مزمل ابو القاسم

مزمل ابو القاسم يكتب: الانطلاقة الثالثة


* عندما قررتُ دخول ساحة الصحافة السياسية في خواتيم العام 2013 شكك كثيرون في إمكانية نجاح تلك التجربة، ووصموها بالتسرُّع، وتوقعوا لها الفشل، لكنني لم آبه لهم، لجهة أن الفشل لم يشكل هاجساً لي في أي يومٍ من الأيام، فمن رحمه يُولد النجاح، ومن تجاربه القاسية يُستخلص التفوُّق الباهر.
* بحمد الله نجحت المغامرة، وحظيت الإصدارة بقبولٍ كبيرٍ عند القراء، واستمرت في عهدتي كناشرٍ ورئيس للتحرير ثماني سنوات، استمتعت فيها بالتجربة، وتشرفت خلالها بقيادة مجموعة من ألمع شباب الصحافة السودانية، وبعض شيوخها بالطبع.
* انتقال الصحيفة إلى عهدة ناشرٍ جديد لن يكون آخر عهدي بها، لأسبابٍ عديدةٍ، أولها أن الصحف مخصصة في الأساس للنفع العام، وبالتالي فإن ملكيتها الأصلية تعود إلى قرائها، كما إن من خلفني عليها أخٌ عزيزٌ، وصديقٌ أثيرٌ، رضيتُ أن أعهد به بمولودي الثاني في مجال النشر الصحافي لثقتي التامة في أنه سيتعهده بالرعاية اللازمة، مثلما سيمنحني الوقت الذي أحتاجه لتجربةٍ عمليةٍ جديدة، ليست بعيدة عن مجال الإعلام، لكنها لا تتصل بالنشر الصحافي.
* نجاح (اليوم التالي) كصحيفة رصينة ومستقلة، لم يحدث بسبب شطارة ناشرها ولا لنبوغ رئيس تحريرها، بل لجودة الطاقم الذي عمل فيها، وإخلاصه وتفانيه ومهنيته العالية.
* انتقى الأخ الحبيب أيمن مبارك، الزميل الصديق الطاهر ساتي رئيساً للتحرير خلفاً لي، ولن أضيف جديداً إذا ما ذكرت أن الاختيار صادف أهله، وأن الخلف أفضل من السلف، بما له من قدراتٍ وصبرٍ على عنت المهنة، وبما يدخره لأعبائها المنهكة من وقتٍ ما عاد متاحاً لي، لانشغالي بأعباء جديدة داخل السودان، وانتقال أسرتي إلى دولةٍ أخرى، بغرض إعانة الابنة الكبرى على الانتظام في إحدى جامعاتها.
* تعاملت مع الحبيب ساتي وكأنني ما زلت ناشراً ورئيساً للتحرير، وكنت فظاً في بعض الأحيان فاحتملني بصبرٍ جميلٍ، حتى اكتملت (الفترة الانتقالية) بسلام.
* ساتي لمن لا يعرفونه رجل بقلب طفل، خيره وافر، وقلبه مفعم بالمحبة، ورغبته في النجاح لا تحدها حدود، أما الحبيب أيمن؛ الناشر الجديد؛ فيكفي أن أذكر أن انتقال الصحيفة إلى ملكيته تم بيسرٍ يليق بمحبتي له، وتقديره لي.
* لم يجرِ بيننا تفاوضٌ يذكر، فكل واحد فينا كان حريصاً على حفظ المودة للآخر، بعيداً عن شُح النفوس وحسابات الربح والخسارة، ولأن همنا كان محصوراً في كيفية المحافظة على نجاح الصحيفة، واستمرارها بنهجٍ أفضلٍ في انطلاقتها الثالثة، وأعاهده أن أظلّ سنداً له، وهو رجل يجيد صنع النجاح، ويحسن إدارة الأعمال.
* سأستمرُ في الإطلال على القرّاء عبر (اليوم التالي)، وسأجتهدُ في إعانة الحبيبين أيمن وساتي بجهد المُحب، ويكفيهما أنهما أشعراني أن الصحيفة لم تغادر حدود ملكيتي، فلهما مني خالص المودة والشكر الجزيل، وللغراء وقرائها الأفاضل فيوض الثناء والأمنيات بمستقبلٍ أفضل ونجاحاتٍ قادمة بحول الله. ‏

صحيفة اليوم التالي