منوعات

فنانون ومواقف إنسانية الفنان محمد النصري وتقديره للجماهير

الفنان محمد النصري من الفنانين القلائل الذين قلبوا طاولة الغناء السوداني في الآونة الاخيرة واستطاعوا ان يفرضوا وبكل قوة ونبوغ جزالة الكلمة وقوة المفردة الممزوجة بحنين الوطن وعمق العواطف الجياشة واستطاع أن يغني ويلحن اشعار حميد التي استمتع بها الجميع شعرا ليستمتعوا بها مع النصري لحنا في الوقت الذي قيل فيه ان اشعار حميد عصية على الالحان الغنائية وذلك لطول ابياتها وربما تعقيد الفاظها احيانا فمابين طول الابيات وصعوبة المفردات التي احيانا قد تكون موغلة في المحلية خصوصا عامية المناطق الشمالية بصورة اخص الا ان النصري اصبح ترجمانا وعرابا لتلك المعاني ليسوقها للناس سلسبيلا عذبا بعد ان حارب الهبوط وأكد عن وجود ذوق ورهافة المستمع السوداني، وافشل نظرية (السوق عايز كدا) لذلك نراه قد انتقى من الشعراء فحولهم فغنى لحميد وسيد احمد عبد الحميد وازهري محمد علي ومدني النخلي …الخ لتتجلى الروعة والانسانية في مصداقية النصري وانسانيته العالية (كوكتيل) تتطرق الآن في تلك الزاوية لأحد المواقف الانسانية للفنان النصري.
حفل الفندق الكبير
اعلنت شركة الناي للإنتاج الفني والاعلامي حفل الفنان الكبير محمد النصري بإحدى صالاتها الفخيمة وتم توزيع الإعلانات الترويجية هنا وهنالك ايذانا بإنطلاق ذلك الحفل في الزمان والمكان المحددين، وبالرغم من ان السواد الاعظم من جمهور النصري من الشباب اليافع وطلاب الجامعات ومحدودي الدخل من عامة الشعب الا ان قيمة تذكرة حفله بالفندق الكبير لم تكن عائقا لايقاف المد الجماهيري الكبير للنصري داخل صالة الفندق الكبير سابقا و(القراند هوليدي) حاليا وقد راهن الكثيرون على فشل ذلك الحفل الذي تم الاعداد له بصورة انتقائية للحد البعيد من حيث المسرح والمكان والمنصرفات الفنية والتحضيرية الباهظة لإخراج ذلك الحفل بصورة مخملية وصفوية للحد البعيد، إلا ان الغبش و(الترابلة) كسروا التوقعات وتوافدوا بحشود جماهيرية كبيرة لم يسبق لها مثيل في حفلات الفنادق الكبيرة ، وبدأ الحفل انيقا جميلا الا ان نهاية الحفل حدث فيها ما لم يكن في الحسبان
وفد الولاية الشمالية
بعد نهاية الحفل تماما وخروج معظم الجماهير من صالة الفندق والفرقة المصاحبة للنصري تحزم امتعتها للرحيل أتت في تلك اللحظة عربتان (هايس) قادمتان لتوهما من الولاية الشمالية وقابلوا النصري وقالوا له نحن ابناء القرير ومروي وكرمة والدبة …الخ جئنا من الولاية الشمالية خصيصا لحضور ذلك الحفل ولكن ظروف الطريق وبعد المشوار من الولاية الشمالية وازدحام شوارع العاصمة في ذلك اليوم الخميس لم يمكنا ان نحضر ذلك الحفل الذي جئنا اليه خصيصا ، حينها ابتسم النصري كعادته في مخاطبة الآخرين وقال لهم (معليش مافي اي مشكلة) فأنا احب الجمهور الذي يحبني اكثر من حبه لي وقال لهم سأغني الآن اكراما لكم ،
المشكلة
بعد ان جلس النصري يسمع من وفد ابناء الشمالية ويتسامر معهم ويسألهم عن فلان وفلان وعن الجروف والنخيل وعدد من القرى والحلال ويضحك معهم كأنه يعرفهم من سنين خلت قال لهم بعد ذلك سنبدا ونغني لأنكم قطعتم كل تلك المسافات لأجلي وانا لن اخذلكم إلا ان هنالك كانت مشكلة كبرى لم يضع لها النصري ولا جماهير الولاية الشمالية حسابا وهى انهم وجدوا ان الفرقة المصاحبة للنصري في الاداء الاستعراضي و(الكورس) قد غادرت تماما الفندق في الوقت الذي قام فنيوالصوت واجهزة (الساوند) برفع معداتهم وسماعاتهم بعد ان خاطبهم النصري راجيا بأن يصبروا قليلا ولو ساعة واحدة فقط لجبر خواطر هؤلاء الاوفياء ،الا ان اصحاب اجهزة الصوت اعتذروا بحجة قانون النظام العام في ذلك العهد البائد الذي يقوم بمصادرة الجهاز وتغريم صاحبه، حينها اقتنع الحاضرون بالظروف المحيطة حول النصري وقالوا له عذرناك ونتمنى ان نتقابل مستقبلا في رحاب اوسع وارحب، إلا ان النصري قال لهم انتظروا قليلا،، وبعدها انزوى بالجماهير في جانب هادئ من جوانب الفندق وقال لهم سأغني لكم (بالطمبور) فقط ومن غير (شيالين) و(ساوند) فصفق الجميع لهذا الحديث وبالفعل قام النصري باحياء حفل آخر كمجاملة للضيوف غني لهم بالطمبور كما لم يغن بفرقته المكتملة ، وعندما بلغ مزاج النصري ذروته اضحى يغني لهم اكثر مما غني في الحفل الرسمي لتمتد ساعات الحفل مضاعفة عن الحفل الاول حتى ارخى الليل سدوله بانبعاث خيوط الضوء المعلنة على قدوم الفجر الباهي من الصباح الباكر.

السوداني