مقالات متنوعة

إعلان الوحدة بين قحت والأمة والجبهة الثورية

تم بالأمس السبت الاعلان عن وحدة أجسام الجبهة الثورية وحزب الأمة القومي والمجلس المركزي للحرية والتغيير (يضم المجلس المركزي كيانات منها أحزاب البعث والتجمع الاتحادي والمؤتمر السوداني)، قد يكون هذا اهم حدث في الفترة الأخيرة على الصعيد السياسي، وذلك لجهة ان هذه الوحدة تعني توحيد الأجسام الثورية المشاركة في الحكومة الانتقالية بعد فترة طويلة من الانقسامات والخلافات، وهو ما قد يؤسس لإنجاز الكثير من الأهداف الثورية وعلى رأسها الحفاظ على حكومة الثورة والعبور بها نحو الديمقراطية.

اهم ما حمله الاعلان السياسي كان توافق الاجسام الثلاثة على هيكلة قوى الحرية والتغيير، في ثلاث هياكل هي: الهيئة العامة، المجلس المركزي، والمجلس القيادي. الوظائف المذكورة في الاعلان تبدو قريبة لبعضها بين المجلس المركزي والمجلس القيادي، مما يحتاج الى مؤتمر صحفي لتفسير الاعلان وتوضيح معاني ووظائف الهيكلة الواردة فيه. الهيكلة كانت من أكثر المطلوبات التي دفع بها حزب الأمة القومي وغيره من الكيانات لجهة ان قوى الحرية والتغيير ظلت تعمل في الفترة السابقة بلا وصف وظيفي منضبط، مما جعلها جسم هلامي عاجز عن قيادة الثورة وضبط الفترة الانتقالية، لذلك يعتبر التوافق على الهيكلة خروجا من هذا النفق.

لم يتحدث الإعلان السياسي عن مؤتمر تأسيسي لقوى الحرية والتغيير كما كان ينادي الأكثرية وخاصة اللجنة الفنية للقوى السياسية، ولا نعلم هل اكتفت الأطراف الثلاثة بهذه المداولات عن المؤتمر ام ان المؤتمر مازال مطلوبا. الإعلان أكد عزم الجهات الثلاثة على توحيد قوى الثورة الموقعة على إعلان الحرية والتغيير او غير الموقعة، وهي خطوة مطلوبة وظلت دوما هدفا للاكثرية، وتاخيرها المتكرر قاد إلى ضعف وتمزق قحت وتحولها إلى جسم ضعيف وبروتوكولي، لتوحيد هذه الأجسام لا يبدو أن الأمر سيكون سهلا خاصة وأن هناك أجساما قد خرجت بالكامل عن قحت ودعت لاسقاط حكومتها، التواصل مجددا مع هؤلاء سيكون صعبا ولكنه ليس مستحيلا.

كذلك التواصل مع الكيانات الشبابية سيحتاج الى الكثير من الترتيب، الكيانات الشبابية هي كيانات ثورية وليست سياسية، لذلك من الصعب حملها على تبني مواقف سياسية مرنة وموضوعية، وهذا عامل قد يعرقل توحيد عدد من كيانات الثورة الشبابية، وهو للاسف عامل مضر بالثورة ومكلف للبلد لانه سيقود إلى تطويل امد الفترة الانتقالية واحتقانها المتكرر، وفي هذا المجال قد تساعد مبادرة رئيس مجلس الوزراء في تخفيف بعض الضغط عبر توفيرها لمنصات أخرى لمناقشة أزمة البلاد السياسية وسبل الحلول حولها.

تجمع المهنيين رغم قيادته للثورة الا ان ضعف التجربة السياسية للشباب الذين قادوه وعدم الحنكة والخبرة السياسية ووجودهم فجأة في مواقف أكبر من قدراتهم الذاتية قادتهم إلى التقليل من قدر الكيانات السياسية العريقة والراسخة وظنوا أن بإمكانهم قيادة السفينة بأمرهم، وهذا للاسف ما قاد إلى اختطاف بعضهم للتجمع لتحقيق اهداف وأحلام ذاتية، وهو موقف خاطيء لم يعتذر عنه شباب التجمع في الفصيلين ولم يصححوه حتى اليوم، بينما استطاع المجلس المركزي ان يصحح خطاه باختطاف قحت بتوقيع هذا الاعلان السياسي لاعادة توحيدها وبناءها من جديد، وهذا هو الفرق بين السياسي المحنك المجرب والثوري الشاب.

ماهو مصير اللجنة الفنية للقوى السياسية بعد هذا الإعلان؟ وماهي ألية توحيد الكيانات الثورية داخل قحت؟ هذه هي الأسئلة الراهنة. نتطلع إلى مؤتمر صحفي من الأجسام الثلاث لتوضيح ما وراء هذا الإعلان والمستقبل الذي ينتظره، وفي نفس الوقت نشيد بهذه الخطوة فهي تمثل اثبات لأول مرة بأن في السودان أجسام سياسية حقيقية يمكنها تجاوز الخلاف من أجل الأهداف المصيرية، وهو منهج مبشر اذا استخدم في حل كثير من الخلافات داخل فسيفساء النادي السياسي لربما أخذ البلاد بأجمعها إلى الطريق الصحيح.

يوسف السندي
صحيفة التحرير