إحتشاد الشعراء إحتجاجا
إستفزني احد اقربائي وهو يحدث ابنه الطفل قائلا (الشعر اكاذيب والشعراء واهمون ينظمون اﻷكاذيب وقد وصفهم القرآن الكريم بذلك مباشرة ( الشعراء يتبعهم الغاوون ) هكذا انهي حديثه ﻹبنه اغتظت صراحة من خطل اﻷب ورداءة فهمه للقرآن وغفلته المخجلة لدقة التوصيف القرآني
حزنت ﻷن المكان والزمان لايناسبان للرد علي الخطأ الفادح
إذ كيف سولت له نفسه ليشرح اﻵيات 224و225 و226 من سورة الشعراء (الشعراء يتبعهم الغاوون* الم تر انهم في كل واد يهيمون وانهم يقولولون ما لايفعلون *
مع تعمده تجاوز اﻵية 227 والتي تقول (إﻻ الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا وانتصروا من بعد ماظلموا وسيعلم الذين ظلنوا أي منقلب ينقلبون.
▪️وكأنني بعلماء التفسير وخبراء الفقه وعلماء العقيدة المبراة يتململون في قبورهم ، إعتراضا، علي تجاوز أسباب نزول هذه اﻵيات واحتجاجا علي التفسير المبتسر والمشوه للقرآن الكريم ، ولكأن اصوات كبار المفسرين من لدن الطبري مرورا بابن كثير وبلوغا لصاحب تاج التفاسير الميرغني محمد عثمان اﻷكبر يعيدون علينا تنبيها مهما وهو ان اﻵيات نزلت في شعراء المشركين والذين زعموا مجاراتهم للقرآن وذهب بعضهم إلي اﻹساءة إلي رسول الله الكريم ، وكما روي عن مقاتل قوله (كان ممن نزلت فيهم هذه اﻵيات مجموعة من شعراء المشركين منهم عبدالله بن الزبعري ،و ابوسفيان بن حرب وهبيرة بن ابي وهب وغيرهم).
▪️حزنت وانا استعيد في تلك اللحظات العابرة نماذجا من الشعر والشعراء الذين انعم الله عليهم بتلك المواهب.. وكأنني بصحاب المعلقة لبيد بن ابي ربيعة ذاك الشاعر المخضرم الذي عاش في العصر الجاهلي ثم ادركه اﻹسلام يقرأ علي بيته الشهير (اﻷ ان كل ما خلي الله باطل
وكل نعيم لا محالة زائل)
كحجة دامغة تؤيد توصيف القرآن للشعراء وامتناعه عن تعميم الغواية بأميز ادوات اﻹستثناء ليظهر بعده مباشرة عنترة بن شداد العبسي صاحب المعلقة ايضا والذي عاش في العصر الجاهلي فقط يقول افتخارا بأن رسول الله صل الله عليه وسلم كان يترجز ببيت من شعره ( ولقد أبيت علي الطوي وأظله حتي أنال به كريم المأكل ) وعلي الرغم من أن عنترة العبسي لم يدرك اﻹسلام إﻷ ان الرسول الكريم بشره بالجنة إكراما لعفته وهو نفسه الشاعر الجاهلي القائل ( واغض طرفي إن بدت لي جارتي ..حتي يواري جارتي مأواها) مثلما بشر حاتم الطائي بالجنة تقديرا لكرمه بل يفرج عن اسري قبيلة حاتم الطائي بعد ان عرف ان بين اﻷسري سفانة بنت حاتم الطائي فأكرمهم وعفي عنهم فأكرمهم الله جميعا باﻹسلام .
فإذا كان ذلك جانبا من تاريخ شعراء العصر الجاهلي والذين تنوعت مواهبهم وكان لهم علو الكعب والرفعة في حماية مجتمعاتهم كما شهدت بذلك مجالسهم ومنافساتهم ودونكم حوليات حكيم شعراء الجاهلية زهير بن ابي سلمي ، ولوحات النابغة الذبياني أميرالشعراء وحكمهم المفوض وناقدهم الاول الجالس علي صولجان الشعر هناك في سوق عكاظ..
▪️حزنت مرة أخري ﻷن مثل قريبي الغافل كثير ممن يبتدعون من عندهم أوهاما تضرهم أولا و وتنقل جرثومة إختلاق التشويه ، عن طريق إستخدام منصات التاثير لتحويل اﻷوهام وإظهارها وكأنها حقائق .
ماذا أقول وقد احتشدت أمام ناظري جموع شعراء اﻹسلام الفحول يتقدمهم شاعر رسول الله حسان بن ثابت وكعب بن زهير ذاك الذي طلب العفو من رسول الله داخل المسجد فانشد شعرا رصينا تمشي به الركبان في قصيدته التي مطلعها (بانت سعاد فقلبي اليوم متبول الي ان يقول إن الرسول لنور يستضاء به مهند من سيوف الله مسلول)
فيكسيه رسول الله ببردته تشريفا ويعفو عنه بعد ان كان مهدر الدم ، والبردة التي كسي بها الرسول كعب بن زهير هي نفسها البردة التي كسي بها اﻹمام البصيري صاحب قصيدة البردة الشهيرة (،في رؤية منامية )و هي التي جاراها امير شعراء القرن العشرين احمد شوقي بقصيدته التي اسماها نهج البردة.
▪️ قلت أن للشعر في اﻹسلام رسالة وريادة فهو صاحب المهام المتقدمة في التمهيد والتبشير والتثبيت ، واﻹ كيف نقرا ماينسب لسيدنا علي كرم الله وجهه من ابيات رفيعة القيم سامية المعاني ( النفس تجزع ان تكون فقيرة..والفقر خير من غني يطغيها وغني النفوس هو الكفاف فإن ابت فجميع مافي اﻷرض لايكفيها)، أو كيف نفهم ديوان اﻹمام الشافعي ونحن نقف امام ابياته (شكوت الي وكيع سوء حفظي فأرشدني إلي ترك المعاصي وأخبرني بأن العلم نور
ونور الله لايهدي لعاصي).
وإذا كان الشعر إبن بيئته فلايقبل ابدا أن يوصم شعرؤنا اﻷماجد بالجهل والضلال وهم حداة الركب وصناع الجمال وناصري الإسلام ومحاربي التطرف والغلو.. ولكأن المتنبئ قد لخص ذلك في قوله(الشعر من نفس الرحمن مقتبس والشاعر الفذ بين الناس رحمن)
بل أن كثير من شعراء المجون وان اشتهروا بالفسق فيما رصد من اشعارهم كإبي نواس في الخمر و كل ضروب المجون واﻹنحراف كأشعاره في مجالس هارون الرشيد (قصتي اغرب قصة.. صارت الظبية لصة ..سرقت كأس مدامي بعد اخذي منه مصة..وضعته في مكان للخليفة فيه حصة)
هو نفسه القائل
مولاي ان الملك لك مليك كل من ملك مولاي ان الحمد لك والشكر لاشريك لك)
صحيفة التحرير