مقالات متنوعة

يوسف السندي يكتب ملحمة ٢١ أكتوبر

اليوم سيسطر التاريخ ملحمة أخرى من ملاحم الشعب السوداني الباذخة في الثورة على العسكر والدكتاتورية والانتهازيين والفلول ، اليوم سيستعيد الشعب ذاكرة الفداء وأناشيد الفخار ، سيرتفع الهتاف الحر للسماء ، عاليا وجبارا ، هتاف شعب يعشق الحرية ويدمن المدنية .
اليوم سيكون يوما خالدا في سفر التاريخ الثوري للشعب السوداني ، سيكون يوما شبيها ب ٢١ أكتوبر ١٩٦٤م حين هب الشعب الجبار وأسقط الدكتاتور عبود ، يوما مطابقا ل ٦ أبريل ١٩٨٥م حين ثار الشعب واطاح بالسفاح النميري ، يوما ك ٦ أبريل ٢٠١٩م حين أطاح الشعب بالمخلوع عمر البشير ، يوما ك ٣٠ يونيو ٢٠١٩م حين أسترد الشعب الباسل كبرياءه ولقن عساكر المجلس العسكري درسا لن ينسوه طوال حياتهم . وايام هذا الشعب الخالدات لن تنتهي اليوم ، فهذا الشعب كطائر الفينيق كلما ظنوه مات ، نهض من الرماد وحلق في الفضاء .

اليوم سيلقن الشعب تيار الردة والشمولية درسا بليغا في احترام الثورة وتبجيل العدالة والخضوع للشعب الجبار . زلزال اليوم سيكون درسا ثانيا بليغا لعساكر المكون العسكري لعلهم يستيقنونه ، وسيكون درسا مؤلما لتحالف الموز والفلول ، وللاحزاب والإدارات الأهلية التي دعمت هذا الاعتصام الساعي لتفويض العسكر وقطع الطريق أمام المدنية .
لا صوت يعلو اليوم فوق صوت الشعب، اليوم من حق الجماهير ان تقرر كما تشاء في أمر ثورتها ، وفي أمر حكومتها الانتقالية ، وفي أمر المسار نحو المدنية عثرات متعددة واجهت هذا المسار ، وتبين معها أن العدو لم يعد هم الكيزان فقط ، وإنما هناك تيارات عديدة داخل جسد الشراكة واتفاقية السلام يعملون بجد واجتهاد من أجل إفشال الانتقال الديمقراطي وقطع الطريق أمام الدولة المدنية . هؤلاء يجب أن يقرر فيهم الشعب اليوم ويعلن قراره بكل شجاعة.

زلزال اليوم يجب أن يخرج بنهايات واضحة وان لا يكون مجرد مواكب وهتاف ، يجب ان تبت الجماهير في قضايا الثورة والانتقال ، اولا القرار في أمر هذه الشراكة فضها ام اصلاحها واستمرارها ، ثانيا إعلان المجلس التشريعي وإكمال هياكل السلطة ، ثالثا دمج جميع الحركات والمليشيات داخل الجيش وتحويله لجيش واحد ذو عقيدة قومية ، رابعا نشر نتائج التحقيق في مذبحة فض الاعتصام ، خامسا تسليم المخلوع والمجرمين للمحكمة الجنائية ، سادسا محاكمة قتلة الشهداء وسابعا تكوين مفوضية الانتخابات والاستعداد لقيام الانتخابات العامة في نهاية عام ٢٠٢٣م .
على قوى الحرية والتغيير ان تكاشف اليوم الجماهير في الميدان بما يحدث في دهاليز الحكم الانتقالي ، وان تترك للجماهير القرار، وتخضع لرأيهم ، ان كان رأي الجماهير ان تستمر الأحزاب في الحكم مع الإصلاح فلتستمر ، وإن كان رأي الجماهير أن تنسحب الأحزاب وتسلم الحكومة لكفاءات مستقلة ، فلتسلم الاحزاب الحكومة وتنسحب ، فالشعب هو السيد ، وما على قحت الا السمع والطاعة .

صحيفة السوداني