يوسف السندي يكتب وانكشف المخطط الانقلابي
حين تكثر الاضطرابات فأنتظر الانقلاب، هذه هي الحقيقة، الانقلابيون في كل زمان ومكان يسعون إلى نشر الفتن والاضطرابات حتى يدب الفزع والخوف في قلوب المواطنين ويصبح الأمن هو هاجسهم الوحيد، ويصبحون في وضع محايد تجاه السلطة التي تحكمهم مهما كان لونها، لذلك كتبنا بالأمس عن الفتنة التي يقودها الناظر ترك الذي أعلن على رؤوس الأشهاد انه مؤتمر وطني وطلب من الجيش استلام السلطة، كنا نظن أن الرجل الذي أصبح ورقة الفلول الرابحة وتقاطرت عليه أفواج الفلول من الوسط والشمال، مجرد مهرج يريد أن يقول انا هنا، وما كنا ندري ان طلبه استلام السلطة بواسطة العسكر هي كلمة السر المتفق عليها بين الانقلابيين.
منذ بدأت أحداث شرق السودان، أعلنت لجان مقاومة بورتسودان ولجان مقاومة كسلا أكثر من مرة بأن الفلول يخططون لإثارة الفتن من أجل الانقضاض على السلطة المدنية وقطع الطريق أمام الانتقال الديمقراطي، كانت عنقاء لجان المقاومة ترى شجر الفلول يسير منذ وقت بعيد.
الفلول استخدموا الفتنة القبلية أولا في الشرق وكادوا ان يمزقوا نسيجها الاجتماعي، ثم استخدموا سلاح التفجيرات التي لم يشهدها السودان طيلة تاريخه حتى في عز أوقات الحروب، كانوا في كل مرة يمتحنون السلطة الانتقالية وشراكتها المدنية-العسكرية، ويوغرون صدر الشعب ضدها ويجعلونه يفقد الثقة رويدا رويدا في الحكومة وفي مصير الثورة ومستقبلها.
ثم بدأوا في تجنيد العصابات ونشر المخدرات في العاصمة وزيادة الهوة بين الشعب والمؤسسات الأمنية، خطفوا وقتلوا ومثلوا بالجثث عيانا بيانا في سلاسل أحداث متتابعة ومتشابهة السيناريو لم يشهدها السودان الا في الأوقات التي سبقت الانقلابات، الأوقات التي يجتهد فيها الفلول والانقلابيون من أجل ايصال الشعب والسياسيين والعسكر لمرحلة ( الحكومة دي لو شالا كلب ما بنقول ليهو جر).
ثم فتحوا جبهة عنصرية وانفصالية عبر كادر إسلامي من أبناء الشمال يوغر صدر الجماهير ضد إخوانهم في الوطن الواحد والتاريخ، ويتحدث كما تحدث اخو له من قبل اسمه عبدالرحيم حمدي عن دولة النهر والبحر، الدولة العنصرية التي لا تنشأ الا في عقل عنصري مريض، ولكنها لم تكن دولة من أجل الدولة وإنما مصيدة وملهاة أخرى كسابقاتها هدفها صناعة الفوضى المنظمة وبعثرة الجماهير عن هدفها الثوري وعن حماية الوحدة والانتقال الديمقراطي وتقديمها لقمة سائغة للانقلاب، وهكذا قبل يوم واحد فقط من انقلاب الأمس، تخلى صاحب دولة البحر والنهر عن حذره وقفز بسرعة إلى الهدف المنشود ودعا جماعته إلى تسليم السلطة للعسكر، لقد جاءته الأوامر بلحظة الصفر كما جاءت لترك وبقية العقد النضديد من حبات المخطط الفلولي.
نسى هؤلاء الفلول ومن هم خلفهم ان هذا الشعب لا يمكن أن يضحك عليه احد بعد الان، لقد تعلم هذا الشعب الدروس من التاريخ، وشاهد هذا الفيلم من قبل مرات ومرات وحفظه عن ظهر قلب، واصبح يجيد تماما التفريق بين الحكومة والدولة، فهو وان عاني من ضعف الحكومة والظروف الاقتصادية الا انه يعلم أن هذه الحكومة ماهي الا خطوة في مسار استراتيجي اسمه مسار دولة الحرية وحكم القانون، وان تصحيح وتعديل وتقويم الحكومة تلو الحكومة حتى الوصول إلى الديمقراطية المستدامة هو الدرب الاستراتيجي لشعب السودان الذي لا تنازل عنه ولا تراجع، وان العودة مرة أخرى إلى عهد الانقلابات قد ولى بلا رجعة.
الفلول الذين مد لهم الثوار والحكومة حبال الصبر قد انكشفت لعبتهم، وانفضح مخططهم، وحان أوان استعادة هيبة الدولة وحزم الثورة وردع المتفلتين، والثورة منتصرة والشعب قاهر، والديمقراطية موعدنا الاكيد.
صحيفة السوداني