مقالات متنوعة

قواعد الأثر البيولوجي والأساس القانوني


فائز بابكر كرار
دليل البيولوجي Biological
Evidence
الدليل البيولوجي له أساس علمى او تقنى وواقع قانونى فى القدرة على الاثبات عند استخلاص نتائج الأثر البيولوجي وتحديد الدليل البيولوجي، وهذا الأساس له علاقة بالاثر المادي في كل ما يتم الاستناد عليه من خلال الحصول على الآثار البيولوجية ، ولكن يوجد فراغ تشريعي يمنع من تطبيق الاعتماد عليه عند بعض التشريعات.
القواعد البيولوجية biological bases
عبارة عن قواعد علمية وحقائق يتم استخلاصها وتفسيرها وفق ماتبنى عليه من ثوابت وأنماط موجودة في الكائنات الحية التي عادة ما تكون منفردة ومستقلة عن التماثل عند النتائج المستخلصة التى تفضى إلى ما يعرف بقواعد السمات البيولوجية (DNA).
فى ماذا تتمثل الأدلة البيولوجية؟ والى اى مدى يمكن أن تستخدم في الإثبات الجنائي؟
من الأدلة العلمية التي تحتوى على عينات عناصر بيولوجية ، تتمثل في شكل الدم واللعاب والحيوانات المنوية والشعر والأنسجة والعظام والأسنان، و سوائل الجسم الأخرى، وفي مسرح الجريمة قد توجد أنواع عديدة من الأدلة البيولوجية غير المذكورة، والتى يتم جمعها من مسرح الجريمة للمساعدة في الوصول الى مرتكب الجريمة، أو معرفة دوافع ارتكاب الجريمة وهوية مرتكبيها، ومعرفة الضحايا والجثث المجهولة والمفقودين .
علميا الدليل البيولوجي يفيد فى استخلاص الحمض النووي ، أو ما يعرف بالبصمة الوراثية(DNA ) من العديد من الآثار البيولوجية.
الأساس القانوني على اعتبار البصمة الوراثية وتحليل الدم والعظام والأسنان وسوائل الجسم الاخرى من الأدلة والقرائن المستخلصة فيما يعرف بالدليل العلمى .
علاقة البصمة الوراثية بالدليل العلمى المستخلص من الأثر البيولوجي في الإثبات الجنائي تتمثل في تحليل الأثر وإثبات علاقته بالبصمة الوراثية في عمليات البحث الجنائي عند تحديد هوية الضحايا ومرتكبي الجرائم ، والثابت أن الأدلة البيولوجية بكل ما تتمثل فيه وما توجد عليه فى مسرح الجريمة وجسم المجنى عليهم والجناة تعتبر ذات أهمية فى البحث والتحقيق الجنائي ، لكونها تحمل دلالات قاطعة وقوية تسهم فى تكييف الوصف القانوني للجرائم ،وربط الأشخاص بمسرح الجريمة ومعرفة هوية مرتكبيها وجمع الأدلة التى تحقق العدالة الجنائية، وإسناد المراكز القانونية للمشتبه فيهم بارتكاب الجريمة ومعرفة المجنى عليهم وتحديد هوية الجثث.
أن معرفة آثار الجريمة من منظور بيولوجي تهدف الى الدلالة والحصول على الأدلة الجنائية بغرض كشف الحقائق وبيان غموضها عند التحقيق، وتوفير الادلة الساندة والتعامل معها على أساس استخلاص علمى سليم يقوم على الحقيقة و المنطق والعقل والاقناع ليحوز على الحجية الثبوتية والاعتماد .
عند عملية استخلاص الدليل المادى والأثر المادي قد يكون هناك خلط وتداخل بين الدليل المادي والأثر الذي
يطلق عليه لغة بقية الشئ وما بقي من رسم الشيء ، وما اصطلح عليه كل ما يساعد فى كشف الحقيقة وإثبات وقوع الجريمة من علامات ظاهرة وغير ظاهرة تكون بمسرح الجريمة أو امتداده ،وقد تكون متعلقة بالمتهم أو المجنى عليه او مايسهم فى تتبع الجريمة وينتج تحديد هوية مرتكبيها، وهوية المجنى عليهم، وظروف ارتكاب الجريمة، بمعنى ان كل ما يمكن إدراكه بالحواس ،أو فحصه وتحليله بالوسائل العلمية الحديثة ليصبح مصدرا للدليل المادي الذي يعتبر حالة قانونية تنشأ من استنباط أمر مجهول من نتيجة فحص علمى وفنى لأثر مادي تخلف عن جريمة ،ويحمل خصائص ترابط تحقق هويته وذاتيته تستخلص من الآثار وتقود لمعرفة الجريمة وتحديد هوية مرتكبيها وكذا الاشتباه في الجثث المجهولة والمفقودين.
اختلاف الآثار البيولوجية عن الآثار المادية الأخرى في مسرح الجريمة يعود ذلك للطبيعة الحيوية للاثر البيولوجي الناتجة عن جسم الإنسان، والتي يمكن أن يستخلص منها دليلا ماديا يستفاد منه في الإثبات الجنائي، وأن مصدر هذا الاختلاف هو الفرق بين الأدلة المادية التقليدية والادلة العلمية الحديثة(الآثار البيولوجية ) التى يعتمد فى طرق استخلاصها تنقية الحمض النووي من الآثار البيولوجي التى تم أخذها وتحريز عينات وعناصر منها من مسرح الجريمة أو جسم المجنى عليه أو المتهم على طريقة الاستخلاص الجينى للبصمة الوراثية Genetic extraction of
a genetic fingerprint
ان كل ما يمكن أن يحصل عليه من مسرح الجريمة أو جسم المجنى عليه أو جسم المشتبه فيهم ومتعلقاتهم يمكن أن يحتوي على عينات بيولوجية متعلقة وتكون كافية لإجراء تحليل الأثر البيولوجي ، لذلك يعتبر الأثر البيولوجي اشمل واعم فى استنتاج العلاقة بين المشتبه فيه والجريمة ،وأيضا يمكن إيجاد العلاقة من خلاله بين المجنى عليه والجريمة.
تأمين استخدام الدليل العلمي البيولوجي
الدليل العلمي له دور كبير في الإثبات على مستوى كافة مراحل الإجراءات من خلال ما تقدمه النيابة الجنائية من أدلة قاطعة مبنية على أسس علمية و موضوعية ذات مصداقية، كما للدليل العلمي أهمية في البحث والتحقيق الجنائي وطبقا لنظرية إدموند لوكارد ” كل مجرم يترك فى غالب الاحيان دون علمه فى مكان ارتكاب جريمته آثار، ويأخذ على شخصه أو متعلقاته أو أدواته اثار اخرى ” وان استخدام الوسائل العلمية الحديثة تمكن من كشف هذه الآثار إذا أحسن التحقيق الجنائي استخدامها فى تصنيفها حسب نوعها ومصدرها ومكوناتها وظهورها .
التحقيق في مسرح الجريمة
العلوم الجنائية تحتاج لمتطلبات تمكن المختبرات الجنائية من تقديم الخدمات العلمية الحديثة في الإثبات الجنائي والتحقيق وإجراءات ما قبل المحاكمة، التى تؤخذ فيها اعتبارات الكفاءة وجمع الأدلة والقرائن وتحليلها وتفسيرها بغرض إعداد التقارير وجودة صياغتها لتتماشى مع أحكام القانون وتحقيق العدالة الجنائية.
ومن أهم العوامل الأساسية التي يجب أن تتوفر فى مسرح الجريمة لمعرفة ملابسات الحادث تتمثل في التوثيق وتحديد أماكن الآثار المادية وسلامتها لتحقيق النتائج المستخلصة منها وتنسيق تحليل الأدلة الجنائية.
من اهم المتطلبات مع المحافظة على سلامة الادلة لابد من التدريب على جمع الأدلة المادية التقليدية والادلة العلمية البيولوجية ومعرفة الإجراءات القانونية المتعلقة بالتشريعات (لا قيمة للدليل عند مخالفة الإجراءات الجنائية ).
إن تحديد الأدلة وتوثيقها والسيطرة عليها لضمان حمايتها خاصة فى قضايا القتل والإجراءات التي اتخذت لنقل الجثمان من مسرح الجريمة إلى الطب الشرعي لها أهمية بالغة فى قيمة الأثر البيولوجي والدليل المستمد منه .
من الإجراءات الجنائية التى تتخذ فى مسرح الجريمة للاستفادة من الأدلة المادية التقليدية والأثر البيولوجي تحديد مواقع اى اثر وتتبع الادلة وحماية الآثار البيولوجية واثار الادلة المادية الأخرى للسيطرة على الجريمة من خلال اكمال الفحص والتسجيل وجمع الادلة ورفع الآثار المادية(لاقيمة لتحقيق جنائي دون اسناد الادلة لمرتكبها وعلاقة الأثر البيولوجي بالمشتبه بهم ).
الأدلة البيولوجية أو الحيوية هى التى مصدرها جسم الإنسان والتي يمكن ضبطها فى مسرح الجريمة للاستفادة منها فى حصر الاتهام والإثبات الجنائي ، لذلك التعامل معها يحتاج لاستخدام الوسائل العلمية الحديثة لما لها من فائدة .
المحافظة على أمن الأدلة وتوثيقها يجب عند جمع الأدلة الجنائية ان توثق بشكل امن وإعداد البيانات والتقارير وتفاصيل معاينة مسرح الجريمة التى يجب أن تشمل جميع الآثار التى تم أخذها وتفاصيلها والمراجعات الفنية لأن مسرح الجريمة له إجراءات وبروتوكولات خاصة بالتحقيق لاسيما فى جرائم القتل والانتهاكات الجسيمة تعزز من قيمة الدليل المستمد منه من خلال إجراءات صحيحة ودقيقة تعطى نتائج تحليلية سليمة ومقنعة وتجد الاعتراف القانوني وإقناع المحكمة باعتبارها قرائن مترابطة تشد بعضها تفضي نتائج صادقة … باعتبارها ادلة مادية ملموسة مستخلصة من الآثار البيولوجية تم نقلها من الأشياء المتواجدة أثناء ارتكاب الجريمة من خلال عملية منهجية وعلمية مستخدمة لإنشاء دليل المادى مكتمل لمتطلبات التحقيق الجنائي ،واستخلاص دليل موضوعي يقدم نتائج صحيحة ،لذلك فإن الأساليب الواجب اتباعها في تسجيل وحفظ ورفع ونقل هذا النوع من الآثار له طبيعة خاصة ، وبقدر ما يطبق الأسلوب العلمي الصحيح في هذا الجانب، فان ذلك يخفف العبء عن خبراء المختبر الجنائي، ويسهل الوصول إلى الحقائق بأسرع وقت، وبأقل جهد.
يعتمد الإثبات بواسطة الأدلة العلمية على البحوث والتقارير العلمية و الخبرات التقنية.
يوجد فراغ تشريعي يمنع من تطبيق الاعتماد على الوسائل الحديثة في الإثبات الجنائي بالرغم من تأكيد استخدام الوسائل العلمية الحديثة فى تقليل ارتكاب الجريمة ومعرفة هوية مرتكبيها ودقتها فى كشف الحقيقة خصوصا عند استخلاص الأثر البيولوجي وتحقيق نتائج دقيقة وادلة مضمونه.
لابد من سد الفراغ التشريعى لاستخدام التقنيات الحديثة في الإثبات الجنائي.

صحيفة اليوم التالي