انقلاب أم تمويه؟
شمائل النور
استيقظ السودانيون صباح أمس على إعلان محاولة انقلابية فاشلة، تولى التصدي لها إعلامياً قادة المكون المدني في الحكومة الانتقالية، بل تولوا أمر الكشف عنها.
وبلغ الأمر أن بعضهم أرسل نداءات استغاثة بطلب حماية الانتقال بالخروج للشوارع والتصدي للمحاولة.
المتعارف عليه أن المحاولات الانقلابية يتصدى لها قادة الجيش، يخرجون للرأي العام ويوضحون ماذا يجري، لأنها تحرك عسكري. اللافت أن كل المحاولات الانقلابية التي حدثت بعد سقوط البشير، تُنشر أخبارها عبر التسريبات والمصادر، دون أن يخرج مسؤول رسمي يتحدث للناس، وعلى مستوى الشارع لا مظاهر تدل أو تشير إلى أن هذه البلاد تعيش انقلاباً عسكريا.
وربما هذا هو السبب الذي يجعل تعاطي الرأي العام مع هذه الأحداث بهزل وسخرية ولا مبالاة ناتج عن عدم مصداقية.
هل حقاً حدثت محاولات انقلابية حقيقية، أم هي مجرد تحركات وتململ وتمرد وسط الجيش، وُظفت لخدمة طرف ما، ثم كيف يتحدث القائد العام للجيش بهذه الطمأنينة والود خلال زيارته لسلاح المدرعات وهو للتو نجا من محاولة انقلاب عليه، بل كيف للانقلابيين أن يستطيعوا السيطرة على القيادة العامة لساعات دون إطلاق رصاصة واحدة، أم هو انقلاب سلمي؟
ولو فعلاً أن كل المحاولات التي أذيعت منذ سقوط البشير، حقيقية، فعلى قيادة الجيش ان تستقيل وتمضي لحال سبيلها.
وما مصير المحاولات السابقة، هل تمت محاكمة أحد؟ وهل سيحاكم الضباط المتورطون في محاولة الأمس؟
ثمة شيء ما، يتم التغطية عليه بهذه المحاولة التي فُتح لها الطريق معبداً، والأمر ليس بعيد عن الوضع الأمني الذي تعيشه البلاد وفي الشرق خاصة وليس هذا كله ببعيد عن انتقال رئاسة المجلس السيادي من المكون العسكري للمكون المدني.
الذي بات معلوماً عند بعض الدوائر الخاصة بالمدنيين أنهم ليسوا على استعداد كامل لانتقال الرئاسة إليهم، وليس لديهم رؤية واضحة لهذه العملية، أما المكون العسكري فهو جاهز ومستعد بسيناريوهاته المعلومة لكنه أيضاً متوجس وخائف، هذا الحديث متداول في تنويرات بعض أطراف السلطة لمنسوبيها.
الذي يحدث حالياً هو ظلال أزمة الانتقال والذي هو في قلب مساعي تحصين الفترة الانتقالية من أي ارتدادات، والطرفان، المدني والعسكري، كل يخشى ويتوجس من الآخر.
خيارات المكون المدني للانتقال لا تزال غامضة، غبر واضحة أو حتى لم تطرح بعد، وخيارات العسكريين تبدو انتحارية وبين هذا وذاك تأتي الصفقات.
صحيفة اليوم التالي