «الزلابية» وسبب الهوان كله أن حكام اليوم أقل قامة من الثورة وليسوا جديرين بإدارة الدولة وشؤون الحكم ولولا عجزهم وفشلهم لما رفع «المخلوع» البشير عقيرته ورفع هامته بدلاً من أن يخفض رأسه وصوته خجلاً، فقد منحوه الفرصة أن يرى نفسه أفضل منهم ويتندر عليهم بعبارات مثل قوله (حكومة حمدوك أضاعت أقوان في خط 18)، فهل نلوم البشير على سخريته وتندره والحال على هذه الشاكلة من السوء والبؤس …..اللهم هذا قسمي فيما أملك…

نبضة أخيرة:

ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله ، وثق أنه يراك في كل حين.

صحيفة الانتباهة