رأي ومقالات

نادية: قطرات من الأندلس.. شتاء بارد، حيوانات دافئة


بالأمس اشترينا شحنة ألبسة لأحصنتنا بالحظيرة، لذلك سأخبركم قصة:
في عصر الحضارة فكّر أجدادنا في كلّ شيء، حتى في الحيوانات، خاصة في فصل الشتاء القاسي عندنا جدا بالجنوب، جبال سييرا كثيفة الثلوج وصعبة، وقد كان جزء من بيت المال مخصصّ لإطعام الطيور المهاجرة، والحيوانات البرية، أما الحيوانات المستأنسة فكانت تُعامل معاملة خاصة أكثر لطفا، بيوت للقطط الشاردة والكلاب مع إطعامها وتطبيبها، أمّا الخيول فقد أخذت النصيب الأكبر، كانت مدلّلة أكثر وهي اليوم أيضا، العجوز منها يتمّ وضعه في بيوت ومزارع خاصة حتى يأتي أجله، أمّا القوية منها فتُعامل وكأنها بشر، حتى في فصل الشتاء، الخيول حيوانات ذكية وحساسة وراقية، تفهم كلّ شيء، وإن حُبِست في الشتاء في الحظائر فستفقد الكثير من طباعها، وربّما تموت حزناً، الحصان خلق ليعدو، ليسابق الريح، لا معنى لحياته إن لم يرى السماء، وهكذا بدأت الفكرة، فكرة تفصيل ملابس للأحصنة، ثم تعمّمت للحيوانات الصغيرة والكبيرة الأخرى، البقر، الخرفان، الماعز، القطط، الكلاب، وحتى الدجاج.

عند زيارة الأندلس اليوم، ستلاحظ أنّ الكثير من الأحصنة مرتدية ملابس جديدة دافئة وجميلة، إنه ليس حصان مخصّص لعرض هزلي، بل هي هكذا أحصنة الأندلس، عادة ورثناها من أجدادنا الأوائل، الحقيقة أنها انتشرت في كلّ أوربا، وأمريكا والخارج، وصارت هناك شركات ومصانع تتنافس في تقديم أزياء الأحصنة والحيوانات الأجمل والافضل، الفرق بين ما يحدث الآن وما كان في عهد أجدادنا، أنّ أجدادنا طبقوا تعاليم الإسلام اهتموا بالإنسان قبل الحيوان، أعطوا قيمة لكل شيء ، أمّا اليوم ففي غالبية الدول التي تدعي الحضارة أهملت الإنسان، أهملت الإنسانية، صار الحيوان يملك ويرث، ويتزوج البشر !؟

وأنا أكتب هذا المنشور وكأنّني أشاهد حصاني إسكندر يعدو في كلّ كلمة أكتبها، لقد توفي العام الماضي، إنه بنفس عمري لقد ولد معي، لكنه توفي قبلي، لقد صار في الثلاثين وهو عمر العجوز في مملكة الأحصنة، أمّا أنا فأحسّ أنني عجوز أيضا، نعم، جولة واحدة في حقول قرطبة مع إسكندر تتعلم الكثير وتستمتع بالكثير وتجعلك تحسّ أنك عشتَ ألف سنة. ولا غالب إلاّ الله.

(ولا غالبَ إلاّ الله)
“No hay vencedor sino Alláh”

🦋 Nadia Rafael ELKORTOB