الأعراف وسيادتها على المجتمع

نهى محمد الأمين أحمد
nuha25@yahoo.com
طالعت في إحدى مجموعات الفيسبوك النسوية الخاصة بالمشاكل، إحدى الشابات طرحت أن مشكلتها أن أمها في الثامنة والأربعين من العمر، تزوجت والدها وهي في الخامسة عشر وأنجبتهم في سن مبكرة هي وأختها، وكانت حياتها قاسية للغاية ومع ذلك تفانت حتى زوجتهما، توفي الوالد قبل عدة سنوات، تقدم لها شخص يطلب الزواج، وافقت هي وأسرتها، صاحبة المشكلة تقول إنها غير متقبلة لزواج أمها وزوجها أيضاً رافض لزواج نسيبته في هذه السن الكبيرة على حد قولها، هي مستنكرة تماماً رغبة أمها في الزواج وترى أنها لم تقع في موبقة، وأصلاً لماذا تتزوج، في طرحها تسأل ماذا تفعل لتمنع هذا الزواج الذي جعل لسان زوجها يطول عليها؟؟
للموضوع جانبان، كلاهما مثير للحفائظ، فهذه الشابة والتي اعترفت بلسانها بتفاني والدتها في تربيتها، وأنها لم تألُ جهداً ورضيت أن تعيش حياة قاسية مع والدها حتى توفاه الله، تستنكر، بل تشجب وتدين رغبة أمها في الزواج، وحقها الطبيعي في وجود شريك يلبي احتياجاتها، منتهى الأنانية! منتهى التركيز على الذات والجحود، لم تفكر في والدتها التي أضحت رهينة الوحدة وتحت رحمة زائرات لها قد يكرمنها بها أو يتعذرن بمسؤوليات الزوج والبيت..
هناك الكثيرات ممن يتزوجن في عمر والدتها للمرة الأولى، بل وينجبن، المرأة في هذا العمر تكون في أوج عنفوانها وقمة عطائها، فلماذا هذا الحكم الجائر؟؟
هذا من ناحية، من ناحية أخرى، لماذا يعلو صوت الأعراف ويصيب الصمم كل ما عداه؟
الزواج حق مشروع تبيحه كل الأديان، ولم يحدد له عمر معين، لماذا لا يتقبل المجتمع زواج الأرملة والمطلقة خاصة إذا كان لديها أبناء؟ يبدأ ترشيح زوجة للرجل الأرمل وتُربة زوجته الموتفاة لم تجف، في المقابل يطالب المجتمع المرأة بنذر نفسها لتربية الأبناء في حالة ترملها، ويستعيب زواجها، ويتم تقييمها على أنها لم تستوفِ الأمومة كما ينبغي، يعامل الرجل على أقصى النقيض تماماً، ويمنح جميع حقوقه وصلاحياته بالزيادة..
هل يتعارض قيام المرأة بواجبها كأم مع زواجها، أم إن الزواج قد يوفر لها استقراراً وأمناً يجعلها أكثر تفانياً؟
تساؤلات أتمنى أن أجد لها إجابة..
صحيفة اليوم التالي