مقالات متنوعة

محجوب مدني محجوب: يكتب: لا بد من تحقيق الشق الثاني من الثورة

قدر الله أن تكون الثورة هي من تهذب وتصحح السلطة.
لم تتمكن الأفعال الممارسات التي تقوم بها السلطة من تهذيبها.
لم يتمكن السلاح من تهذيبها.
كما لم تتمكن الضمائر الميتة من تهذيبها بل زادت من تلوثها.
فما أن تمكنت الثورة من إزالة شق السلطة الفاسد إلا وتبين لها ان للسلطة الفاسدة شقان لا شق واحد، وحتى تقوم الثورة بمهمتها كاملة لا بد من إزالة كلا الشقين حتى تحقق مبتغاها، وحتى تنجز خدمتها، ووظيفتها، وحتى تجنى ثمارها وينتفع بها، وحتى تصبح السلطة مصدر راحة واطمئنان للمواطن لا مصدر شقاء وقلق له.
حققت الثورات (ثورة ٢١ أكتوبر وثورة ٦ أبريل وثورة ١٩ ديسمبر) الشق الأول من إقامة السلطة حيث أسس هذا الشق:
* لرفض كل من يمارس السلطة ممارسة خاطئة، فقامت بكنسه؛ لأنه بدلا من أن يخدم المواطن من خلال ممارسته للسلطة خدم ذاته المريضة التي لا تعرف اكتفاء أو شبعا.
* أسس لرفض وإسقاط كل من يهدر موارد البلد.
* أسس لرفض وإسقاط كل من يتمسك ويحتكر السلطة.
فقد حققت هذه الثورات الشق الأول من السلطة حينما توالت على السودان عبر حقب مختلفة مما يؤكد إدراك السودانيين لهذا الشق، ولمقدرتهم على تحقيقه حتى ولو ظل جاثما على صدورهم ثلاثين سنة.
إلا أن الثورة ستظل في حالة تكرار مستمر، ولن تتوقف إلا إذا حققت الشق الثاني.
إذن لا بد من تحقيق الشق الثاني حتى تقوم الثورة مع الشق الأول بتحقيق هدفها الذي تسعى إليه وحتى تكتمل قيمها، فإن كان الشق الأول يتعلق بالفعل، فإن الشق الثاني يتعلق بالفهم. حيث يتلخص في:
* إزالة كل استغلالي للسياسة.
* إزالة كل صاحب دم بارد ممارس لها لا حياء له.
* إزالة كل مدمن لها لا يعرف الاعتزال.
* إزالة كل فاشل فيها لا يعترف بفشله حتى بعد سقوطه.
* إزالة كل من يظن أنها متاع يورث.
* إزالة كل من يظن أن نجاحه في فشل الآخرين، وأن غطاء سوءته في كشف سوءة الآخرين.
فبعد أن أزالت الثورة الشق الأول الذي يتمثل في ممارسة السياسة لن تستطيع أن تمشي على رجلين حتى تزيل الشق الثاني المتمثل في مفهوم السياسة.
فقد ثبت بعدم تمكنها من تحقيق غرضها لمجرد إزالتها للشق الأول خصوصا إذا كان من يعاديها متصف ومتعلق بالشقين معا.
فها هو ذا المؤتمر (اللاوطني) بعد أن تمت إزالته من خلال الشق الأول من خلال ممارسته الخاطئة للحكم فها هو ما زال موجودا بسبب عدم تحقيق الثورة للشق الثاني.
بل وصلت به الجرأة والوقاحة ان ظهر بذات اسمه وبذات جلده، فبين أن الثعبان أشد حياء منه. وصلت به الجرأة والوقاحة أن ظهر يتحدث باسم الوطن هذا الوطن الذي ظل يعرضه في سوق النخاسة طيلة فترة حكمه.
وصلت به الجرأة والوقاحة ان تلفظ بكلمة (انتخابات)، ولم يسأل نفسه بأي سلاح أزيح هو من السلطة غير سلاح ( تسقط تسقط بس)، فلا ندري أي صوت يبحث عنه هذا القرن الشيطاني.
وصلت به الجرأة والوقاحة أن نصب ذات المخلوع الذي ما سقطت السلطة إلا بسببه.
لا بد من تحقيق الشق الثاني للثورة لا فائدة من تحقيق شق واحد.
فإن هي تمكنت من إزالة الفعل المريض، فلا بد من إزالة كذلك الفكر المريض.

صحيفة الانتباهة