تحقيقات وتقارير

نزاع سد النهضة يتفاقم .. أثيوبيا تستبق جلسة مجلس الأمن ببدء الملء الثاني


في تطور جديد واستباقاً لجلسة يعقدها مجلس الأمن الدولي حول سد النهضة اليوم “الخميس”، سلمت أثيوبيا السودان ومصر خطابات أخطرتهما فيها ببدء الملء الثاني لبحيرة سد النهضة منذ أمس الأول لتضع عقدة جديدة في طريق الحل الذي الذي ظلت تنشده حكومتا السودان ومصر لسنوات طويلة، لكنه استعصى وتمنع على كل الجهود سواء كانت بين الدول الثلاث او داخل الإطار الأفريقي وحتى بتدخل أمريكي بدأه الرئيس السابق دونالد ترمب وانتهى بعد مجيء جو بايدن لكنها كلها جهود ذهبت أدراج الرياح ما جعل السودان ومصر يتجهان صوب مجلس الأمن الدولي باعتبار أن ما تقوم به اثيوبيا يضر بالأمن القومي لهما ويؤثر على ملايين السكان القاطنين على ضفاف نهر النيل في الدولتين.

وعشية اجتماع مجلس الأمن المقرر اليوم، جدد كل من السودان ومصر رفضهما لخطوة الملء الأحادي لبحيرة السد دون اتفاق معتبرين ذلك مخالفة صريحة للقانون الدولي واتفاق المبادئ والاتفاقيات والممارسة المستقرة المنظمة لتبادل المنافع للأنهار المشتركة. وأشاروا إلى أن ما تم يكشف سوء نية أثيوبيا وإصرارها على فرض الأمر الواقع وأن القرار سيزيد من حالة التأزم والتوتر ويهدد الأمن والسلم الإقليمي.

تنسيق

وما أن وصل خطاب الإخطار لمصر إلا وخرجت وزارة الري هناك تتحدث باسم السودان ومصر، وتم ذلك بينما كانت طائرات خاصة تحمل كلاً من وزيرة الخارجية مريم الصادق المهدي ووزير خارجية مصر سامح شكري نحو نيويورك للتحضير لجلسة مجلس الأمن، فكان الحديث عن أن مصر تحدثت باسم السودان غير أن الواقع يشير بجلاء إلى أن جهود الدولتين منذ تفجر الأزمة ظلت في تنسيق تام لمواجهة التسويف الإثيوبي تجاه الوصول لاتفاق يحكم عملية ملء البحيرة والتشغيل.

غير أن السؤال الأبرز كان يدور حول هل يمنع مجلس الأمن في جلسته الخاصة بقضية السد والمقررة اليوم “الخميس” أثيوبيا من الملء الثاني وتحويل رعاية الاتحاد الافريقي لمفاوضات الملء وتشغيل السد الى وساطة معززة بالأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي أم إن الأمر هرجلة سياسية خارجة عن نطاق الاتفاق المبرم بين الدول الثلاث؟ إلا أن محللين سياسيين أكدوا لـ(الصيحة) مكر أثيوبيا على السودان حول الملء.

تطور خطير

خطوة استباقية لأثيوبيا لجلسة مرتقبة لمجلس الأمن الدولي بناء على طلب دولتي مصب نهر النيل مصر والسودان لمناقشة تطورات أزمة سد النهضة وأن هذه الجلسة ستكون الثانية من نوعها بعد جلسة عقدت منذ عام وانتهت باتفاق البحث عن الأزمة والحوار من أجل حل قضية سد النهضة تحت قيادة الاتحاد الأفريقي.

وإن وزارة الخارجية المصرية نقلت الخطاب إلى رئيس مجلس الأمن الدولي لإحاطة المجلس الذي سيعقد جلسة بشأن القضية، واعتبرت الوزارة المصرية أن الأمر تطور تطوراً خطيراً يكشف عن سوء نية أثيوبيا وإصرارها على فرض الأمر الواقع وأن القرار سوف يزيد من حالة التوتر.

وقالت مصادر ذات صلة بوزارة الري أن حجم المياه المتراكمة سيعتمد على كمية الامطار الموسمية التي تهطل على أثيوبيا.

رفض سوداني

وقال المتحدث الرسمي باسم فريق التفاوض لسد النهضة عمر الفاروق سيد، إن وزارة الري تسلمت خطاباً من إثيوبيا لتخطرها بالملء الثاني، وقال: جدد السودان رفضه ويرى السودان أن الإخطار غير ذي جدوى ما لم يتم التفاوض والاتفاق بشأن ملء وتشغيل السد ويوكد السودان أن الاتفاق النهائي الملزم هو الإثبات الوحيد للرغبة الاثيوبية في التعاون كما يرى السودان أن محاولات قطع الطريق أمام المساندة الدولية للمطالب السودانية العادلة بشأن النزاع حول سد النهضة غير مجدية يعيد السودان التأكيد على أن الملء الأحادي للعام الثاني دون اتفاق يمثل خطراً وتهديدًا وشيكاً للسودان، ونفت وزيرة الخارجية مريم الصادق أمام مجلس الوزراء الأمن كنموذج وإثبات على اتخاذ اثيوبيا لإجراء أحادي دون اعتبار لمصالح السودان.

تحذير

يقول الخبير الاستراتيجي في مجال المياه شرف الدين أحمد حمزة أن أثيوبيا بمطالبها ربطت اتفاق تشغيل السد بالتوصل لمعاهدة شاملة بشأن مياه النيل الأزرق تحاول إثبات ملكيتها للنيل الأزرق لاستخدام تلك الخطوة في القانون الدولي لأن هنالك تسعيرة معترف بها في البنك الدولي للإنشاء والتعمير، وقال لـ(الصيحة): سبق وحذرت الحكومة السابقة من القضية الكبيرة وجذورها التاريخية وأن اثيوبيا تلعب الآن بهدوء حتى تصل إلى ما تريد، وأشار إلى أن الاتفاقية الثنائية لمياه النيل التي وقعت في العام 1958 بين مصر والسودان كانت أثارت حفيظة الإمبراطور الاثيوبي هايلاسلاسي، وقتها قال إن الاتفاقية اتجاه للتغول على المياه الأفريقية، وأضاف مقولته المشهورة (إن اثيوبيا هي المالك التاريخي للنيل الأزرق)، ثم أرسل رسالة غاضبة إلى سكرتير الأمم المتحدة، وقال رغم أن المقولة مضى عليها الزمن، إلا أنها أصبحت متوارثة على الإدارات السياسية التي كانت تعمل في التنسيق لإثبات هذه الملكية، بيد أنه إشار الى اتفقاقية 1902 بين اثيوبيا وبريطانيا نيابة عن السودان للإمبراطور الإثيوبي منليك الثاني، حيث تعهد فيها بعدم إقامة أي منشأة على النيل الأرزق أو بحيرة تانا.

تعامل المكر ومطالب مضرة

استنكر المحلل السياسي الرشيد أبو شامة قرار أثيوبيا للسودان حول ملء السد وقال في حديثه لـ(الصيحة) إن هذا القرار لا يحل المشكلة وإن القضية ليست في الإخطار، وقال “نحن قضيتنا مع اثيوبيا بأن يكون الملء عبر اتفاق مبرم وبطريقة قانونية بين البلدين ولكن يتم إخطارنا هذه ليست قضية، وأن الموضوع ليس لعباً وهنالك وسائل إلكترونية توضح بأن أثيوبيا بدأت أم لا عبر الأقمار الصناعية”.

وطالب أبوشامة بالتوصل لاتفاق حول الملء والتشغيل يضمن للسودان ومصر حقوقهما في مياه النيل، وقال “الإخطار ليس له معنى لأن وزير الري السوداني تحدث عن الأقمار الصناعية التي توضح كيفية الملء وملم بكل التفاصيل، ولكن هذه عملية تؤدي الى المراوغة من اثيوبيا على السودان وغير جادة، وأضاف: “اثيوبيا تريد أن تسيطر على المياه وأن تتحكم فيها عبر مطالب مضرة، لذلك وزيرة خارجية السودان مريم الصادق ووزير خارجية مصر ذهبا لمناقشة الأمر في مجلس الأمن في نيويورك.

استباق

من ينظر لتسلسل الأحداث يرى أن أثيوبيا درجت على التسويف لشراء الوقت غير أنها بدأت الآن مرحلة جيدة بأن استبقت جلسة مجلس الأمن الدولي المقررة اليوم الخميس ببدء مرحلة الملء الثاني للبحيرة مقدمة الموعد المقرر لبدء الملء اسبوعاً كاملاً، حيت كان من المقرر أن يبدأ في منتصف يوليو غير أن توقع استصدار قرار من مجلس الأمن وفق مشروع القرار الذي تقدمت به تونس أمس لوقف الملء جعلها تعلن للجميع أنها بدأت بالفعل إغلاق بوابات السد لبدء التخزين.

تقرير– عوضية سليمان
صحيفة الصيحة