خلافات الأمة القومي.. تخلق مؤسسات أم فقدان الاتجاهات؟
صراع قديم محتدم نحو السيطرة والنفوذ، أفرز تيارات ومحاور اشعل التوتر بينها التمثيل في مقاعد الحكومة الانتقالية ومواقع اتخاذ القرار، هكذا يصف العديد من المراقبين، الأوضاع داخل حزب الامة القومي، الذي بدى فاقداً لمنظومة مركزية موحدة بعد أن فقد زعيمه الملهم الامام الصادق المهدي كمايرى البعض.. مبررات التصور.. التيارات أمر طبيعي كثيرون يرون أن السبب الذي جعل الشارع السوداني يتصور وجود خلافات داخل الأمة القومي او صراعات، ترتبت على ما وصف بالاجتماع العاصف الاسبوع الماضي للمكتب السياسي، الذي جاء على خلفية مناقشة توقيع الأمين العام الواثق البرير مع المجلس المركزي والجهة الثورية على ما اعتبره البعض نكوصا عن مبادرة الاصلاح التي طرحها حزب الأمة القومي لاصلاح الحرية والتغيير عقب عطلة عيد الفطر المبارك وبعد احداث 29 رمضان لدى إحياء ذكرى فض الاعتصام. قيادات بحزب الأمة اكدت ان وحدة حزب الامة القومي وقياداته وتياراته تصطف في القضايا الوطنية وهذا هو المهم، مستدركة: اي كادر للحزب داخل او خارج السودان له صوت داخل حزب الامة . مساعد الامين العام للاتصال السياسي عادل المفتي، اعتبر في حديثه أن اي حزب لا توجد به تيارات لا يصلح أن يكون حزبا سياسيا ، مشيرا الى أن تباين وجهات النظر امر طبيعي . المفتي اوضح أن الاجتماع الاخير الذي كان مخصصا لمشاركة حزب الأمة القومي في اللجنة الفنية لاصلاح القوى السياسية اخذ الرأي فيه بالاجماع ، مشيرا إلى أن القرارات داخل الحزب يتم اتخاذها بالاجماع ، ويمكن اللجوء للتصويت اذا كان هناك معارضون للقرار ، مشيرا إلى لجوء الحزب للتصويت عندما برز الحديث عن الدخول في الانتخابات ابان النظام السابق ، وكانت نتيجة التصويت بعدم المشاركة في الانتخابات . بدوره نفى الأمين العام للحزب الواثق البرير وقيادات اخرى مزاعم وجود خلافات أو صراعات داخل الأمة القومي، وأكد البرير على وحدة وتماسك قيادات الحزب ، برغم اتهام البرير لجهات خارجية وداخلية – لم يسمها- باستهداف الحزب والعمل على استبدال الحواضن الاجتماعية السياسية بالبلاد. مؤسسات متطورة.. إرث الصادق المهدي التفاعلات داخل الأمة القومي برغم نظرة البعض المتشائمة الا انها ربما تقود إلى ما لا يحمد عقباه، الا أن قياداته ورموزه ترى عكس ذلك.. ويذهب المفتي الى أن حزب الأمة القومي حزب رائد ويتحدث عن القضايا الوطنية ويرجح القضايا الوطنية على القضايا الحزبية، واصفا اجتماع المكتب السياسي الاخير بالـ موفق تماما ، ولا يريد اقصاء لاي شخص او اقصاء لأي مبادرة . واعتبر وجود تيارات داخل الحزب بانه أمر صحي وموجود منذ مدة ، دون تأثير على توحد تلك التيارات تجاه القضايا الوطنية ومصلحة الحزب . ويشير المفتي إلى أن ذلك يختلف مع القضايا التي تطرح في اطار تحالفات أو قوى سياسية اخرى يعتمد حلها على التوافق بالاجماع أو التصويت . واضاف :” الآن مؤسسات الحزب متطورة والفترة القادمة سيكون جيل قيادات جديدة من الشباب، المرحلة تتطلب تغييرت في البرامج والقيادات ، الاشياء الراسخة والوطنية والمصيرية التي تتعلق بالدولة السودانية لن نتنازل عنها الا بالديمقراطية”. بدوره يرى البرير أن الارث الحقيقي للإمام الصادق المهدي لم يكن في مال او عقارات بل المؤسسات، وأضاف: قبل رحيله كان يتحدث عن المؤسسات والمؤسسية، واذا التزمنا بهذه الاشياء لن تحدث لنا مشكلة وفعلا وضحت رؤيته وترك لنا المؤسسات وكيفية ادارتها. من يقف خلف شائعة الخلافات؟.. احزاب صغيرة عادل المفتي يرى أن من يروج للخلافات داخل الحزب جهات تريد الاصطياد في الماء غير العكر لأن ما يحدث داخل الأمة القومي هو اختلاف في وجهات النظر وتظل قضايا وامور داخلية، واضاف: لا نسمح للأحزاب الصغيرة التي لا ترى بالعين المجردة اختراق الحزب او تهديد الحزب ، وتابع: “نحن ضد اي نوع من الممارسات الاقصائية في الحزب. وكشف المفتي أنه بعد أن اصبح الأمة جزءا من اللجنة الفنية لاصلاح القوى السياسية تحاول بعض الاحزاب الاصطياد في المياه العكر للحفاظ على مصالحها ، ونحن مع الاحزاب التي تعمل مع حزب الأمة القومي لنجاح الفترة الانتقالية. صراع التيارات.. تحليل حزب الأمة وتذهب التحليلات إلى أن الصراع داخل حزب الأمة القومي قديم ، وكثير من الناس لا يعرفون طبيعته ، وتشير إلى ان الوضع الآن افضل مما كان عليه سابقا. ويرى البعض أن الصراع بين ثلاثة تيارات الاول بقيادة الامين العام الواثق البرير ويعمل هذا التيار على أن يرث صديق الصادق الحزب. اما التيار الثاني فهو تيار نائب رئيس الحزب الفريق صديق اسماعيل، ويريد أن يرث عبدالرحمن المهدي الحزب، ويصف البعض موقف هذا التيار بأنه موضوع قديم متجدد منذ حياة الإمام الصادق المهدي للسيطرة على الحزب. ويذهب محللون إلى بروز تيار ثالث هو تيار نائب رئيس الحزب د. ابراهيم الأمين ويتحدث عن اصلاح الحزب وان الحزب ليس ملكا لأحد حتى يرثه او يقودة احد ابناء الإمام الصادق المهدي ، لكن هذه المجموعة ضعيفة لان مؤيديها قليلون في مؤسسات الحزب ، لكنها تحظى بتأييد خارج المؤسسات. محللون مقربون من الأمة القومي يرون أن جزءا من الصراع ترحل وكانت مجموعة الواثق البرير وصديق الصادق قد ايدت صديق اسماعيل في صراعه مع الأمانة العام سابقا ، واعتبروا أن ذلك الدعم جاء لظنهم أن الفريق اسماعيل سيطر علي مفاصل الحزب وان دورهم اصبح هامشيا.. كما يرى انصار هذا التحليل أنه في فترة صديق اسماعيل تمددت مريم علي حساب صديق الصادق ، وان رؤساء الاحزاب بالولايات تمددوا على حساب تيار الواثق البرير ، واصبح صديق اسماعيل قوة ضاربة في الحزب ويحدد مع الإمام مباشرة رؤى وخطط الحزب . واشارت التحليلات إلى أن تيار الواثق احس بأن دوه اصبح هامشيا وقام باتصالات مع مجموعة التيار العام وبدأ التنسيق مع مجموعة الشباب والكوادر التي تأسست في فترة الصراع في 2012م وهذا التيار ككتلة نجح في إسقاط الفريق صديق وجاء د.ابراهيم الأمين امينا عاما ، وهذه المجموعة نفسها تخلت عن د.ابراهيم بعد عزله من الأمانة العامة ، وتقلدت سارة نقدالله منصب الأمين العام . مجموعة التيار العام القديم التي كان يقودها آدم مادبو رغم انها مجمدة عملها داخل الحزب إلا أن بعضها عاد خصوصا وان بعض افرادها برزوا في حكومة حمدوك الثانية بشكل كبير، وتعتبر التحليلات أن هذه المجموعة اصبحت قريبة من مجموعة الأمين العام الحالي الواثق البرير لكن لها تحالفات خارج الحزب ، اي انها تتحرك كأنها حزب مستقل او حزب داخل الحزب. مراقبون اشاروا إلى أن مواقف تلك التيارات ليست بحسب الخط السياسي، بل بحسب مصالحها في المناصب والسلطة ، رغم أن مجموعة التيار العام القديم غير معترفة بمؤسسات الحزب ، لكنها قبلت أن تعود وتعترف بالمؤسسات وتعمل فيها ..( كانت لهم قضية في مجلس الأحزاب وفازوا بها) رغم انها كانت رافضة لكل قرارات المؤتمر التاسع . ويرى بعض المواقبين أن التيارات الثلاثة الآن ليس لديها رغبة في مؤتمر للحزب رغم انها تردد لوسائل الإعلام انه سيتم عقدة خلال عام ، لكن حتى الآن لم يتم تشكيل لجنة للمؤتمر ، واغلب قواعد حزب الأمة الآن لا تتحدث عن مؤتمر عام بل عن توحيد الحزب . اصطفاف متجدد.. اجيال جديدة عضو حزب الأمة القومي القومي عروة الصادق يذهب إلى ان العمل الحزبي في السودان مشحون بالأنماط التحالفية الخارجية والداخلية ، الاصطفاف الداخلي في أروقة حزب الأمة القومي قديم متجدد، باعتبار أن الأجيال الحزبية المتراكمة تتباين أفكارها ورؤاها وتختلف طرائقها للتعبير والتعاطي السياسي، واضاف: في حزبنا توجد عدد من التيارات والأجيال منذ الاستقلال وأكتوبر وإبريل وديسمبر. منوها الى أن جميع هذه التيارات ملتزمة بمؤسسات الحزب القائمة وتتنافس على التصعيد للمؤسسات الجديدة القادمة، وتتصاعد وتيرة التباين من فترة لأخرى .. واضاف: ما يحدث يمكن أن يقرأ في إطار تنافس حميد، ففي الفترة السابقة كان لهذه التيارات دور كبير، بعض قادة الحزب جنح للثورة ضد الحكم البائد ودعمها الحراك وتقدموا الصفوف، وبعضهم راهن على ضرورة الحوار مع الحزب المحلول، والوصول لتسوية معه باعتبار أن الثورة متأخرة ولكن نجح الرهان الأول، والآن تتواصل وجهات النظر في التباين لتشكل رؤى الحزب، وأقول مهما اختلفت وجهات النظر يلجأ الحزب للتوافق في إصدار قراراته سواء من المكتب السياسي أو الأمانة العام أو مجلس التنسيق… وخلص عروة الى أن التيارات الحزبية تظل مطلوبة ومرغوبة حال أن التباين حميد لا يضر بالممارسة الحزبية، وتظل تيارات الحزب باختلافها بعيدة عن الاختراق والعمالة والارتزاق.
تقرير – وجدان طلحة
الخرطوم: (صحيفة السوداني)