خواطر حول فوارق العلم والمعجزة
هي اﻷربع المربكات ﻹختراقهن المألوف وتجاوز بعضهن حدود إستيعاب العقل ، وحتي لانذهب بعيدا ندلف لذكرهن مباشرة وهن المعجزة – العلم – الكرامة والسحر. فهل هناك اوجه شبه فيما بينها ؟؟ وهل العلم وتطوره هو معجزات متجددة بصورة معاصرة لحركة الكون وتسارع احداثه ومتغيرات أمكنته وأزمنته
أولا:- لابد ان نعرف ان المعجزة والعلم والكرامة هي مواهب إلهية مصدرها الله خالق اﻷكوان ، أما السحر فمصدره الشيطان ومن إتبعه من الجن أو بني اﻹنسان.
إذن ما الفرق بين المعجزة والعلم والكرامة؟؟ المعجزة نتيجة أو واقعة تقفز فوق أسس العقل والنقل فتضعهما في خانة العجز تماما فلا يستوعب العقل كيفية الواقعة او تحقق النتيجة ، ﻷن المعجزة ارفع من العلم ، ولا يمكن نقلها كفعل الي اﻵخرين وتدريبهم عليها ، وكمثال للمعجزات قوله تعالي علي لسان عيسي عليه السلام (إني قد جئتكم بآية من ربكم إني اخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله وابرئ الاكمه واﻷبرص وأحيي الموتي بإذن الله ) آل عمران الاية 49 ، والمعجزات خص بها الله رسله وانبيائه فقط.
ثانيا:- العلم هو ايضا الوصول الي ونتائج ووقائع جديدة ولكن وفق اسس التجريب والتدريب فتتحقق نتائج ووقائع مقبولة بمقاييس العقل والحواس والعلم هو فعل قابل للنقل إلي اﻵخرين .
أما الكرامة فهي نتيجة أو واقعة
مدهشة تشبه نتيجة العلم وإن خالفته في طريقة حدوثها واختلاف مواصفات من تجري علي يديه فقد تقع الكرامة من امي أو رجل لايعرف الكتابة والقراءة غير أنه إنسان صالح حسنت نيته وقويت صلته بالله.
والكرامات متجددة ماظل علي وجه اﻷرض بشر ومن بينهم صالحون يسارعون في فعل الخير وتنفيذ أوامر الله. وتظل مناداة امير المؤمنين عمر بن الخطاب ﻷحد قواد جيش المسلمين لﻹحتماء بالجبل (ياسارية الجبل ) وعلي بعد الالاف الكيلو مترات نموذجا فريدا للكرامة الرفيعة التي انجزت اﻹتصال الهاتفي قبل ظهور التليفون او اللاسلكي او الموبايل وهي منجزات العلم المتاخرة ، ومايجب ان نؤكده هو ان المعجزة والعلم والكرامة هي جميعا حقائق ثابتة .
ويأتي السحر كعمل ، أشبه بالتشويش أو التعطيل لقدرة التمييز الصحيح بالحواس أو العقل أو إحداث اضطراب وأثر سالب لدي المقصود أو المستهدف بالسحر. ومايميز المعجزة والكرامة عن السحر أن المعجزة والكرامة كلاهما حدث ينطلق من منصة الحق و النفوس الطاهرة المؤمنة والواثقة بربها ،بينما يصدر السحر من مواقع الباطل وظلمات النفوس الخبيثة التي لا تعرف اﻹيمان وإنما يسيطر عليها كيد الشيطان.
ولعل مواجهة سيدنا موسي لسحرة فرعون تكشف حقيقة السحر وكيف أنه تشويش او تعطيل للحواس وتأثير علي العقول فالمواجهة كشفت ان حبال السحرة يراها الناس حيات تحت تاثير السحر ولكنها في الحقيقة هي حبال فقط تلقفها عصا موسي التي تحولت بمعجزة إلهية إلي حية حقيقية تدحض السحر وتدفع السحرة الي اﻹيمان بصدق سيدنا موسي وقوته المستمدة من الله.
والسؤال كيف يحق لنا أن نطلق علي اﻷربع ، المعجزة ، العلم ، الكرامة والسحر اﻷربع المربكات؟؟ ثم هل من الصواب ان نعتقد ان المعجزات والكرامات التي حدثت في قديم الزمان وقبل تقدم العلم وتطوره هي في الحقيقة حقائق علمية سبقت ظهور العلم وانها هي نفسها (المعجزات والكرامات ) اﻹنجازات العلمية المبتكرة في عالمنا المعاصر ؟؟
واﻹجابة حول اﻹربع المربكة هي أن المعجزة والكرامة والعلم والسحر جميعها تربك اﻹنسان ﻷنها تزلزل المألوف وتصدم المتوارث من المعاملات والمشاهدات . فالمعجزة والكرامة تدفع النفوس الحائرة الي اﻹيمان بالحق وتزيد يقين النفوس المؤمنةبما تعتقد ، كما وانها تكشف للنفوس الغافلة الحقيقة فتسرع إلي إلانضمام لركب المؤمنين ، علي عكس مايحدثه السحر من تأثير سالب .
النبوءات تحدثت منذ قرون عن مسقبل البشرية وماسيحدثه العلم ، وقد سبق ان وقع في يدي كتاب اسمه ( تطابق المخترعات العصرية لما اخبر به سيد البرية ) وجاء في ذاك الكتاب ان رسول الله صل الله عليه وسلم قد اخبر امته بتفاصيل مستقبل الحياة الدنيا مثلما اخبر عن الامم السابقة منذ ان خلق الله آدم. ومما ادهشني فيما قرأت في ذلك الكتاب إيراده إخبار الرسول بأنه في آخر الزمان يعرف الرجل اخبار بيته من جيب سترته ، وكانما يحدث عن الموبايل الجوال الذي نستخدمه اﻵن ، ولعل اخباره عن ما يحدثه الدجال وان الناس علي وجه اﻷرض جميعا يرون تحركه وافعاله ، فقد اصبح اﻵن ذلك ممكنا مع البث المباشر للقنوات الفضائية ووسائط التواصل اﻹجتماعي.
ثم أن اﻹجابة علي ان ابتكارات العلم يمكن ان تكون هي معجزات وكرامات اﻷمس او العكس أي ان معجزات وكرامات الماضي هي ابتكارات علميه سابقة ﻷوانها ، فيمكن أن نقبل ان المعجزات والكرامات هي ابتكارات علمية فعلا ولكن ليس مقبولا القول بأنها سابقة ﻷوانها ولكنها في الحقيقة أتت في وقتها المناسب تماما. وكما ذكرنا آنفا فإن المعجزة والعلم والكرامة مواهب إلهية جميعا وهي من الله ولعله من اﻷنسب أن نقبل بأن اﻹبتكارات العلمية امتداد لمعجزات اﻹلهية المتجددة إستنادا علي قوله تعالي (سنريهم آياتنا في اﻵفاق وفي انفسهم) اﻵية 53 سورة فصلت فحرف السين هنا يشير إلي استمرارية التحدي وتواصل اﻹعجاز اﻹلهي إلي يوم القيامة.
محجوب الخليفة
صحيفة التحرير