مقالات متنوعة

محمد عثمان الرضي يكتب : مبادرة حمدوك تفجر الأزمة

المبادرة التي تقدم بها رئيس الوزراء عبد الله حمدوك والتي حوت العديد من البنود في الملف الاقتصادي والأمني والسياسي والاجتماعي

ومن خلال ما تم طرحه في المبادرة يتضح جلياً أن حجم الأزمة كبير مابين حمدوك وحاصنته السياسيه قوى الحرية والتغيير من ناحية، والمكون العسكري من ناحية أخرى، ما تسبب ذلك في وضع حمدوك ما بين المطرقة والسندان إلى جانب تناقص أسهمه من قبل الداعمين والمعجبين به من المواطنين الذين حملوه على الأعناق ووضعوه في سدة الحكم وحملوه تحقيق الأماني والتطلعات.

أصيب قطاع عريض من المراقبين بخيبة أمل من مبادرة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك واعتبرها البعض بمثابة فشل ذريع له في إدارة الدولة ولم يحدث أي اختراق يذكر بالذات في ملف معاش الناس.

هذه المبادرة أتت بتوجيهات خارجية من قبل المجتمع الدولي بغرض الضغط على المكون العسكري وتضييق الخناق عليه من أجل الرضوخ تماماً للسيناريوهات القادمة والتي تعد على نار هادئة من أجل إبعاد المكون العسكري تماماً من المشهد السياسي وتفرد المدنيين بقيادة البلاد.

هذه الخطوة من قبل رئيس الوزراء عبد الله حمدوك قوبلت بخطوة قوية وعنيفة من قبل قيادات المنظومة الأمنية السودانية بقيادة رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان ونائب رئيس المجلس السيادي الفريق أول محمد حمدان دقلو أكدا من خلال لقاء مع كبار جنرالات الجيش السوداني أمس أن لا خلاف بين الجيش وقوات الدعم السريع ويعملان بانسجام وتنسيق عالٍ تحت قيادة القائد العام للقوات المسلحة، كانت هذه الخطوة بمثابة رد عملى على المروجين للشائعات بأن هنالك خلافات بينهما.

لا يمكن أن يتحدث رئيس الوزراء عبد الله حمدوك عن أهمية تطبيق العدالة وتقديم الجناة إلى القضاء وهنالك غياب كامل للمنصات العدلية والقانونية التي يتحاكم إليها المتخاصمون ويظهر ذلك جليا في غياب المحكمة الدستورية والتي تعتبر من أعلى الجهات العدلية في القضاء، ويعتبر حكمها نهائياً بحكم أنها أعلى مستوى في درجات التقاضي إلى جانب غياب المجلس التشريعي والمنوط به سن القوانين والتشريعات ومراقبة ومحاسبة الجهاز التنفيذي.

تم توقيع اتفاق ما بين الحكومة الانتقالية والجبهة الثورية بعاصمة دولة جنوب السودان وبالرغم من مرور سبعة أشهر على التوقيع، إلا أن نسبة تنفيذ بنوده ضعيفة جداً مقارنة بالجداول الزمنية المتفق عليها حول تنزيل بنود الاتفاق على أرض الواقع ويعتبر ملف الترتيبات الأمنية من أخطر الملفات وهو بمثابة القنبلة الموقوتة القابلة للانفجار تحت أي لحظة وعلى رؤوس الجميع ولم يحدث حتى الآن أي خطوة عملية في عملية دمج جيوش حركات الكفاح المسلح في الجيش السوداني الموحد.

أما ما يخص ملف معاش الناس والذي يعتبر من الملفات التي لا تحظى بأي اهتمام من قبل الحكومة الانتقالية ولم تحدث فيه أي خطوة عملية على أرض الواقع ما زالت معاناة الشعب في تزايد مستمر في الحصول على أبسط مقومات العيش الكريم.

مبادرة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك لم تأت بجديد ولم تطرح حلولا موضوعية ولكنها عبرت وبشكل واضح عن عجز الجهاز التنفيذي في إدارة الدولة في مختلف المجالات.

لا يمكن الحديث عن الاستثمارات الأجنبية ويعاني السودان من مشاكل داخلية مزمنة من الصعب بمكان خلق بيئة صحية جاذبة وفقاً للمعطيات الواقعية التي تشهدها البلاد من حالة السيولة والتفلتات الأمنية وحالة الاحتقان السياسي الحادة لأحزابنا السياسية لابد من ترتيب البيت من الداخل ترتيباً دقيقاً وتوحيد الجبهة الداخلية ثم بعد ذلك يكون الحديث عن الانفتاح الخارجي.

بالرغم من الوعود التي قطعها المجتمع الدولي بتوفير الاعتمادات المالية اللازمة من أجل تنفيذ بنود اتفاقية جوبا الموقعة بين الحكومة الانتقاليه والجبهة الثورية إلا أن هذه الوعود لم تترجم على أرض الواقع وتتعلل ذات الدول ببعض الأسباب غير المنطقية بأن الحكومة الانتقالية لم تأت عبر صناديق الاقتراع وأن التحول الديمقراطي لم ينفذ فعلياً وذلك من خلال عدم اكتمال هياكل السلطةن كل هذه الأسباب مجتمعة لربما يعيق ذلك في تنفيذ الالتزامات التي قطعتها من قبل تجاه تنفيذ بنود اتفاقية جوبا.

بناء على توجيهات صندوق النقد الدولي أقدمت الحكومة الانتقالية على رفع الدعم عن المحروقات وتوحيد سعر الصرف إلى جانب إلغاء التعامل بالدولار الجمركي في استيراد البضائع من خارج السودان وكان من المتوقع أن تكون لهذه القرارات تأثيرات إيجابية على أرض الواقع ولكن للأسف الشديد كانت هذه القرارات بمثابة صب الزيت على النار لكي تزداد اشتعالاً وتتعقد وتتأزم حياة الناس.

تجميد كتلة نداء السودان أكبر مكون الحاضنة السياسية للحكومة الانتقالية الحالية يسحب البساط من الحكومة ويفقدها شرعيتها ويرفع من أسهم المعارضة التي تتوافر لديها البيئة الخصبة للانطلاق إلى الأمام وظل الحزب الشيوعي يفتح الباب على مصراعيه من أجل توسيع حجم المعارضة بغرض إسقاط الحكومة.

صحيفة الصيحة