أحمد يوسف التاي يكتب: حينها لن ينفع الندم
(1)
لما يقارب المائة عام لم يمر السودان بأزمات سياسية واقتصادية وأمنية مثل التي تأخذ بتلابيبه اليوم ، الآن نحن السودانيون وبدون أية مبالغة وتهويل نقف على شفير هاوية نقترب من السقوط في دركها السحيق ، فهل كل السودانيين يعون خطورة هذا الوضع المتفجر..؟ وهل كل السودانيين يفكر في عواقب استمرار هذه الأزمات المتصاعدة ولا تحدثهم أنفسهم بما يجب فعله لإطفاء الحرائق.؟؟!!! للأسف الشديد السودان الآن يشتعل… حرائق في كل أركانه، وشرر يرقد تحت الرماد ويوشك أن يكون له ضرامُ…
(2)
المصيبة الكبرى أن من يقودون عربات الإطفاء هم من يشعلون أعواد الثقاب ويوقدون نيران الحرب عِوضاً عن الإطفاء ، وهل الحربُ إلا أولها كلام …. والمصيبة الأكبر أن الذين يمسكون بخراطيم المياه يسكبون الزيت على وميض النيران بدلاً عن الماء…. مهاترات وملاسنات وإساءات بين شركاء الحكم، ومرارات تطفو على فُقاعات الكلام والهواء الساخن الذي يخرج من “أجواف” جوفاء خالية من الحكمة والحنكة والأناة…
(3)
في الشرق تهدد قومية البجا بالانفصال وإعلان دولة البجا المستقلة ويصطف طائفةٌ من الناس مع الناظر ترك وأعوانه، وطائفةٌ أخرى مع مسار الشرق وأسامة سعيد وخالد شاويش، والطائفتان تضعان الحكومة بين قطبي الرحى … وفي دارفور يهدد حاكم دارفور “مناوي” رجل الدولة بالانفصال تلميحاً وتصريحاً ويقول الانفصال الاجتماعي قد وقع بالفعل … وقد هدد مناوي بتجاوز الحكومة المركزية في الخرطوم إذا استمرت فيما سماه ” التلكؤ” في تنفيذ بند الترتيبات الأمنية… ويتسق مع هذا التهديد ما قضى به اجتماع الفاشر الذي جمع مناوي وولاة دارفور الخمسة حيث قرر الاجتماع استعجال تنفيذ الترتيبات الأمنية حتى لو تم ذلك بمعزل عن الحكومة المركزية في الخرطوم… التهديد بتجاوز الحكومة المركزية يمكن أن يُفهم بأنه إعلان الاستقلال بإقليم دارفور بعيداً عن حكومة المركز؟…
(4)
وفي الشمال باتت الدعوة لقيام دولة البحر والنهر علنيةً جهيرةً… وفي جنوب كردفان يرهن عبد العزيز الحلو البقاء في سودان موحد بقبول العلمانية وإلا فتقرير المصير والانفصال… السودان الآن جاهز للتقسيم والفصل بين أجزائه… والأعداء المتربصون بثورته ووحدته يقعدون له كل مرصد، ويوشكون أن ينقضوا عليه كما ينقض الوحش الكاسر على فريسته…
(5)
رغم كل هذه المخاطر الأمنية التي تعرت أمام الجميع وتكشفت سوءاتها، والتي يراها الناس رأي العين إلا القادة الذين يتقدمون قافلتنا ويمسكون بالخطام من العسكر والمدنيين يغرقون في المهاترات والملاسنات والمخاشنات والسجال الفارغ ويصبون الزيت على نيران الفتنة التي تصاعد دخانها في كل الأطراف… وهنا نقولها بكل وضوح لكل أعضاء المجلس السيادي ورئيس الوزراء إن أقدارنا التعيسة وضعتكم في مقدمة الركب فأنتم مسؤولون عن كل ما يحدث لهذه البلاد وشعبها وثورتها المستهدفة الآن أكثر من أي وقت مضى، تحملوا مسؤولياتكم التاريخية افعلوا كما يفعل القادة العظماء، لا كما يفعل النشطاء ومراهقو السياسة في أركان النقاش بالجامعات ..القائد لا بد له من صبر طويل المراس وأناة وحكمة وتحمل، لا تحركه الإشارة ولا تستفزه كلمات خرجت عن الِّلياقة واللباقة، ولا ينتصر لذاته بل للحق والعدل وخير الناس، وتذكروا أن مهاتراتكم هذه هي شرارة الحريق الأعظم الذي لن يُبقي ولن يذر وحينها لن ينفع الندم … اللهم هذا قسمي فيما أملك…
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله ، وثق أنه يراك في كل حين.
صحيفة الانتباهة