مقالات متنوعة

أحمد يوسف التاي يكتب: شكراً لك أيُّها الحلو

(1)
انتظرتُ كثيراً التعليق على ما جاء في مسودة الاتفاق التي طرحها عبد العزيز الحلو للتفاوض مع حكومة السودان، وذلك لأني كنتُ اتعلق بـ (قشة) مثل الغريق، وهي عشمي الوحيد بأن تكون تلك المسودة مضروبة ومفبركة قُصِدَ من تسريبها إيغار صدور الأغلبية المسلمة واستفزازها ودفعها للخروج على حكومة الثورة واحداث اضطرابات وتوتر في الشارع المسلم، لكن للأسف الشديد تبخّر هذا الأمل، واصطدمتُ مثل غيري بحقيقة هذه المسودة الفاجرة التي جاءت وكأنها إعلان حرب رسميٍّ على عقيدة المسلمين وشرع الله ومنهاجه القويم… حتى يوم عيد المسلمين (الجمعة) وهو أعظم وأقدس يوم في حياة المسلمين ورمزية لوحدتهم وتكاتفهم وتراحمهم وتجمعهم وتعاونهم على البر والتقوى، فقد أرادت مسودة الحلو أن تضرب هذه الرمزية.
(2)
في تلك المسودة الفاجرة تعمد عبد العزيز الحلو استفزاز الاغلبية المسلمة، وإعلان الحرب على دينهم والتعدي على شعائرهم ومقدساتهم تحت لافتة حرية الأديان (أوَ يكلمني أحدٌ بعد كل هذا عن حرية الأديان)، وفيها تعهد باقصاء الإسلام من موقعه الرسمي في الدولة بوصفه دين أكثر من 98% من السكان، وإلغاء كل القوانين والشرائع القائمة على الإسلام من معاملات وقوانين الأحوال الشخصية والميراث والزكاة.
عبد العزيز الحلو في حربه الشرسة على دين الاغلبية المسلمة في السودان لم يقف عند هذا الحد، بل مضى إلى أكثر من ذلك بكثير وهو يطالب باستبدال عطلة المسلمين (يوم الجمعة) بيوم الأربعاء إمعاناً في إزدراء الغالبية المسلمة وإذلالهم …ولعله شعر ببعض الحياء وهو يهم بإلغاء أعياد الفطر والاضحى، فلم يفعل أو لعل ذلك يدخله في حسابات يضطر معها إلى إلغاء عيد «(الكريسماس) ونحوه وهو ما لا يتجرأ عليه، ولهذا السبب ربما ابقى لنا عطلة العيدين على ما هي عليه.
(3)
بهذه المسودة يكون الحلو قد أعلن حرباً صريحةً على الاسلام والمسلمين في السودان، ولو أنه تمادى في هذه المطالب ورضخت له حكومة (صديقه) حمدوك وتم التوقيع على الاتفاق بهذه الشاكلة وبهذا الفجور في مخاصمة العقيدة الاسلامية، فإن السيناريو الذي سيبدأ فور التوقيع على الاتفاق هو بداية الحريق الشامل وإعلان الحرب الدينية في السودان، وسيتحمل حينها عبد العزيز الحلو والبرهان وحمدوك والكباشي والتعايشي وزر هذه الحرب القادمة.. ولئن تأسست كتائب جهادية وتسلل الدواعش والمتطرفون والغلاة الى بلادنا وأحالوها إلى خراب وأطلال، فلن نلومهم على ذلك، وإنما يتحمل التبعات الذي تولى كبرها وفتح الطريق لهم واعطاهم كل المبررات على طبق من ذهب.
(4)
مطالب الحلو التي يتعمد فيها ودون حياء اضطهاد أكثر من 98% من الشعب السوداني هم الاغلبية المسلمة وينتهك حرماتهم ومقدساتهم الدينية، تنذر بشر مستطير، وتدوس على شعارات ثورة ديسمبر وتضعها تحت (بوت الحلو)، هذه المطالب التي تجانب المنطق والصواب والموضوعية ستضع الحلو ومؤيديه في مواجهة مع كل ثوار ديسمبر قبل مواجهة المسلمين، باعتبار أن مطالبه تنسف كل شعارات الثورة واهدافها (الحرية والسلام والعدالة)، وسوف تشعل حرباً دينية جهادية لن تبقي شيئاً ولن تذر.
ثم ختاماً نهمس في اذن الحلو: من اين استمددت كل هذه الجُرأة وكل هذا التطاول، للدرجة التي تدفعك لانتهاك أغلى مقدساتنا الإسلامية، ومن وراءك؟، وهل كنت تحارب كل هذا الوقت من اجل استبدال عطلة الجمعة بالاربعاء وإلغاء شعائر الدين الاسلامي واضطهاد المسلمين.. لقد انكشف سرك واستبان امرك يا صاحبي وتجلت نواياك وما تضمره من عداء للاسلام، فأنت لم تكن تحارب من اجل قضية جبال النوبة، بل كانت حربك للإسلام، وهذه أجندة لم يكن لأهلنا النوبة بعير ولا ناقة فيها، فقد فضحتْ مطالبك ما انطوت عليه سريرتك، وإذا كنتَ أنتَ بهذه الجرأة في فرض علمانيتك على 98% من شعب السودان، فإن هؤلاء الـ (98%) أقدر على الدفاع عن عقيدتهم وهويتهم التي أردت طمسها واحتقارها وازدراءها، وشكراً لك أيُّها الحلو فقد كشفتَ لنا عن وجهك الحقيقي، ولم تكلفنا عناء البحث في نواياك وما انطوت عليه نفسك من بغض وكراهية لعقيدة الأغلبية في بلادنا… اللهم هذا قسمي في ما أملك.
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق أنه يراك في كل حين.

صحيفة الانتباهة