مقالات متنوعة

تأثير فراشة الفيسبوك


محمد المبروك
ameen313@hotmail.com
* لعلك، عزيزي القارئ، تعلم أنّ الفيسبوك كان المنصة التي انطلق منها المتلاعبون الروس، نقراً على الكيبورد من موسكو، ونجحوا في التأثير على الانتخابات الأمريكية (2016) لصالح كفة ترامب وضد كفة هيلاري كلينتون. من موسكو إلى واشنطن، على بعد آلاف الأميال.
* بعد انكشاف الأمر، تعرضت شركة فيسبوك لحملة إعلامية ثقيلة اضطرتها لحذف آلاف الحسابات والصفحات التي يُحتَمَل أن الروس استخدموها في العملية. لخطورة الأمر، استدعى الكونغرس الأمريكي رئيس شركة فيسبوك للإدلاء بشهادته وتقديم دفوعاته وشرح التدابير الجديدة التي لجأ إليها فيسبوك لمنع تكرار الجريمة، وقد التزم مارك زوكربيرج في صفحته الرسمية، واستمر في نشر هذه التدابير التي لا يتسع المجال هنا لشرحها، يمكنك زيارة صفحته الرسمية للمزيد.
* وجهت السلطات القضائية الأمريكية، تلك الأيام، اتهامات لـ16 عميلاً روسياً، يُعتقَد أنهم جزء من طاقم الرئيس بوتين، وُجِّهَت لهم تهمة الوقوف خلف اختراق النظام الانتخابي الأمريكي.
والآن، هل أنت قادر على تَخيُل خطورة الفيسبوك حينما يتم توظيف إمكانياته غير المحدودة بشكل عملي ومنظم وفاعل؟ نفس الفيسبوك الذي لديك فيه حساب وربما لا تعرف حجم الورطة التي تورطتَ فيها.
* في 27 مايو 2021، أزال فيسبوك شبكة من الحسابات تستخدم ملفات تعريف وصفحات ومجموعات وهمية لتضخيم المحتوى المؤيد لروسيا في السودان.. ركز المحتوى في المقام الأول على الترويج لصورة روسيا كدولة صديقة للشعب السوداني، مع تصوير القادة البارزين في نفس الوقت على أنهم بيادق للولايات المتحدة، عملت الصفحات والملفات الشخصية على نشر قصص إيجابية عن روسيا، مع التركيز بشكل خاص على حزم المساعدات التي أرسلها رجل الأعمال الروسي يفغيني بريغوزين وتضخيم فوائد إنشاء قاعدة عسكرية روسية في بورتسودان. عزا فيسبوك الشبكة إلى أفراد شاركوا سابقًا في وكالة أبحاث الإنترنت التابعة لبريغوزين، والتي اشتهرت بجهود التدخل خلال الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2016. تضم الصفحات ما مجموعه 440.000 حساب مستخدم فردي على الرغم من وجود إداريين في صفحتين فقط في روسيا، إلا أن الصفحات التي تدار من السودان نشرت أيضاً محتوى مؤيداً لروسيا.
هذه الشبكة الروسية مجرد مثال واحد، إذ تتوفر لدينا عدة مؤشرات لوجود نشاط لكتائب إلكترونية أجنبية ومحلية تنشط في التايم لاين الوطني وهدفها جميعاً التلاعب بالرأي العام السوداني وتوجيهه نحو اتجاهات محددة. تتكون الكتائب الإلكترونية من عدد هائل من الحسابات الوهمية التي تتم إدارتها عبر أشخاص وتنشط في نشر أخبار مضللة وتحليلات ذات غرض محدد تهدف للتلاعب بالرأي العام المحلي وتوجيهه نحو أغراضها.
* هذه مجرد إشارات عابرة للتفكير حول تأثير الفراشة السيبراني، وكما ترى فهذه واحدة من التحديات المستجدة للأمن القومي في كل بلدان العالم وقد تمت تسميته “بالأمن السيبراني”، ومن ضمن الدول المستهدفة السودان بطبيعة الحال.
* إنها الدنيا الجديدة؛ عالم ما بعد العولمة، عالم حروب الجيل الرابع.

صحيفة اليوم التالي