صباح محمد الحسن تكتب : الكهرباء ستة شهور سجن
إستمرت قطوعات الكهرباء على طريقة البرمجة المتعاقبة تعاقب الليل والنهار لشهور طويلة ، كادت تكمل عامها الأول ، تلك البرمجة العقيمة التي هددت جدار الثقة بين المواطن والحكومة المواطن الذي يعيش في (الظلام ) والحكومة التي تعيش في (النور).
وضاعت وعود الحكومة ووزارة الطاقة هباءً منثورا تلك التي تمثلت في عقد الإتفاقيات مع عدد من الدول الأجنبية حيث أعلن وزير الطاقة السوداني المهندس جادين علي في مايو الماضي عن توصله إلى اتفاق مع شركة (جي سي إم إس ) الامريكية، لحل أزمة الكهرباء في البلاد، وقبله ذلك التعاقد مع الشركة الألمانية وعدد من الشركات الأجنبية التي تم الاتفاق معها للإستثمار في مجال الكهرباء وخرج الوزير وقتها هاشاً باشاً ومبشراً بحل مشكلة الكهرباء.
لكن يبدو أن الأمر ماكان إلا هروباً وارادت الحكومة فقط ان تطلق وعودها البراقة لتلغي عنها كاهل المسئولية.
وكشفت صحيفة التيّار أمس الأول، عن أخبار أرى انها صادمة جاءت خلال اجتماع وصفته بالعاصف ترأسه رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، مع وزير الطاقة والتعدين جادين علي، بحضور الشركات التابعة للوزارة.
وقالت الصحيفة وفق مصادرها، إنّ رئيس الوزراء عاب على وزارة الطاقة عدم وجود رؤية وسقف زمني لحلّ أزمة الكهرباء، التي عاودت مجدّدًا ببرمجة جديدة للقطوعات وبررت وزارة الطاقة انها حتى الآن لم تطرح العطاءات للشركات الدولية باعتبار أن الدعم جاهز من قبل الأمم المتحدة كما ذكرت وزارة الطاقة في حديث سابق إن تنفيذ ذلك يستغرق عامين الأمر الذي قوبل برفض قاطع من رئيس الوزراء وأمهل الوزارة ستة أشهر للانتهاء من الدراسات وطرح العطاءات لحل الأزمة.
وغريب ان يطلب رئيس الوزراء من الوزارة حل مشكلة الكهرباء في ستة أشهر، فوزارة عجزت عن تقديم العطاءات للشركات الدولية ( عطاءات بس) وقالت انها تحتاج الى عامين حتى تقوم بطرحها فكيف يعطيها رئيس الوزراء مهلة قدرها ستة أشهر ليتحمل المواطن هذه المدة من جديد نظير هذه الأخطاء من قبل الوزارة وكيف يتغاضى عن هذا التقصير الا يرى حمدوك ان هذا يُعد عجزاً واضحاً وفشلاً يستحق المحاسبة ؟
ولطالما ان الدعم جاهز و القطوعات مستمرة لما يقارب العام فكيف يكون تاريخ هذا الإجتماع ( الموافق أمس الأول) ولا يتم منذ بداية القطوعات ؟
ووزير الطاقة والتعدين ( وزير السرور ) منذ تعيينه وحتى الآن ماهو الشئ الذي يعتقده أهم من الكهرباء ، كيف له أن يقضي كل هذه المدة في مكتبه منذ توليه المنصب وحتى اجتماعه مع الرئيس دون أن يقوم بحلحلة هذه المشاكل الصغيرة التي تقف عائقا للكهرباء ولها أثرها البالغ والكبير على المواطن والدولة.؟
الا يستحي هؤلاء الوزراء ،من دول أجنبية تأتي لهم عند أبوابهم ومكاتبهم وتقدم لهم مشاريعها الإستثمارية وتسندها الأمم المتحدة بتقديم الدعم ويعجز الواحد منهم عن طرح عطاء !!
والأهم من ذلك إن مارس علينا الوزير أسلوب التخدير والتبرير لإنقطاع الكهرباء كيف له ان يتحدث مع المستثمرين الأجانب بخصوص استثماراتهم في السودان وهو يعيش في ( عاصمة الظلام).
والكهرباء هي عصب الحياة كيف سيكون السودان قبلة للمستثمرين وهو يعجز عن توفير ابسط مقومات الحياة العادية ناهيك عن البيئة الاستثمارية، بلد بلا كهرباء فهي بلا بنوك بلا تقنية بلا معاملات مصرفية بلا اتصالات، هذا الإخفاق سيدي الرئيس يحتاج المسئولون عنه وعن انقطاع التيار الكهربائي ستة اشهر سجن وليست ستة أشهر مُهلة .
طيف أخير :
سندرك يوماً ما، أن مُعظم المعارك لم تكُن سوى أحداث هامشية شغلتنا عن المعركة الحقيقية.
الجريدة