مقالات متنوعة

عثمان جلال يكتب: قحت والخداع المستمر


(1)
الادوات الكلاسيكية لتحالف قحت لمنع إرادة قطاعات المجتمع الحية من التشكل والزحف نحو ميادين التحرير والقيادة العامة للاعتصام حتى إسقاط حكومتهم الفاشلة،بعد تماهيها التام مع سياسات مؤسسات النقد الدولية وما سيترتب عليها من أزمة معيشية خانقة ومهددة للسلم الاهلي والأمن المجتمعي حيث تتمثل هذه الأدوات في حركات دائرية بهلوانية غير منتجة أشبه بتيه المونولوج من شاكلة إصدار البيانات المنددة بسياسة التحرير الاقتصادي، تتريس الشوارع الرئيسية والفرعية في مدن العاصمة الثلاث لتخدير وإثارة غضب وسخط قطاعات المجتمع، وتحويل المواجهة بين المجتمع داخل الأحياء بدلا من التشكل في كتلة متماسكة لإسقاط حكومتهم الفاشلة، المناداة الظاهرية بإسقاط الحكومة وقيادة مظاهرات هزيلة تجوب شوارع ووسط الخرطوم دون تماس أو محاولة اعتصام جادة وفاعلة أمام مجلس الوزراء أو القيادة العامة لتنفيس حالة الغضب الجماهيري ثم الانفضاض وهكذا تستمر قحت في خداع الذات والمجتمع. والتشبث في السلطة
(2)
قحت لا تسندها قوة جماهيرية فاعلة، وتدرك انها تم توظيفها من بعض قيادات اللجنة الأمنية السابقة لإنتاج الحالة الثورية الكذوبة تنفيذا لمخطط الانقلاب العسكري وازاحة قيادات النظام السابق ووراثتها، ولكن الضغوط الخارجية وبروز التناقضات داخل المكون العسكري أنتجت هذا التحالف البراغماتي بين المكون العسكري في ثوبه الجديد وقحت، وهو تحالف هدفه الاستراتيجي الاستمرار في السلطة بزرائعية صيانة الثورة، بينما سلوكه السياسي يستبطن تصفية الثورة. وقحت على قناعة بعدم امتلاكها الرصيد الجماهيري الذي يؤهلها لخوض انتخابات حرة وشفافة خاصة بعد فشلها الماحق في إدارة المرحلة الانتقالية، ولأن المكون العسكري يدرك هشاشة رصيد قحت الجماهيري منحها حق احتكار الثورة والشراكة المختلة لصالح المكون العسكري في إدارة المرحلة الانتقالية وتبين ذلك من خلال قيادتهم لملفات السلام والاقتصاد والسياسة الخارجية.
(3)
لكن إذا أراد الله أمرا هيأ له الأسباب حتى احترق تحالف قحت واتضح انه لا يجمع بينهم سوى التهافت نحو السلطة والمغانم ولا يمسكون من قيم الثورة وشعاراتها الا كما يمسك الماء الغرابيل وبثمارها تعرفونها، فانفض شباب الثورة المخلص عن هذا التحالف الانتهازي وبدأ في التشكل والتداعي لاستعادة الثورة المختطفة بكل وهجها وشعاراتها حرية سلام وعدالة ودولة مدنية ديمقراطية تسع الجميع ولابد من صنعاء وان طال السفر.
(4)
في هذه اللحظة التاريخية الفارقة،وصيانة للوحدة الوطنية، وحفاظا للأمن الاهلي والسلم المجتمعي فإن الكرة في ملعب قيادات المكون العسكري للتحرر من الضغوط ونزعات الذات وفض شراكة السلطة مع قحت مع استمرار اتفاقيات السلام الموقعة مع الجماعات المسلحة وتشكيل حكومة كفاءات وطنية مستقلة تقف على مسافة واحدة من جميع القوى السياسية ومهامها تنظيم انتخابات عامة مبكرة تفضي لمؤسسات حكم شرعية ومحصنة بإرادة المجتمع وتمتلك الأهلية القانونية والدستورية والأخلاقية للبت في القضايا المصيرية الكبرى، الدستور، طبيعة نظام الحكم وهوية الدولة والنظام الاقتصادي الأمثل، تجنبا ووقاية من السيناريو الثاني وهو المواجهة والصدام بين مكونات المجتمع في ظل حالة الاستقطاب الحادة والسيولة الأمنية، وتناقص الأوتاد مما يعني الوقوع في اتون الفوضى الشاملة والحرب الأهلية، والتفكك والانهيار وهو السيناريو الأسوأ الذي لا نتمناه ولكن استمرار الحكومة الحالية يعني التفكك والانهيار الحتمي.

صحيفة الانتباهة